غزة/رام الله 28 يونيو 2014 / اكتفى صخر ابو زيد الذي يدير متجرا للبقالة في حي الزيتون شرقي مدينة غزة بتوفير قوائم أساسية من بضائع شهر رمضان الكريم على غير عادته السنوية في المناسبة.
وابو زيد ليس وحده من أصحاب محال البقالة في قطاع غزة والضفة الغربية من قلل كميات السلع المعروضة للبيع عشية شهر رمضان لهذا العام، فالكثير منهم حذوا حذوه بسبب الركود الاقتصادي والتوتر الأمني الذي يشهده الفلسطينيون مع إسرائيل.
ويقول ابو زيد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه قلص شراء البضائع الخاصة بالشهر الفضيل لهذا العام إلى الحد الأدنى نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة.
ويعرض الرجل الأربعيني في متجره أنواعا محدودة من التمور والأجبان والألبان، ولا تبدو البضائع مكدسة فيه كما اعتاد الزبائن رؤيتها في هذا الموسم من كل عام، ويعزو ذلك إلى الضعف الحاد في المردود المادي لمتجره على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة وهو ما ألقى بظلال سلبية حادة على استعداداته لاستقبال شهر رمضان.
ويضيف بنبرات ساخطة " أغلبية ما نبيعه لا يتم بالدفع الفوري بل بالاستدانة، وأزمتا الرواتب والبطالة العالية منعتنا من مجرد طلب ديوننا من أجل التحضير الجيد لشهر رمضان ".
ويفرض على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه منتصف العام 2007 حصارا إسرائيليا مشددا لم ينته حتى بعد تشكيل حكومة وفاق فلسطينية في 2 يونيو الجاري بموجب اتفاق لتنفيذ آليات المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام بين وفد يمثل منظمة التحرير الفلسطينية وحماس في 23 أبريل الماضي.
وتسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بمعدلات قياسية من الفقر والبطالة وصلت إلى أكثر من 40 في المائة من مليون و800 ألف نسمة هم سكان القطاع يعتمد ثلثهم تقريبا على المساعدات.
وتطغى أجواء الركود على المشهد في سوق الزاوية القديم في غزة الذي عمد التجار فيه إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب المتسوقين.
ويصف أحد كبار التجار في السوق ويدعى عبد القادر ابو شعبان، الحركة التجارية قبل يوم من حلول شهر رمضان بأنها صعبة جدا بشكل غير مسبوق، لافتا إلى أن ما يوفره من بضاعة للعرض أكثر منها للطلب.
واعتبر ابو شعبان أنه من دون صرف رواتب الموظفين الحكوميين فإن الوضع الاقتصادي في غزة يبقى مشلولا بالنظر إلى معدلات البطالة العالية والتدهور الاقتصادي العام.
ولم يتلق 40 موظفا من حكومة حماس السابقة في قطاع غزة الشهر الجاري رواتبهم من حكومة الوفاق الفلسطينية بحسب ما كانوا يتوقعون أسوة بنظرائهم في السلطة الفلسطينية ما دفعهم إلى تنظيم احتجاجات أسفرت عن إغلاق البنوك بأمر من شرطة غزة لستة أيام.
وأعلنت حكومة الوفاق أنها شكلت لجنة لدراسة أوضاع موظفي حكومة حماس السابقة، مشيرة إلى أن الأمر سيستغرق نحو أربعة أشهر.
ويخشى موظفو السلطة من تكرار ذات السيناريو مطلع الشهر القادم في ظل استمرار الخلاف بين حكومة الوفاق وحركة حماس حول رواتب موظفي حكومتها السابقة، وكذلك آلية صرف مساعدات تعهدت بها دولة قطر لدفع الرواتب محل الخلاف بقيمة 20 مليون دولار لمدة ثلاثة أشهر.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي من غزة رامي عبده، ل(شينخوا) إن أزمة رواتب موظفي حكومة غزة السابقة تضر بـ 40 ألف عائلة مكونة في المتوسط من ربع مليون نسمة ومصالح اقتصادية مرتبطة بالرواتب الحكومية.
لكن الأخطر بالنسبة لعبده هو زيادة حالة اليأس الشعبي من خيبة الأمل في تحقيق تطلعاتهم عند إعلان المصالحة الفلسطينية واستمرار الأزمة الاقتصادية والمعيشية القائمة.
وإلى جانب صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية يؤثر التوتر المتقطع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل على استعدادات سكان غزة لشهر رمضان وأجوائه في ظل المخاوف من المزيد من التصعيد.
ولا يبدو الوضع أفضل حالا في الضفة الغربية في ظل حركة تسوق يقول التجار إنها محدودة من قبل المتسوقين مقارنة بالسنوات السابقة.
ويشكو التاجر محمد عصفور الذي يملك "ميني ماركت" للمواد التموينية وسط مدينة رام الله، من عدد محدود للمتسوقين وإقبال ضعيف على البضائع الخاصة بشهر رمضان قبل ساعات فقط من حلوله.
ويقول عصفور الذي يجلس خلف منضدة "إن الحركة على البضائع التموينية الخاصة في رمضان ما زالت عادية مثل الأيام السابقة، ولم تشهد إقبالا كبيرا أو تغيرا على حجم المبيعات".
ويرجع عصفور هذا الكساد وعدم الإقبال إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر فيه أهالي الضفة الغربية، وكذلك الوضع الأمني الصعب في ظل حملة اقتحام وتفتيش واعتقال يشنها الجيش الإسرائيلي على مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها بحثا عن ثلاثة إسرائيليين اختفت آثارهم في 12 من الشهر الجاري قرب مدينة الخليل.
ويقول الخبير الاقتصادي من رام الله طارق الحاج ل(شينخوا) إن العملية الإسرائيلية المستمرة تركت أثرا سلبيا على مختلف النواحي الاقتصادية في الضفة الغربية وجعلت من نقل البضائع عملية صعبة ومكلفة جدا.
ويضيف الحاج أن ذلك أثر على ارتفاع الأسعار الذي يدفع ثمنه المستهلك إلى جانب حالة الارتباك التي يواجهها الاقتصاد المحلي نظرا لضبابية المشهد والمخاوف من مزيد من التصعيد الميداني.
من جهته، يقول وكيل وزارة الاقتصاد في السلطة الفلسطينية تيسير عمرو، ل(شينخوا) إن الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية في شهر رمضان لا يختلف عن غيره من ناحية توفر المواد الاستهلاكية إلا أن يشهد تراجعا ملحوظا في القدرة الشرائية.
ويشير عمرو إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعمل ضمن محددات ومعيقات كثيرة بفعل ما تفرضه إسرائيل من قيود مشددة على حركة التجارة والتنقل للأفراد والسلع.
وبالنسبة إلى عمرو، فإن العملية الأمنية التي تشنها إسرائيل على مدن الضفة الغربية "تزيد الطين بلة وتلقي بظلالها السلبية على المواطن والحركة الاقتصادية عشية شهر رمضان".
ويؤكد عمرو أن الجهود الفلسطينية على المستويين الرسمي والأهلي تنصب في إدارة الأزمة القائمة للحفاظ على وضع اقتصادي يؤمن حياة كريمة للسكان وسط استمرار تراجع الآمال بحل جذري للأوضاع القائمة.
ويحل شهر رمضان لهذا العام بعد شهرين من انتهاء مهلة تسعة أشهر من مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في 29 أبريل الماضي دون التوصل لاتفاق وهو ما ينذر بالتصعيد في العلاقة بين الجانبين.
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn