بكين 15 أكتوبر 2022 (شينخوا) يقدم المؤتمر الوطني الـ20 المقبل للحزب الشيوعي الصيني ملخصا كاملا للإنجازات الكبرى للصين والتجارب القيمة التي اكتسبتها في مساعيها نحو الإصلاح والتنمية.
كما سيعمل المؤتمر على صياغة برامج عمل وسياسات شاملة لتحقيق أهداف التنمية الجديدة للصين في الرحلة المقبلة في العصر الجديد، والتطلعات الجديدة للشعب.
ويتابع العالم عن كثب كيف سيضع المؤتمر الوطني، الذي يستمر لأسبوع، خطة لنمو الصين، وكيف ستسهم البلاد بشكل أكبر في تعزيز السلام والتنمية العالميين.
-- الإنجازات في العصر الجديد
منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في 2012، حققت الصين إنجازات وتحولات تاريخية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما ساعد في نجاحها في تدعيم وتوسيع التحديث على النمط الصيني. وعلى مدار العقد الماضي، قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني في السعي نحو تحقيق هذا النجاح العظيم، الأمر الذي أظهر الحيوية القوية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
وفي إطار الإشادة بإنجازات الصين الكبرى خلال السنوات العشر الماضية، أعرب خبراء ومراقبون أجانب عن تطلعاتهم العالية للعب الصين دورا أكبر في الشؤون العالمية بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، والذي من المتوقع أن يكتب فصلًا جديدًا للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.
وقال سوليو ريوس، مدير مرصد السياسات الصينية في إسبانيا، إن العقد الماضي كان استثنائيا للغاية بالنسبة للصين، إذ حققت البلاد نجاحا كبيرا في تنميتها.
كما قال إن الصين نجحت في القضاء على الفقر المدقع، وحققت إنجازات ملموسة في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة، مشيرا إلى أنه مع تزايد أهمية دور الصين في الشؤون العالمية، فإن المجتمع العالمي لديه تطلعات كبيرة بشأن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني.
وقال إيكاتل لاثارو، الباحث في المركز المكسيكي للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، إن الصين في ظل قيادة الرئيس شي جين بينغ، أصبحت من البلدان التي لها تأثير مهم على التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الدولية في القرن الـ21.
وأضاف لاثارو أن القرارات التي سيتخذها المؤتمر الوطني الـ20 للحزب ستحظى بأهمية كبيرة للعالم أجمع، بما في ذلك أمريكا اللاتينية.
وقال راندي ألونسو، مدير موقع ((كوبا ديبات.سي يو)) الشهير، إن المؤتمر المقبل سيستعرض التجربة القيمة للحزب الشيوعي الصيني في حوكمة الدولة، مضيفا أن تلك التجربة ستساعد في بدء رحلة جديدة لنمو الصين ومواصلة الدفع باتجاه تحقيق التنمية العالمية.
وقال ألونسو أن رؤية الصين لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية ومبادرتي التنمية العالمية والأمن العالمي اللتين اقترحتهما البلاد، كلها ستلعب دورا مهما في التعاون الدولي والحوكمة العالمية.
وفي خضم استعراضه لإنجازات الصين في العقد الماضي، سلط تانغ تشي مين، مدير دراسات الصين-الآسيان في معهد بانيابيوات للإدارة في بانكوك، الضوء على تمسك الصين بفلسفة التنمية التي تركز على الشعب، وبالقضاء على الفقر لنحو 100 مليون من سكان الريف، وببناء أكبر نظام تعليمي في العالم، ونظام الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.
وأوضح تانغ أن تلك الإنجازات ساهمت في تقديم الصين كنموذج يحتذى به للدول النامية، مضيفا أن دول الآسيان، مع قرب انعقاد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، مهتمة للغاية بكيف سيحقق التقدم الاقتصادي والاجتماعي للصين في المستقبل المزيد من الثقة واليقين في التنمية العالمية.
-- تأثير إيجابي
سيضع المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني تصورا بشأن الخطة الاستراتيجية المكونة من خطوتين لبناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة، مع التركيز على تحديد المهام الاستراتيجية والمبادرات الرئيسية للسنوات الخمس المقبلة. ومن المتوقع أن يجلب المؤتمر المزيد من الفوائد لشعب الصين وبقية العالم.
قال الخبير الفرنسي في الشؤون الدولية برونو جيج إن الصينيين يبدون هادئين حتى إذا كانوا مشغولين للغاية، مضيفا "من وجهة نظري، أرى أن هدوء الشعب الصيني هو التعبير الملموس لنجاحهم المادي والروحي".
وتابع جيج قائلا إن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية تتماشى مع الظروف الوطنية للصين، مضيفا أنه سيركز على خطة الصين لمواصلة تعزيز التنمية عالية الجودة في المؤتمر الوطني المقبل.
وقال وليام جونز، رئيس مكتب واشنطن لنشرة مراجعة الاستخبارات التنفيذية الأمريكية، إنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم الآن اضطرابات كبيرة، فإن الصين تجلب الأمل للدول النامية من خلال البناء المشترك للحزام والطريق.
وأضاف جونز أن "مسار الصين بعد المؤتمر الوطني الـ20 المقبل للحزب الشيوعي الصيني سيكون حاسما في تحديد الاتجاه الذي سيسلكه العالم".
وقال لويس أنطونيو باولينو، الأستاذ بجامعة ساو باولو، إن العالم يتطلع إلى المؤتمر الوطني المقبل للحزب لأن الصين ستعمل بثبات على تعزيز تنميتها عالية الجودة والسعي بقوة من أجل تحقيق دولة حديثة قوية.
وفي الوقت نفسه، ستواصل رؤية الصين بشأن بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية ومبادرة التنمية العالمية تدعيم التحقيق المبكر لأجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وستواصل مبادرة الحزام والطريق دفع تحقيق التنمية والرخاء للدول النامية، بما في ذلك دول أمريكا اللاتينية، وفقا لما قال.
وقال جوزيف ماثيوز، وهو أستاذ بارز في جامعة بيلتي الدولية في بنوم بنه، إن المبادئ التوجيهية الجديدة التي سيكشف عنها بعد المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني ستشكل مستقبل الصين وستعزز أيضا تنمية العالم.
من مبادرة الحزام والطريق إلى رؤية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، قدمت الصين خطة واضحة من أجل التنمية العالمية، ما يكون له تأثير تحولي على كل من آسيا والعالم.
-- تقاسم فرص النمو
تواجه العولمة الاقتصادية رياحا معاكسة في ظل عالم اليوم، الذي يشهد تغيرات عالمية كبرى وجائحة كوفيد-19، وهما تحديان لم نشهد مثلهما منذ قرن من الزمان، كما دخل العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير.
وفي ضوء هذه الخلفية، يتوقع مراقبون أنه بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، سيعزز نمو الصين التعافي الاقتصادي العالمي وبناء اقتصاد عالمي مفتوح، ما يوفر فرصا جديدة للدول الأخرى.
وقال جان كريستوف إيسيو فون بفيتن، رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية للشرق والغرب في بريطانيا، إن ما أثار اهتمامه بالصين هو شغل الطلاب الصينيين وظائف بدوام جزئي في مصنع عائلته في فرنسا منذ عدة عقود.
ورأى بفيتن من موقعه كمراقب لفترة طويلة للشؤون الصينية، أن تنمية البلاد كانت عامل استقرار للاقتصاد العالمي لسنوات عديدة، وبالتالي سيكون للمؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني تأثير عميق ليس فقط على الصين، ولكن أيضًا على المجتمع الدولي.
وقال أليكسي ماسلوف، مدير معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية بجامعة موسكو الحكومية، إن العالم يولي اهتماما وثيقا لخطة العمل والسياسات الرئيسية اللتين سيجري صياغتهما في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، وهما على قدر كبير من الأهمية ليس فقط لتنمية الصين، ولكن أيضا للقضايا العالمية مثل أمن الغذاء وأمن الطاقة، حيث تعد الصين من أهم الأطراف المشاركة في تلك القضايا.
كان المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني موضع نقاش ساخن خلال فعاليات "المنتدى العالمي بشأن مستقبل الصين" الذي عُقد حديثا في سنغافورة.
وذكر تشن قانغ، مساعد مدير معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، في المنتدى إن الصين ستواصل جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز التجارة مع دول المنطقة.
وأوضح أن تنفيذ الصين لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة والجهود المبذولة لتدعيم انضمامها إلى اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، واتفاقية شراكة الاقتصاد الرقمي، هي إشارات واضحة على أن الصين ستواصل الاندماج في الاقتصاد الإقليمي لدفع نموها.
من جهته، سلط هانات بايسك، رئيس جمعية تعزيز التجارة القازاقية-الصينية، الضوء على مساهمة الصين في نمو الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنه منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، ارتفعت مشاركة الصين في الاقتصاد العالمي من 11.4 بالمئة إلى أكثر من 18 بالمئة، وظلت مساهمة البلاد في النمو الاقتصادي العالمي بشكل عام عند نحو 30 بالمئة.
وأضاف بايسك أن الصين وقعت وثائق تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع 149 دولة و32 منظمة دولية حتى شهر سبتمبر من هذا العام.
ومضى قائلا إن الصين طرحت مبادرتي التنمية العالمية والأمن العالمي، وعززت بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
ونوه إلى أنه يعتقد أن الصين ستواصل بعد المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، توفير ديناميكية لنمو الاقتصاد العالمي والمساهمة في التنمية والاستقرار العالميين.
-- الإسهام في الحضارة الإنسانية
يقف المجتمع البشري حاليا عند مفترق طرق، إذ يواجه تحديات غير مسبوقة. وفي ظل هذا الوضع الحرج، يتوقع مراقبون أن رؤى الصين وخبراتها بشأن حوكمة الدولة، التي سيجري تلخيصها في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، يمكن أن تقدم المزيد من الإلهام للعالم بأسره، ما يسهم بشكل أكبر في السلام والتنمية العالميين وتقدم الحضارة الإنسانية.
وقال تشارلز أونونايجو، مدير مركز الدراسات الصينية ومقره أبوجا، إن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني سيقدم خارطة طريق للعمل والسياسات الرئيسية بشأن النمو المستقبلي للصين، وهو أمر ذو أهمية كبيرة للتنمية العالمية والحوكمة العالمية.
وأضاف أونونايجو أن الدول النامية، بما في ذلك الدول الإفريقية، لديها تطلعات عالية للمؤتمر.
وقد سافر الخبير النيجيري إلى الصين العديد من المرات لحضور منتديات وندوات مختلفة، وبالتالي تمكن من مراقبة العلاقات بين إفريقيا والصين عن كثب.
كما أوضح أن سلسلة المبادرات، التي طرحتها الصين بشأن التعاون الدولي والحوكمة العالمية في السنوات الأخيرة، أثبتت استعداد الصين لمشاركة ازدهارها وتحمل المسؤولية كدولة رئيسية في العالم.
ووصف أونونايجو العلاقات الإفريقية-الصينية بأنها نموذج للعلاقات الدولية، قائلا إنه في الوقت الذي تواجه فيه التنمية العالمية تحديات مختلفة، فإن تعزيز التعاون بين إفريقيا والصين سيكون له أهمية للعالم.
طرحت الصين سلسلة من الأفكار والمقترحات والمبادرات الجديدة في السنوات العشر الماضية. إن الصين باعتبارها من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، تدافع بحزم عن النظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، وفقا لما قال أليستير ميتشي، الأمين العام لمجلس شرق آسيا البريطاني.
وأضاف ميتشي أن الصين شاركت بفعالية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ولعبت دورا مهما في مكافحة جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن الصين قدمت مساهمة إيجابية كبيرة في الحوكمة الاقتصادية العالمية من خلال قيادتها لإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وقال ميتشي أيضا إنه سيتابع بشدة المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني ليرى كيف يمكن أن تساعد الصين في المساهمة في الحوكمة العالمية.
وقال عبد العزيز الشعباني، وهو كاتب سعودي وخبير بالشؤون الصينية، إن رؤية الصين لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية تعزز التضامن والتنسيق بين الدول، مضيفا أن مبادرة التنمية العالمية تستجيب لنداء الدول النامية للتخلص من تأثير الجائحة في أقرب وقت ممكن والعودة إلى المسار الصحيح للتنمية، ما يعطي دفعة قوية للتعددية.
وأوضح الكاتب السعودي أنه يأمل في أن يواصل المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني تقديم مقترحات وأفكار بناءة ورائدة من أجل التنمية العالمية والتضامن الإنساني والتقدم البشري، حتى تتمكن المزيد من الدول من التعلم من التجربة الناجحة لحوكمة الحزب الشيوعي الصيني.
ورأى إيفاندرو إم دي كارفالو، رئيس مركز الدراسات البرازيلية-الصينية في كلية مؤسسة جيتوليو فارجاس للقانون، أن مبادرة التنمية العالمية سرعت من تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، وساعدت في خلق التضافر من أجل التنمية العالمية. كما أعرب عن تمنياته بالنجاح الكامل للمؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني.