تقرير اخباري: نقص الوقود في تونس يدخل يومه الثالث على التوالي

تونس 12 أكتوبر 2022 (شينخوا) تشهد محطات بيع الوقود في تونس ازدحاما لليوم الثالث على التوالي نتيجة نقص في مادة البنزين وسط تطمينات حكومية بتوافر كل مواد الاستهلاك بما في ذلك المحروقات.

وتواصلت اليوم مشاهد الطوابير الطويلة أمام محطات بيع الوقود، بينما تسعى السلطات الرسمية إلى احتواء تداعيات هذا النقص خاصة وأنه ترافق مع تسجيل تراجع ملحوظ في تزويد السوق بعدد من المواد الأساسية منها زيت الطهي والزبدة والحليب والسكر والمياه المعدنية.

وبدأ نقص الوقود في تونس في نهاية الأسبوع الماضي، حيث نفد البنزين العادي والرفيع من محطات بيع الوقود نتيجة تراجع واردات تونس من هذه المادة الحيوية، الأمر الذي أدى إلى تسجيل طوابير طويلة من السيارات امتدت لعدة كيلومترات في عدد من أحياء تونس الكبرى.

واضطر عدد من محطات الوقود التي لديها مخزون من هذه المادة إلى عدم السماح لأصحاب السيارات بتعبئة أكثر من 15 لترا فقط حتى تتمكن من الاستجابة بالحد الأدنى لحاجيات بقية السيارات التي لجأ أصحابها في بعض الأحيان إلى جرها للعودة إلى منازلهم.

وتُقر السلطات الرسمية بوجود نقص في مادة البنزين، لكنها لا تُقر بوجود أزمة، حتى أن وزيرة التجارة التونسية فضيلة الرابحي، قالت اليوم على هامش إشرافها على افتتاح الدورة الرابعة للمنتدى الاقتصادي التونسي-الليبي، إن كل مواد الاستهلاك متوفرة بما في ذلك المحروقات التي هي متوفرة بالكميات الكافية.

وأضافت أن "الحكومة حريصة على توفير كل المواد، أريد أن أطمئن المواطن بأن كل المواد متوفرة ونحاول توفير كل المواد بالكميات الكافية وندعو المواطن الى ترشيد الاستهلاك، ولا داعي للهفة".

لكنها استدركت قائلة إن "سبب ندرة بعض المواد الأساسية خلال الفترة الماضية هو الاضطراب المُسجل على مستوى الامدادات في السوق العالمية، وتونس من الدول التي تعول كثيرا على التوريد بالنسبة إلى عدد كبير من المواد الأساسية منها الزيوت والحبوب، وكذلك أيضا المحروقات".

وقبل ذلك، كان الرئيس التونسي قيس سعيد قد شدد خلال اجتماعه مساء أمس مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، على ضرورة استمرارية المرافق العمومية وعلى الدور الأساسي الذي يجب أن تضطلع به الإدارة في توفير حاجيات المواطنين بعيدا عن "افتعال الأزمات".

وقالت الرئاسة التونسية في بيان، إن الرئيس قيس سعيد شدد أيضا خلال هذا الاجتماع على "ضرورة التحسب في الوقت المناسب لأي أزمة، سواء كانت حقيقية أو مفتعلة"، وعلى "ضرورة ترشيد النفقات، ومواجهة كل التجاوزات مهما كان مأتاها".

وتأمل السلطات التونسية في تجاوز هذا النقص، حتى أن وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي، كانت قد توقعت في تصريحات سابقة أن يعود توزيع الوقود إلى نسقه الطبيعي ابتداء من يوم الاثنين القادم.

وأوضحت الوزيرة، في تصريحات بثتها إذاعة ((موزاييك أف أم)) المحلية التونسية، أنه سيتم تزويد مستودعات تخزين الوقود بـ 5300 متر مكعب من المحروقات، فضلا عن وصول مُرتقب خلال الشهر الحالي لثلاث بواخر محملة بكمية من المحروقات تُقدر بـ 90 ألف طن.

ومع ذلك، تباينت ردود فعل المواطن التونسي إزاء هذا النقص، حيث قال صالح بن ساسي (49 عاما)، وهو موظف بوزارة الفلاحة، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه اضطر لأن ينهض باكرا والذهاب إلى محطة بيع الوقود القريبة من حيه في منطقة "الوردية" بجنوب تونس العاصمة عله يظفر ببضع لترات من البنزين حتى يتمكن من الذهاب إلى العمل.

وتابع "كما ترى لست وحدي الذي أتى باكرا، أنظر إلى هذا الطابور، لست أدري ما إذا كنت سأحصل على نصيبي من البنزين أم لا، فعلا الوضع أصبح مُزعجا للغاية خاصة وأن هذا النقص في الوقود يُضاف إلى نقص في عدة مواد استهلاكية أخرى".

وبدا صالح بن ساسي متفائلا نسبيا بإمكانية تجاوز هذا الوضع، قائلا إنه لا يُشكك فيما تقوله الحكومة التي وعدت بتزويد السوق بكل المواد الناقصة مع بداية الأسبوع القادم.

وقالت فاطمة اليحياوي، وهي أستاذة تعليم ثانوي، لم تتردد في القول لـ ((شينخوا)) إنها لم تلتحق بالمعهد الذي تُدرس فيه لليوم الثاني على التوالي، بسبب خلو سيارتها من البنزين، الأمر الذي حال دون ذهابها إلى المعهد الذي يبعد عن محل سكناها مسافة طويلة نسبيا.

وساهمت تصريحات سابقة للأمين العام لنقابة النفط التابعة لاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) سلوان السميري، حول تراجع المخزون الاستراتيجي لتونس من الوقود، في ارتفاع الأصوات المحذرة من انعكاسات ذلك على مُجمل حركة النقل في البلاد.

واعتبر السميري، في تصريح نقلته عنه يوم أمس (الثلاثاء) وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن "الإشكال المتعلق بالتزود بالمحروقات، يعود أساسا إلى انخفاض المخزون الاستراتيجي من المحروقات وغلاء الأسعار العالمية".

غير أن وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي، نفت أن يكون مخزون البلاد من المحروقات قد شارف على نهايته، لكنها لفتت في تصريح بثته اليوم إذاعة ((موزاييك أف ام)) إلى أن "إكراهات المالية العمومية معلومة للجميع، لكن التعليمات على مستوى الحكومة هي أن تكون الأولوية للأمن الطاقي والغذائي"، على حد تعبيرها.

وتشهد أسعار النفط في السوق العالمية ارتفاعا ملحوظا، حيث يتوقع محللون أن ترتفع هذا الأسعار مجددا خلال الفترة القادمة، خاصة بعد إعلان مجموعة "أوبك بلس" عن قرار يتعلق بخفض إنتاجها من النفط بنحو مليوني برميل يوميا بدءا من أول شهر نوفمبر القادم.

ويُنتظر أن ينعكس ذلك سلبيا على تونس باعتبار أن موازنتها العامة للعام 2022 بُنيت على تقديرات بأن يكون سعر البرميل الواحد من النفط في حدود 75 دولارا، ما يعني أن أي ارتفاع لهذا السعر سيُعمق عجز ميزان الطاقة لتونس.

وكانت الوزيرة نائلة نويرة القنجي، قد أقرت في تصريحات سابقة بأن بلادها تواجه "عجزا هيكليا في ميزان الطاقة"، مشيرة في هذا الصدد إلى تضاعف دعم الطاقة حوالي ثلاث مرات من 2.9 مليار دينار (928 مليون دولار) إلى 8 مليارات دينار (2.5 مليار دولار).

وتشير بيانات صادرة عن معهد الإحصاء الوطني التونسي (مؤسسة حكومية)، إلى أن العجز التجاري لقطاع الطاقة بلغ 4.2 مليار دينار (1.31 مليار دولار) ما يمثل 36% من إجمالي العجز التجاري للبلاد بنهاية النصف الأول من العام الجاري، مقابل 2.2 مليار دينار (687.5 مليون دولار) في نفس الفترة من العام الماضي.