تعليق: تحالف"الرقائق الرباعي" .. تداعيات استجابة كوريا الجنوبية لـ " الوعِيد " الأمريكي

وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية، حددت الولايات المتحدة من جانب واحد 31 أغسطس كموعد نهائي لتقديم كوريا الجنوبية إجابتها النهائية حول ما إذا كانت ستنضم إلى التحالف. ولكن، حتى الآن، لم يصدر الجانب الكوري الجنوبي بيانًا واضحًا، وإنما أكد مرارًا وتكرارًا عن مصالحه الخاصة وأهمية السوق الصينية لصناعة الرقائق في كوريا الجنوبية.

المخطط الأمريكي الطويل الأمد

أساءت الحكومة الأمريكية استخدام الوسائل الإدارية في السنوات الأخيرة، لمواصلة تعطيل التجارة العادية والمنافسة في أشباه الموصلات ومجالات التكنولوجيا الأخرى. ففي 25 أغسطس، وقع الرئيس الأمريكي بايدن أمرًا تنفيذيًا لتطبيق "قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم لعام 2022". ويبلغ إجمالي قيمة الفاتورة 280 مليار دولار أمريكي، وتهدف إلى جذب شركات أشباه الموصلات لإنشاء مصانع في أمريكا بدعم استثماري، ومنع شركات أشباه الموصلات من زيادة الإنتاج في الصين عن طريق تقييد استحقاق الإعانات. وفي وقت مبكر من شهر مارس من هذا العام، بدأ الرئيس الأمريكي بايدن في سحب الشركات المصنعة للرقائق في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان الصينية، وطرح فكرة تشكيل ما يسمى "تحالف الرقائق الرباعي" بشكل مشترك.

إن "الرقائق الرباعي" تخطيط مهم للاستراتيجية الجيو-اقتصادية للولايات المتحدة. قال ليو مينغ، الباحث في معهد الدراسات الدولية في أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية، في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية إن الولايات المتحدة تحاول تشكيل "دائرة صغيرة" لكبح زخم التنمية في الصين في مجال أشباه الموصلات واستبعاد الأخيرة من سلسلة صناعة أشباه الموصلات. ومع ذلك، تحتل الصين موقعًا مهمًا في سلسلة صناعة الرقائق العالمية، وشبكة الحصار التكنولوجي التي فرضتها الولايات المتحدة هشة بالفعل، لذا فهي حريصة على كسب دول آسيا والمحيط الهادئ لتشكيل قوة لاحتواء الصين.

هل كوريا الجنوبية في ورطة؟

وفقا لتقارير وسائل الإعلام الكورية الجنوبية، أبلغ وزير الخارجية الكوري الجنوب بارك جين الجانب الصيني خلال زيارته الأخيرة في أغسطس هذا العام، بخطة حكومة كوريا الجنوبية للمشاركة في الاجتماع التشاوري التحضيري لـتحالف الرقائق الرباعي. كما قال الجانب الكوري الجنوبي، إن الانضمام إلى تحالف الرقائق ليس بأي حال من الأحوال عملًا ضد الصين، ويمكن لكوريا الجنوبية أن تلعب دور الجسر مع الصين من خلاله.

"تحاول كوريا الجنوبية الحفاظ على توازن دقيق بين الصين والولايات المتحدة." يعتقد ليو مينغ أن كوريا الجنوبية قد تضطر في الوقت الحالي للانضمام إلى التحالف تحت ضغط من الولايات المتحدة. ولكن في الوقت نفسه، تمتلك شركات الرقائق الكورية الجنوبية مصالح استثمارية واسعة في الصين، كما أن الصين هي أهم سوق تصدير لصناعة الرقائق في كوريا الجنوبية، ولا تأمل الأخيرة أن يُمنح لـ "التحالف" لونًا جغرافيًا أكثر من اللازم. ومن المتوقع أنه أثناء التعاون مع فاتورة الرقائق الأمريكية، ستبذل كوريا الجنوبية قصارى جهدها للحفاظ على المصالح الأساسية للاستثمار والارتقاء بصناعة أشباه الموصلات في الصين، والحفاظ على استقرار العرض والطلب في نظام سلسلة التوريد بين الصين وكوريا الجنوبية، والذي يرتبط بشريان الحياة الاقتصادي لكوريا الجنوبية.

وفقًا للبيانات الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية، بلغ العجز التجاري لكوريا الجنوبية في أغسطس هذا العام 9.474 مليار دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى في 66 عامًا من الإحصاءات ذات الصلة. وذكرت محطة تلفزيون "جي تي بي سي" الكورية الجنوبية أن العجز التجاري غير المسبوق نتج بشكل رئيسي عن انخفاض حصة صادرات أشباه الموصلات، والتي تعد المصدر الرئيسي لإيرادات الصادرات لكوريا الجنوبية. كما أوضحت حكومة كوريا الجنوبية سابقًا أن التعاون مع الولايات المتحدة في مجال أشباه الموصلات سوف يقوم على مبدأين: أولاً، ضرورة ألا تتضرر تجارة كوريا الجنوبية مع الصين. ثانيًا، ضرورة أن يحترم جميع الأطراف المعنية مبدأ الصين الواحدة.

إمكانية تعطل السلسلة الصناعية العالمية

"تأثر كوريا الجنوبية في جوانب عدة، بمجرد الانضمام لتحالف "الرقائق الرباعي". أشار ليو مينغ إلى أن تحالف الرقائق هو "تحالف اقتصادي" يستهدف الصين بوضوح، وإذا كانت الولايات المتحدة غير مستعدة لتقديم تنازلات مع كوريا الجنوبية، فسوف يقوض الاستقلال الاقتصادي لكوريا الجنوبية ويهدد تنميتها الصناعية. وإن قبول كوريا الجنوبية شروط الولايات المتحدة كاملة سيؤثر على تجارتها مع الصين، وستعاني من نكسة كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يعتمد على دور الصين، فإذا عارضت كوريا الجنوبية الأخيرة بانضمامها إلى الحلف، فإن الوضع لن يفيد شبه الجزيرة الكورية.

في الواقع، لن يكون لـتحالف الرقائق الرباعي تأثير سلبي على كوريا الجنوبية فحسب، بل على السلسلة الصناعية العالمية أيضًا. وأشار المحللون إلى أن صانعو الرقائق بما في ذلك شركة "تي إس إم سي" قد يواجهون مخاطر التدفق التكنولوجي وفقدان الحافة الرائدة في تصنيع الرقائق، إذا تعاونوا مع الولايات المتحدة بشكل يتجاوز المطلوب.

"سوف يتسبب إنشاء تحالف الرقائق الرباعي في حدوث اضطراب في سوق أشباه الموصلات العالمي". قال ليو مينغ، إن تقسيم العمل والتعاون في مجال الرقائق في مناطق مختلفة من العالم قريب جدًا ودقيق، ومن الصعب استبدال سلسلة صناعة الرقائق الكاملة في الصين على المدى القصير. وبالأخص: أولاً، تقييد الاستثمار في التصدير إلى الصين سيؤدي إلى تدمير التقسيم الدولي الحالي للعمل، مما يؤدي إلى إعادة التركيب القسري للسلاسل الصناعية في المنبع والمصب. ثانيًا، مشكلة النقص العالمي في الرقائق أصبح بارزا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى خفض الإنتاج على نطاق واسع في صناعة السيارات والصناعات الأخرى، حيث يتم إنتاج عدد كبير من هذه الرقائق في الصين، وسيؤدي كبح قدرة الصين الإنتاجية أو صادراتها إلى تفاقم النقص العالمي في الرقائق. ثالثًا، إنشاء تحالف الرقائق سيؤثر على التعاون الاقتصادي في شمال شرق آسيا، ويقوض الثقة الاقتصادية المتبادلة التي أنشأتها مختلف الأطراف في المنطقة من خلال آليات التعاون المختلفة.

واختتم ليو مينغ قائلاً: "تعتمد العولمة الاقتصادية على التخصيص الفعال للموارد من قبل السوق، والتدخل السياسي سيضر بالثقة المتبادلة بين الشركات ويؤدي إلى فوضى السوق".