رام الله 26 يوليو 2022 (شينخوا) نفذت السلطات الإسرائيلية اليوم (الثلاثاء) عمليات هدم طالت منزلين لأسيرين فلسطينيين ومنشآت وممتلكات في الضفة الغربية، وسط تنديد ورفض فلسطيني وتحذيرات من تكثيفها في ظل غياب أي تدخل دولي فاعل لوقفها.
وهدمت آليات إسرائيلية صباح اليوم عددا من المنشآت التجارية قرب حاجز "الجلمة" العسكري شمال مدينة جنين في الضفة الغربية بحجة قربها من الحاجز والبناء دون ترخيص، بحسب ما أفاد رئيس مجلس قروي الجلمة أمجد أبو فرحة.
وقال أبو فرحة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الآليات الإسرائيلية هدمت المنشآت التي تقع على جانبي الطريق المؤدي للحاجز دون سابق إنذار، مشيرا إلى أنها مصدر الرزق الوحيد لأصحابها.
وأوضح أبو فرحة أن السلطات الإسرائيلية هدمت قبل شهر محلات تجارية في المنطقة، وأزالت عددا من بسطات الخضار، وأخطرت بهدم 5 منشآت تجارية قرب الحاجز العسكري.
كما هدمت الآليات الإسرائيلية 9 عرائش في جبل "الهردش" تقطنها عائلات فلسطينية بدوية غرب مدينة الخليل.
وقال عضو لجنة الدفاع عن الأراضي سليمان جعافرة، للصحفيين في المكان إن هدم العرائش يأتي ضمن خطة ممنهجة تستهدف المنطقة وترحيل سكانها لصالح التوسع الاستيطاني.
وأوضح جعافرة أن الخطة تأتي بدعم من الحكومة الإسرائيلية للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية، بهدف خلق واقع استيطاني جديد على حساب أراضي الفلسطينيين، مؤكدا أن سكان المنطقة لن يرحلوا منها وسيصمدوا عليها.
وفي السياق، هدمت السلطات الإسرائيلية منشأة زراعية وبيتا متنقلا، وجرفت طريقا زراعيا غرب مدينة نابلس، بحسب ما أفاد مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس.
وقال دغلس ل(شينخوا) إن السلطات الإسرائيلية هدمت منشأة زراعية بمساحة 150 مترا، وبيتا متنقلا وجرفت طريقا زراعيا وأغلقته بالسواتر الترابية غرب نابلس، وسط اندلاع مواجهات في المنطقة دون وقوع إصابات.
ولم يصدر أي تعقيب إسرائيلي على عمليات الهدم، في وقت يشكو الفلسطينيون من صعوبة الحصول على تراخيص للبناء في مناطق (ج) من الضفة الغربية وشرق القدس، بسبب ما يصفوها بشروط "تعجيزية" تضعها إسرائيل لذلك.
وتقسم الضفة الغربية وبلدات في شرق القدس حسب اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية العام 1993، إلى ثلاث مناطق الأولى (أ) وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة والثانية (ب) وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية وإدارية فلسطينية، والثالثة (ج) وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية، فإن السلطات الإسرائيلية هدمت أو صادرت أو أجبرت السكان على هدم 51 مبنى في القدس الشرقية والمنطقة (ج) من الضفة الغربية بحجة عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية.
وجرت عمليات الهدم في الفترة من 28 يونيو الماضي إلى 18 يوليو الجاري، وشملت مباني ممولة من دول مانحة، وأدت لتهجير 40 شخصا من بينهم أطفال وتأثر سبل عيش حوالي 500 آخرين، وفق المكتب.
كما فجر الجيش الإسرائيلي وهدم اليوم في بلدة "قراوة بني حسان" غرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية منزلين لأسيرين فلسطينيين يتهمهما بقتل مستوطن في عملية إطلاق نار قبل 3 أشهر.
وقال إبراهيم عاصي رئيس بلدية قراوة بني حسان ل(شينخوا) إن قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحمت البلدة ترافقها جرافة وحاصرت منزل الأسير يوسف عاصي (20 عاما) وقامت بهدمه.
وأضاف عاصي أن القوات الإسرائيلية توجهت لاحقا إلى منزل الأسير يحيي مرعي (19 عاما) في البلدة نفسها وأجبرت القاطنين قربه على إخلاء منازلهم ثم قامت فرق هندسية بتفجيره.
وأوضح عاصي أن المنزل الأول مكون من طابقين بمساحة 250 مترا مربعا ويقطنه 10 أفراد، بينما الثاني مكون من 4 طوابق بمساحة 450 مترا مربعا ويقطنه عدد من الأشخاص بينهم أطفال ونساء.
واندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي خلال وبعد عمليتي التفجير والهدم، حيث أطلقت القوات الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز والصوت، ما أدى لوقوع عدد من الإصابات بالاختناق.
من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن قوات الجيش دمرت منزلي الفلسطينيين اللذين نفذا عملية إطلاق النار قرب بلدة "آرئيل" في سلفيت نهاية ابريل 2022، ما أدى إلى مقتل حارس أمن.
واعتقلت قوات إسرائيلية عاصي ومرعي من منزليهما في بلدة "قراوة بني حسان" بعد يوم من تنفيذ عملية إطلاق النار التي أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المسؤولية عن تنفيذها، ولاحقا قامت الفرق الهندسية بإجراء مسح هندسي للمنزلين لتنفيذ الهدم.
وقال محمد مرعي صاحب المنزل ل(شينخوا) إن القوات الإسرائيلية أمهلت العائلة 5 دقائق لإخلاء المنزل وهي لا تكفي لإلقاء "نظرة الوداع" الأخيرة عليه.
وأضاف مرعي وعلامات الحزن والقهر بادية على وجهه، وهو يقف على أنقاض منزله "خرجت العائلة من المنزل وبقيت الذكريات معلقة على جدرانه".
بدوره، قال سميح عاصي الذي طالت عملية الهدم منزله أيضا، إن الخطوة الإسرائيلية لن تثني العائلة عن الدفاع عن ممتلكاتها، وأنها ستعيد بناء المنزل مرة أخرى مهما كلفهم ذلك من ثمن.
وأوضح عاصي بينما يقف على أنقاض المنزل المدمر الذي رفع عليه الأعلام الفلسطينية ل(شينخوا) أن القوات الإسرائيلية سلمت عائلته إخطارا بإخلاء المنزل تمهيدا لهدمه قبل حوالي شهر، وأمهلتها مدة 7 أيام فقط، بينما كان يقبع في السجون الإسرائيلية.
وأدان محافظ سلفيت في السلطة الفلسطينية عبد الله كميل، هدم الجيش الإسرائيلي للمنزلين، معتبرا ذلك عقوبة جماعية للأهالي والأطفال والنساء الذين أصبحوا في العراء دون مأوى.
وقال كميل لـ(شينخوا) إن السلوك الإسرائيلي يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، مشيرا إلى عدم وجود أي دولة تقوم بهدم منازل عائلات في العالم سوى إسرائيل بهدف الضغط على الفلسطينيين.
في سياق قريب، هدمت السلطات الإسرائيلية، مقهى على مفترق بلدة "يعبد" جنوب غرب جنين شمال الضفة الغربية للمرة الرابعة على التوالي بحجة عدم الترخيص.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية عمليات مصادرة الأراضي وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية في عموم الضفة الغربية المحتلة.
وقالت الوزارة في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه إن الممارسات تترافق مع حملة تضليل إسرائيلية لإزاحة البعد السياسي التفاوضي للصراع وطرق حله، واستبداله بمفاهيم من شأنها تكريس الاحتلال والاستيطان، وكسب المزيد من الوقت لاستكمال ضم الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وطالب البيان بضغط دولي حقيقي لإجبار إسرائيل على الانخراط في عملية سلام ومفاوضات جادة وفقاً لمرجعيات السلام الدولية، ووقف هروبها المستمر من استحقاقات الحل السياسي التفاوضي للصراع، وعدم إعطائها مزيدا من الوقت لوأد فرصة تطبيق حل الدولتين.
ولاقى تفجير وهدم المنزلين تنديدا ورفضا من قبل فصائل فلسطينية.
واعتبرت حركة حماس في بيان أن هدم منزلي عاصي ومرعي "إرهاب دولة وعقاب جماعي لا يضعف عزيمة الشعب الفلسطيني".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن هدم المنازل محاولة بائسة لاستعادة الجيش الإسرائيلي صورته المنهارة أمام المقاومين الفلسطينيين، مؤكدة أن هذه السياسة "لن تنال من روح المقاومة المشتعلة في كل مدننا وقرانا".
كما اعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ما جرى "جريمة تطهير عرقي تضاف إلى سجل الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وأرضه وحقوقه الوطنية".
ودعت الجبهة في بيان الأمم المتحدة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته والضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وعادة ما تهدم السلطات الإسرائيلية منازل الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات تسفر عن قتل إسرائيليين الأمر الذي يقابل بتنديد وانتقاد من قبل مؤسسات فلسطينية تعنى بحقوق الإنسان.