تعليق: هل يتجه العالم نحو حرب البذور؟

تخوض روسيا التي تقع تحت وطأة العقوبات الغربية، حربا من نوع آخر مع الغرب الآن، تعرف بـ "حرب البذور". حيث هدّدت شركات البذور الغربية على رأسها شركة باير الألمانية بوقف تزويد روسيا بالبذور ابتداء من العام المقبل. وعلى الرغم من أن روسيا، تعد من أكبر منتجي الحبوب في العالم، إلا أنها لاتزال تواجه مشكلة التبعية إلى الغرب في مجال البذور، وهو ما يمثل ناقوس خطر لتنبيه العديد من الدول الأخرى.

وتوصف البذور بأنها في مقام "الرقائق الإلكترونية" في مجال الزراعة، حيث تحوّلت في الوقت الحالي إلى سلاح جديد لحرب من نوع آخر.

وأشار خبراء في مقابلة مع "صحيفة غلوبال تايمز" إن البذور الصينية تستخدم في الأرز والقمح وفول الصويا والحبوب الأخرى، ولكن لا تزال هناك بعض المحاصيل التي تعتمد على الواردات، بما في ذلك الحمضيات والتفاح والفراولة وغيرها.

في هذا الصدد، قال وانغ ليرونغ ، الباحث في معهد أبحاث أشجار الفاكهة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية ورئيس البنك الوطني لموارد الأصول الوراثية البستانية، إن الأصناف المحلية والأصناف المستزرعة محليا والأصناف المستوردة في الصين تمثل على التوالي 30٪ و 30٪ و 40٪ من مساحة زراعة الأشجار المثمرة في الصين. لكن لا تزال الحصة السوقية للأصناف الأجنبية المدخلة أعلى، مثل التفاح والعنب وأنواع الأشجار الأجنبية الأخرى، إذ تتراوح الحصة السوقية للأصناف الأجنبية المدخلة ما بين 50٪ و90٪.

وفي ذات السياق، قال البروفيسور قونغ رونغ قاو، نائب عميد كلية البستنة بجامعة سيتشوان الزراعية، إنه على الرغم من وفرة الموارد الوراثية المحلية للفاكهة، إلا أن هناك فجوة بين تربية الأصناف الجيدة والدول الأجنبية، على غرار الكيوي.

وتشير المصادر بأن فاكهة الكيوي قد نشأت في الصين. ثم تم إدخالها إلى نيوزيلندا في أوائل القرن العشرين، نجحت مؤسسات البحوث الزراعية المحلية في زراعة أصناف مناسبة للتسويق وأعادت تسميتها بـ "فاكهة الكيوي"، لتصبح واحدة من أكثر منتجات التصدير شهرة في نيوزيلندا.

وأظهر تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة أبحاث السوق الدولية "ريسيرش اند ماركت"، أن الشركات الغربية، على غرار شركة موسانتو الأمريكية، ونونهيمس وريكسوان الهولنديتين، هي التي تتحكم في سوق البذور العالمي.

وأشار قونغ رونغ قاو إلى أن إدخال أصناف الفاكهة عالية الجودة من الخارج بات أكثر فأكثر صعوبة، وبدأت جميع البلدان تتخذ إجراءات لحماية حقوق الملكية الفكرية للبذور من خلال التشريعات أو وسائل أخرى. وهذا لن يؤدي إلى زيادة تكاليف إدخال الأصناف الأجنبية فحسب، بل قد يؤدي أيضًا إلى رفع دعاوى قضائية إذا تم زراعة أصناف غير مصرح بها في الخارج وبيعها إلى الأسواق الخارجية.

على سبيل المثال، قامت اليابان بإصدار "قانون البذور والشتلات" في أبريل من العام الماضي، لمنع تدفق الأصناف اليابانية الممتازة نحو الخارج، والسعي لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في الوصول إلى 5 تريليون ين من الصادرات الزراعية بحلول عام 2030. كما حدّدت عقوبة من يقوم بتهريب البذور والشتلات اليابانية إلى الخارج بالسجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات أو غرامة تصل إلى 10 ملايين ين.

أشار لي شينهاي، مدير معهد الأحياء بالأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إلى أنه في السنوات الأخيرة، زادت قدرات البحث والتطوير للبذور المحلية بشكل تدريجي، كما زادت حصة السوق بشكل مطرد. لكن لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الشركات. واقترح جونغ رونغ قاو بأن تضاعف الدولة دعمها السياسي والمالي لتربية البذور، وتدرّب المزيد من المواهب.