أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ مكالمة فيديو مع نظيره الرئيس الأمريكي جو بايدن في مساء يوم 18 مارس، وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتحادث قادة البلدين عبر الفيديو منذ 4 أشهر. وقد شملت المحادثات مخاطر وتحديات التغيرات الكبيرة الجديدة التي يشهدها الوضع الدولي، وأصبحت الأزمة الأوكرانية أحد القضايا الرئيسية التي ناقشها كلا الجانبين. وأوضح الرئيس شي جين بينغ موقف الصين بشكل واضح وشامل من قضية أوكرانيا، وأهم رسالة بعث بها هي أن الصين قوة للحفاظ على السلام العالمي دائمًا.
لطالما أيدت الصين الحفاظ على السلام وتعارض الحرب، وهذا لا ينبع من التقاليد التاريخية والثقافية للصين فحسب، ولكن في السياسة الخارجية ثابتة للصين أيضًا. ويحب الشعب الصيني السلام ويعرف قيمة السلام والاستقرار، وتطور الوضع في أوكرانيا حتى هذه النقطة، هو الشيء الذي لا تريد الصين رؤيته.
ومع ذلك، قام بعض الأمريكيين في الآونة الأخيرة بنشر معلومات كاذبة حول أزمة أوكرانيا، والتشهير والضغط على الصين. وتعارض الصين أي اتهامات أو شكوك لا أساس لها ضد الصين، ولن تقبل أبدًا أي إكراه أو ضغط خارجي. وقد أشارت الصين مرارًا إلى أن ما يجب على أمريكا فعله هو التفكير بجدية في دورها في الأزمة الأوكرانية، والاضطلاع بجدية بمسؤولياتها الواجبة، واتخاذ إجراءات عملية لتخفيف الوضع وحل المشكلات بدلاً من الاستمرار في صب الزيت على النار ونقل الصراعات. ولا تستطيع بعض الدول التأثير على أمن دول أو مناطق أخرى لصالح مجموعات صغيرة، ويجب على العالم أن يسعى لخلق وضع جديد تتقاسم فيه الدول الأمن.
للصين مبادئها الخاصة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. ولطالما أصرت الصين مواقف مستقلة تستند إلى حقائق الأمر نفسه، على أساس الموضوعية والعدل. وتدعو الصين إلى الحفاظ على القانون الدولي والأعراف الأساسية المعترف بها عالميًا للعلاقات الدولية، وتعارض عددًا صغيرًا من الدول استبدال "قوانين وأنظمة الأسرة" بالقواعد الدولية، والتي تُستخدم لتنظيم وقمع البلدان الأخرى لتحقيق مكاسب شخصية. كما تلتزم الصين بميثاق الأمم المتحدة، وتدعو إلى مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتؤكد على التسوية السلمية للنزاعات من خلال الحوار والتشاور.
اقترحت الصين خطة صينية لحل الأزمة الأوكرانية، ولا تحتوي هذه الخطة على الحلول ذات الأولوية فحسب، وإنما تضمن وسيلة طويلة المدى للتسوية. والأولوية هي دفع جميع الأطراف العمل معًا لتعزيز الحوار والمفاوضات بين الاطراف، ووقف إطلاق النار ووقف القتال في أسرع وقت ممكن، وتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، وخاصة لمنع الأزمات الإنسانية. في الواقع، التزمت الصين بتعزيز محادثات السلام، حيث أعرب الرئيس شي جين بينغ خلال المكالمة الهاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اليوم الثاني من الصراع، عن أمله في رؤية روسيا وأوكرانيا تجريان محادثات سلام في أقرب وقت ممكن، وتلقى ردًا إيجابيًا. وفي 8 مارس الجاري، عقد الرئيس شي جين بينغ قمة عبر الفيديو مع قادة فرنسا وألمانيا، واقترح تقديم دعم مشترك لمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وتشجيع الجانبين على الحفاظ على زخم المفاوضات، والدعوة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. كما أن الصين سعيدة برؤية الحوار المتكافئ بين أوروبا وروسيا وأمريكا وحلف شمال الأطلسي. وبدلاً من تأجيج النيران واستيراد الأسلحة الفتاكة، يجب على جميع الأطراف تزويد أوكرانيا بالإمدادات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها.
ويتمثل الحل طويل الأمد للأزمة في التخلي عن عقلية الحرب الباردة، ومن خلال عدم الانخراط في المواجهة بين الكتلة والتشكيل الحقيقي لهيكل أمني إقليمي متوازن وفعال ومستدام، يمكن تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في القارة الأوروبية. وقد شددت الصين مرارا على وجوب الالتزام بمبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة واستيعاب المخاوف الأمنية المشروعة للأطراف المعنية، وأن العقوبات لم تكن أبداً الوسيلة لحل المشاكل. ويجب أن معالجة أزمة أوكرانيا على كلاً من الأعراض والأسباب الجذرية.
كما أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أنه يجب على قائد دولة كبرى التفكير في حل قضايا ساخنة عالمية بشكل مناسب، ولكن عليهما أيضًا النظر في الاستقرار العالمي وإنتاج وحياة المليارات من الناس. وبصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأكبر اقتصادين في العالم، لا ينبغي على الصين والولايات المتحدة قيادة تنمية علاقات البلدين على المسار الصحيح فحسب، بل يتعين عليهما تحمل المسؤوليات الدولية الواجبة وبذل الجهود من أجل السلام والاستقرار في العالم أيضًا. ويوضح هذا التصريح بشكل كامل نمط ومسؤولية قوة عظمى.