بكين 4 ديسمبر 2021 (شينخوا) إن ما يسمى بـ"القمة من أجل الديمقراطية"، التي بدأتها الولايات المتحدة، تأتي في لحظة حرجة، حيث يبدو أن الكثيرين في مختلف أنحاء العالم يطرحون نفس السؤال: هل حقا أمريكا تملك ديمقراطية فاعلة؟
كشفت دراسة حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث عن وجهة نظر قاتمة للغاية حول الديمقراطية الأمريكية بين الناس في البلدان الغربية، حيث يعتقد "قلة قليلة جدا" أنها "تشكل مثالا جيدا" للآخرين ليحذو حذوها. وأظهر استطلاع رأي آخر أجراه مركز أسوشيتد برس- نورك لأبحاث الشؤون العامة أن قرابة نصف الأمريكيين يعتقدون بأن الديمقراطية غير فاعلة بشكل صحيح في البلاد.
ومن الواضح أن من نصبت نفسها "منارة للديمقراطية" بدأت تخفت أمام أعين العالم. إن خيبة الأمل المتزايدة من النظام السياسي الأمريكي هي النتيجة النهائية لسلسلة من الأحداث التي ينظر إليها على أنها وصمة عار على جبين الديمقراطية الأمريكية - التمرد القاتل في مبنى الكابيتول هيل، واحتجاجات "حياة السود مهمة" التي اجتاحت البلاد، والانسحاب المهين من أفغانستان.
وينعكس القصور الوظيفي للديمقراطية الأمريكية، أولا وقبل كل شيء، في فشل الإدارة. وفي مناخ سياسي شديد الاستقطاب، لا يزال الديمقراطيون والجمهوريون منقسمين تقريبا إزاء كل قضية ذات أهمية عامة من ضبط الأسلحة النارية إلى الرعاية الصحية والاستجابة للوباء، مما يجعل الإدارة فوضوية وخائبة للغاية.
وبينما يتشاحن الساسة ويتجادلون إلى ما لا نهاية، فإن الأمريكيين العاديين هم من يتحملون العواقب. وذكرت صحيفة ((واشنطن بوست)) في مقال افتتاحي في أبريل تعليقا على العنف المسلح المتفشي في البلاد إن "الديمقراطية المشلولة لا يمكن أن تحمينا".
وفي الوقت نفسه، أدى التفاوت الاجتماعي والتمييز العنصري الممنهج واتساع فجوة الثروة وتصاعد الشعبوية إلى تفاقم أزمة الديمقراطية الأمريكية وزيادة تمزق البلاد أكثر.
كما أن النظام الديمقراطي الأمريكي معيب بشكل فادح لأنه لا يمثل أبدا المصالح الأساسية للشعب حقا، كما لم يكن يديره أبدا الناخبون حقا.
وبدلا من ذلك، تحولت السياسة الأمريكية بالفعل إلى لعبة مال خالصة. وقدرت التكلفة الإجمالية للانتخابات الأمريكية لعام 2020 بمبلغ ضخم قدره 14 مليار دولار أمريكي، وهو مبلغ يتجاوز ما أُنفق خلال الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين مجتمعتين.
في ديمقراطية الدولار الأمريكية، فإن مجموعات النخبة فاحشة الثراء وصاحبة المزايا المتنوعة تلك هي التي تحكم من وراء الكواليس وتمسك بالخيوط. والسياسيون مجرد وكلاء وينفذون مساعي أسيادهم.
وكتبت كريستينا لافون، أستاذة الفلسفة في جامعة نورث ويسترن، في مقال نشرته في نوفمبر صحيفة ((إل بايس)) الإسبانية، "الديمقراطية في أزمة... فقد المواطنون القدرة على التأثير السياسي لأن هناك الكثير من الاختصارات التي تسمح للجهات الفاعلة القوية باتخاذ قرارات سياسية خارج تأثير العامة".
وبالتغاضي عن نظامها السياسي الفوضوي، لا تزال الولايات المتحدة مهووسة بفرض ديمقراطيتها المزعومة على الآخرين من أجل الهيمنة العالمية. ولكن اتضح بأن واشنطن قامت فقط بتصدير دمار ووفيات لا حصر لهما إلى أجزاء أخرى من العالم.
كل هذه الأحداث المأساوية تشير إلى حقيقة واضحة مفادها أن الديمقراطية الأمريكية ليست قاصرة وظيفيا فحسب، في الداخل والخارج على حد سواء، بل تتعارض أيضا مع روح الديمقراطية الفعلية. ولن ينخدع المجتمع العالمي بمثل هذه الديمقراطية المشوشة والمتدهورة والمدمرة.