ردًا على تطوير الصين لأسلحة تفوق سرعة الصوت، قال وزير القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة والصين منخرطان في سباق تسلح. لكن الصين من جانبها، ترى بأن هذا الموقف أحادي، لا يعني سوى الولايات المتحدة، وأنه ليس لديها نية الدخول في سباق تسلح مع الولايات المتحدة. لأن ذلك لا يخدم مصلحة الشعب الصيني ولن يحصل على الدعم. وتؤكد الصين بأن كل البحوث العسكرية وعمليات التطوير التي تقوم بها على الأسلحة مكرسة لمقاومة المخاطر المحتملة وتعزيز الأمن القومي. وليست لدى الصين الرغبة في امتلاك قدرات عسكرية تطغى على الولايات المتحدة فيما لا يتعلّق بالشؤون الصينية.
وفي ذات الصدد، قال رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور يوم الثلاثاء، إن الصين هي المهمة الأولى بالنسبة للاستخبارات البريطانية. معلّلا قوله بأن الصين تتخذ اجراءات حاسمة وجريئة من أجل تعزيز مصالحها الخاصة. مضيفا قوله بأن "الصين دولة استبدادية تختلف قيمها عنّا، وهي تسعى لتأسيس شبكة من الحكم الاستبدادي في مختلف أنحاء العالم." كما أضاف بأن "خطر سوء التقدير الناجم عن ثقة الصين المفرطة، قد بات حقيقة."
وباعتبارها واحدة من الدول الأوروبية الأبعد عن الصين، يعد تغير الموقف البريطاني حيال الصين، من دفع "العصر الذهبي للعلاقات بين البلدين" قبل سنوات، إلى النظر إلى الصين على أنها "الخطر الأمني الأول"، تغيرا غريبا ويستدعي الاهتمام.
لطالما سوّقت أمريكا وبريطانيا لخطاب "التهديد الصيني"، لكن "نظرية التهديد الصيني" الحالية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا باستراتيجيتهما تجاه الصين، والتي كان لها أثر سلبي كبير.
تستند "نظرية التهديد الصيني" إلى عدة مقدمات وأحكام خاطئة. وبصفتها قوة صاعدة، كانت المواقف الدولية للصين معتدلة قدر الإمكان، وحتى الآن لم تتبنى سياسة الزوارق الحربية، ولم تعتمد القوة العسكرية من أجل إجبار أي دولة على اتخاذ خيار محدد. مع ذلك، فإن القوى الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا لا تتقبل حقيقة صعود الصين، وتعتقد بأن صين أقوى في المستقبل، ستمارس الهيمنة مثل الدول الغربية. وهو ما يقود إلى تعميق التحيزات المختلفة ضد الصين.
تحتاج دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا إلى التخلي عن المركزية الغربية وحتى "مركزية الرجل الأبيض"، واحترام حق الصين في التطور إلى قوة عالمية كدولة ذات كثافة سكانية عالية، واحترام حق الصين في حماية مصالحها الشرعية وقيمها. وعلى الدول الغربية ألا تنظر إلى وضعها المهيمن سابقا ككعكة لايمكن المساس بها، بل إنه في ظل تغيرات العولمة، أصبح من الواجب عليهم تقبل التغيرات العالمية بهدوء.
إن الهدف المركزي للأمن القومي للصين هو الدفاع عن مصالح الصين الأساسية وضمان عدم تقييد حقها في التنمية. أما الهيمنة على العالم فهي ليست من طموحات القيادة الصينية ولا الشعب الصيني. ولذلك، لن تدخل الصين أبدًا ساحة الهيمنة العالمية مع الولايات المتحدة وتجري سباق تسلح لهذا الغرض. ولن تذهب إلى أجزاء مختلفة من العالم للقيام بأنشطة تخريبية. لكننا سنواصل بحزم العمل على بناء القدرات العسكرية التي تمكننا من هزيمة الجيش الأمريكي فيما يتعلّق بالمصالح الجوهرية للصين. وحشد الموارد الهادفة إلى إضعاف جهود الولايات المتحدة وحلفائها حول العالم في الإضرار بمصالح الصين.
لقد تطورت "نظرية التهديد الصيني" من مخاوف عادية إلى رؤية استباقية للصين في القرن الواحد والعشرين. وهذا يجسّد التطرف الأيديولوجي الغربي تجاه الصين. وإذا لم يتم إيقاف توسع "نظرية التهديد الصيني"، فإن التفكير الاستراتيجي الشامل للولايات المتحدة والغرب سينزلق أكثر نحو الاندفاع والتطرّف.
أخيرًا، نريد أن نقول إنه إذا كان لدى الولايات المتحدة الكثير من المال، فيمكنها أن تجري سباق تسلح مع نفسها. أما جهاز الاستخبارات البريطاني، فإذا كان لديه فائض من الموظفين، فيمكنه أن يزودهم بمنظار لمتابعة ما يسمونه "التغلغل الخبيث الصيني" في بريطانيا والعالم. أما الصين فستواصل طريقها في التنمية والتقدم بنفس الوتيرة، ولن تتراجع عن أهدافها في التحديث.