تعليق: المخاوف تراود المجتمع الدولي من اتفاق أوكوس النووي

قال موقع صحيفة "الغارديان" البريطانية، نقلا عن رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤخرًا أن الشراكة الأمنية الثلاثية "أوكوس" التي أنشأتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا قد شكلت سابقة، وأن دولا أخرى قد تحذو حذو أستراليا، سعيا لبناء أسطولا من الغوّاصات النووية.

وفي هذا الصدد، يشير شو شيوجون، الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والسياسة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إلى أن الآثار السلبية للإتفاق الثلاثي (الأمريكي- البريطاني - الأسترالي) حول الغوّاصات النووية، تتركز في ثلاثة نواح: أولاً، احتدام المنافسة النووية بين القوى الكبرى. حيث ستجذب الولايات المتحدة الدول غير النووية إلى نظام الردع النووي، الأمر الذي قد يقود إلى موجة جديدة من سباق التسلح النووي بين القوى الكبرى؛ ثانيًا، سيزيد هذا الاتفاق من تعقد القضايا النووية الحالية في العالم. إذ في الوقت الذي لم تحل فيه القضايا النووية الإيرانية والكورية الشمالية، سيضيف الاتفاق النووي الثلاثي مشكلة نووية جديدة، متمثلة في القضية النووية الأسترالية؛ ثالثًا، يوفر هذا الاتفاق ذريعة لبعض الدول غير النووية لاغتنام فرصة تحقيق التسلح النووي، وفي الوقت نفسه، هذا قد يكون له تأثير خطير على عمليات تطوير واستخدام السلاح النووي، ويدفع نحو سلسلة من التفاقمات النووية اللاحقة. وقد رحبت بعض الدول غير النووية بالفعل بهذا الاتفاق ودعمت التعاون النووي الثلاثي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا. وهو ما يمثل إشارة تستدعي الحذر.

وكان رئيس أركان الدفاع البريطاني نيك كارتر قد صرّح مؤخرًا بأن اتفاق "أوكوس" لا يقصي أحدا. وأن دولا مثل اليابان وكندا ونيوزيلندا، يمكن أن تنضم إليه في المستقبل. كما أكّد على ضرورة تعزيز التبادل بين مختلف مكونات الاتفاق.

"المشاكل التي تواجه العالم اليوم هي في الغالب قضايا أمنية غير تقليدية، بما في ذلك التحديات البشرية المشتركة مثل وباء كورونا وتغيرات المناخ. مع ذلك، فإن اتفاق أوكوس قد أعاد الحرارة إلى القضايا الأمنية القديمة المتعلقة بالتهديد النووي. وفي حال تم توسيع اتفاق أوكوس، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم التهديدات الأمنية التقليدية من جديد" يقول شي شيو جيون.

وتفاعلا مع ردود فعل المجتمع الدولي حول الاتفاق النووي الثلاثي، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية جروسي، إن الوكالة ستفتح حوارا مع الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، بهدف التوصل إلى خطة محددة لتنفيذ الضمانات الأمنية على الغواصات النووية الأسترالية.

وفي هذا الصدد، شدّد متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية على أن التعاون بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا بشأن الغواصات النووية، يجب أن ينطلق قبل توصل جميع الأطراف إلى إجماع حول القضايا المتعلّقة. مضيفا بأن أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب ألا توقع ما سمّي "بترتيبات عدم الانتشار" مع الدول الثلاث، تجنبا لإعطاء أي غطاء لانتشار الأسلحة النووية.

وأثارت تصرفات الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا انتقادات من العديد من الدول. إذ صرّح وزير الخارجية الروسي لافروف مؤخرًا بأن تشكيل تحالفات عسكرية مصغرة وفقًا لمنطق الحرب الباردة وسياسات الاحتواء سيؤدي إلى تفاقم التوتر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقال ديف لاكسونو، عضو اللجنة الأولى للجمعية الوطنية الإندونيسية المكلفة بالدفاع والشؤون الخارجية، في بيان إن التعاون في مجال الغواصات النووية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا سيكون له تأثير على أمن واستقرار منطقة الآسيان. أما رئيس الوزراء الماليزي إسماعيل صبري يعقوب، فقال في بيان بأن الشراكة الأمنية الثلاثية ستطلق سباق تسلح إقليمي. وأشار رومر بانراي، مدير المعهد الفلبيني للسلام والعنف والإرهاب، في مقابلة مع وسائل الإعلام إن دول جنوب شرق آسيا قد التزمت دائمًا بالمبادئ المتعلقة بخلو المنطقة من الأسلحة النووية. وإذا أصرت أستراليا على السير في طريق مختلف، فإنها ستواجه بشكوك من دول جنوب شرق آسيا.

ويشير شي شيو جيون إلى أن المجتمع الدولي قد أجرى تقييما للتأثيرات السلبية لاتفاق أوكوس، وأن العديد من الأصوات المنتقدة للاتفاق داخل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وعدة دول أخرى. هذا إلى جانب المعارضة الدولية متعددة الأطراف وموقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرافض. مما يعني بأن اتفاق أوكوس سوف يواجه عقبات كبيرة لتشكيل دائرة تأثير. وينبه شي شيو جيون إلى ضرورة تعامل المجتمع الدولي بموقف حذر حيال قضية توسيع مجال اتفاق اوكوس. والسير بالاتفاق نحو أبعاد جديدة تتعلّق بالأمن العسكري التقليدي والأمن الاقتصادي، واستغلاله لتأسيس تحالفات اقتصادية جديدة.