بعلبك، لبنان 22 سبتمبر 2021 (شينخوا) بوجوه مشرقة وابتسامات عريضة وقف المزارع الستيني عادل مطر وأفراد عائلته ينثرون الأرز ويلوحون بأياديهم لقوافل الصهاريج السورية التي حملت وقود الديزل الإيراني إلى لبنان والتي كانت تعبر بكثافة من جانب منزلهم عند مدخل مدينة بعلبك بشرق لبنان.
وكانت هذه الصهاريج قد بدأت في الوصول في 16 سبتمبر الجاري إلى شرق لبنان بعدما استقدمها (حزب الله) من إيران بحرا عبر مرفأ بانياس السوري لمواجهة شح الوقود في لبنان نتيجة النقص في النقد الأجنبي في البلاد.
المزارع عادل مطر والذي كان قد خسر ما نسبته 80 % من مواسمه الزراعية هذا العام بسبب نقص الوقود الذي حال دون ضخ المياه من بئره الأرتوازي لري حقله في منطقة رأس بعلبك، أعرب لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن أمله بعودة الحياة قريبا لحقله ومزروعاته مع توفر مادة الديزل.
وأضاف نقص المياه أتلف مزروعاتنا الصيفية فباتت مراع لقطعان الماشية التي قضت على شتلات الخضار وثمارها من الطماطم والخيار في حقول بدت يابسة، ننظر اليها بحزن دون أن نجد سبيلا لإنقاذها وحصد إنتاجها.
وقال "مع وصول الوقود الايراني عاد الأمل لمزارعي سهل البقاع الذين سيعودون لتشغيل مولدات الكهرباء ومعها مضخات استخراج مياه الآبار لري مزروعاتهم بعد أشهر قاسية من الجفاف الذي قضى على محاصيلنا وكبدنا الكثير من الخسائر في ظل الضائقة الاقتصادية التي نعيشها".
أما زوجته ليلى وبنبرة الواثق قالت لـ((شينخوا)) توفر الوقود الذي بات في متناول اليد سينقذ ما أمكن من مواسم زراعية ومنها على سبيل المثال الباذنجان والفلفل والملفوف وزراعات أخرى عليها تعوض نسبة صغيرة من خسائرنا المتراكمة".
وأوضح المزارع السبعيني نعيم الحاج لوكالة أنباء (( شينخوا)) أن "مساحة المشاريع الزراعية بشرق لبنان تتجاوز 90 مليون متر مربع من الأراضي التي بدت فارغة، في حين كانت في مثل هذه الفترة كل عام أشبه بخلية نحل وآلاف العمال يقطفون الثمار وآخرون يحضرون الأرض للبدء بمواسم الزراعات الشتوية".
وأضاف "الوقود الإيراني رفع منسوب الأمل لدينا كمزارعين بعدما كنا نفتش عن صفيحة ديزل في كل مكان دون جدوى بالرغم من تجاوز ثمنها 300 الف ليرة لبنانية" (نحو 4 دولارات بحسب سعر صرف الدولار في السوق السوداء).
وأشار إلى أن "تلف المزروعات والخسائر الناتجة عن توقف مضخات المياه عن العمل لفترة طويلة أدى إلى أعطال في نسبة كبيرة منها، علما بأن قطع الغيار وكلفة إصلاحها مرتفعة جدا مما سيزيد من خسائر المزارعين".
واعتبر حسان العبد الله رئيس "الجمعية التعاونية للنباتات العشبية والخضار" بشرق لبنان ،أن الديزل بالنسبة للمزارعين هو المصدر الأساسي في إنجاز مختلف أعمالهم،وفقدان هذه المادة يعني الهلاك.
وأضاف حسان لـ((شينخوا)) أن توفر الوقود أعاد الحياة والحركة إلى حقولنا وبات يبشر بمواسم خير قادمة عسى أن يساهم الديزل الذي وصل إلى شرق لبنان في التخفيف من معاناة الناس بشكل عام والمزارعين بشكل خاص".
من جهته اعتبر إبراهيم ترشيشي رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع أن "مادة الديزل هي حاجة أساسية للزراعة وقد أصبحت منذ أشهر هاجس المزارع الذي يحتاجها لتشغيل مولدات الكهرباء لاستخراج المياه لري الأراضي ولنقل العمال ولشاحنات نقل الانتاج ولحفظ المنتجات في البرادات ولتشغيل جرارات الحراثة".
وقال إن نقص الديزل أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي بنسبة فاقت 40%، إضافة لفقدان المزيد من أصناف الخضار في السوق، وارتفاع الأسعار، علما أن لدى لبنان أعلى نسبة من الأراضي الزراعية في الشرق الأوسط، التي تغطي حوالى 65% من الأراضي اللبنانية أي ما يعادل 6800 كيلو متر مربع تقريبا.
من جهتها أشارت المهندسة الزراعية فاطمة قانصو لـ((شينخوا)) إلى أن تكلفة المحروقات تقدر بنسبة 35% من كلفة الإنتاج الزراعي ، ولكن في هذه الفترة ومع انقطاع الديزل تجاوزت حدود 90%، مما أثر سلبا على القطاع الزراعي .
وأضافت أن تقلص المساحات المزروعة وتلف المواسم بسبب فقدان الديزل خفض بنسبة 85% من عدد عمال المشاريع الزراعية ، مشيرة إلى أن الخوف من استمرار هذا الحال قد يزيد من العاطلين عن العمل مما يتسبب في زيادة مشاكل المجتمع الغارق في أزمة اقتصادية ومعيشية خانفة.
وأدت أزمة نقص الوقود إلى أزمة في إنتاج الكهرباء، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية بالتيار ساعتين يوميا بعد توقف معظم معامل إنتاج الطاقة، مما أثر على عمل كل القطاعات الإنتاجية.
وحسب إحصاء لوزارة الزراعة عام 2019 فقد بلغت مساحة الأراضي الزراعية المستخدمة في لبنان نحو 260 ألف هكتار، تعطي نحو 3 ملايين طن من المحاصيل، بقيمة 2.03 مليار دولار سنوياً
وتحتل الزراعة في لبنان المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7% من الناتج الوطني كما تؤمن دخلا لحوالي 15% من السكان.