طالما ردد اسم "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" خلف مئات الحوادث العنيفة والإرهابية في شينجيانغ. والتي تعتبر منظمة إرهابية مدرجة في قائمة مجلس الأمن الدولي، وهي من أكثر التنظيمات الإرهابية ضررًا بين قوى "تركستان الشرقية" الإرهابية. فما مدى قوة هذه المنظمة الإرهابية المنتشرة في البلدان المجاورة للصين في الاستمرار في إلحاق الضرر للناس تستحق الاهتمام مع التغيير المفاجئ للوضع في أفغانستان؟
وبحسب تقديرات الأطراف المعنية في باكستان، قد يكون هناك ما بين 200 و300 عضو في "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" في أفغانستان. قال لي وي، خبير في مكافحة الإرهاب وباحث في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، إن أعضاء "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" هم عمومًا موزعين في مناطق مختلفة، وعلى الرغم من أنه لا يمكن القول إن هؤلاء يشكلون قوة مسلحة أو شبه عسكرية، ولكن طالما أن هؤلاء المئات من الأعضاء هناك، فستظل عوامل زعزعة الاستقرار التي تولد الأنشطة الإرهابية قائمة.
قال تشانغ جيادونغ، الأستاذ في مركز الدراسات الأمريكية بجامعة فودان ومدير مركز دراسات جنوب آسيا، إن عدد الأعضاء الأساسيين في "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" موجودون في باكستان وسوريا وتركيا ودول أخرى، لكنهم غير ناشطين في السنوات الأخيرة.
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة " غلوبال تايمز " الصينية يوم 8 سبتمبر الجاري، قال المتحدث باسم طالبان الأفغانية سهيل شاهين، إن العديد من عناصر "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" قد غادروا أفغانستان، مشيرا إلى أنه من المستحيل أن يبقى أي من العناصر المتبقيين في أي مكان في أفغانستان في المستقبل، مؤكدا أن طالبان الأفغانية لن تسمح لمنظمات مثل "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" بأن تكون لها أي قواعد تدريب ومؤسسات للتمويل ومواقع للتجنيد في أفغانستان.
قال تشانغ جيادونغ: " تصريح شاهين له مغزى كبير، وهذا يعني أن طالبان الأفغانية تعرف من هي "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" وموقعها، كما يعني أن الحركة لديها اتصالات مع طالبان."
وتعليقا على ما صرح به سهيل شاهين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان يوم 10 سبتمبر الجاري، إن الجانب الصيني يأمل في أن تلتزم طالبان بتعهداتها وتنفصل تماما عن المنظمات الإرهابية مثل "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، واتخاذ تدابير فعالة داخل البلاد لمكافحتها بحزم، وفي الوقت نفسه تعزيز التنسيق والتعاون مع الدول المجاورة لتجنب الآثار غير المباشرة العابرة للحدود، حتى يتسنى لأفغانستان القضاء على الإرهاب وألا تتحول إلى أرض خصبة وملجأ ومأوى لقوى ومصدرًا لانتشار القوات الإرهابية.
ووفقًا لشو هونغ شوي، الأستاذ في كلية قانون مكافحة الإرهاب بجامعة نورث ويست للعلوم السياسية والقانون، فإن هناك حاليًا ثلاثة أهداف مختلفة بين طالبان و"حركة تركستان الشرقية الإسلامية" على الرغم من التعاون السابق بينهما في أفغانستان: أولاً، التطلعات السياسية مختلفة، حيث تسعى طالبان لتأسيس الدولة، في حين تسعى "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" تخريب أنظمة الدول الأخرى. ثانياً، موقف مختلف تجاه الولايات المتحدة، حيث أن طالبان معادية للولايات المتحدة، بينما الأخيرة حذفت "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" من قائمة المنظمات الإرهابية، بل وحتى دعمتها. ثالثاً، لطالبان و"حركة تركستان الشرقية الإسلامية" مواقف مختلفة تجاه الصين، حيث تأمل الأولى في الحصول على دعم من الصين، بينما الثانية معادية للصين.
إذن، هل يمكن التطلع إلى وعود حركة طالبان الأفغانية بالتفاؤل؟
يعتقد تشانغ جيا دونغ أن "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" تتمتع بمجال نفوذ صغير جدًا في أفغانستان ودول أخرى، ويصعب تنظيف التنظيم، لأنه يكاد يكون "غير مرئي". على سبيل المثال، لم تدخر باكستان، بصفتها شريكًا وثيقًا للصين، أي جهد في قمع المنظمات الإرهابية مثل "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، لكنها لم تحل المشكلة بالكامل، لذلك، يبقى ما إذا كان بإمكان طالبان الوفاء بالوعد علامة استفهام.
"إن التغيير المفاجئ للوضع في أفغانستان أوصل مصير "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" إلى نقطة معينة ، لكنها ليست نقطة النهاية." قال شو هونغ هوي، إن موقف طالبان من "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" غام ، مما يشير إلى أن طالبان لن تقطع صلتها بـ "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" على المدى القصير. بالإضافة إلى ذلك، لا تقتصر منطقة نشاط "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" على أفغانستان. بل ترسخت عناصر الحركة منذ فترة طويلة على الحدود بين تركيا وسوريا. كما تتمتع بعلاقات وثيقة مع المنظمات المحلية المتطرفة مثل "اللجنة الدولية لتركستان الشرقية" و "منظمة تحرير تركستان الشرقية" و "الجبهة الثورية المتحدة لتركستان الشرقية" في آسيا الوسطى. وحتى لو قطعت طالبان صلتها بـ "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، فإنها لن تكون ضربة قاتلة للحركة.