لندن 22 أبريل 2021 (شينخوا) لم تقف حدود الإدانة لخطة اليابان إطلاق أكثر من مليون طن من المياه الملوثة من محطة فوكوشيما النووية المدمرة في البحر عند الجمهور المحلي بل امتدت أيضا إلى الدول المجاورة والمنظمات البيئية الدولية حول العالم.
وتحاول الحكومة اليابانية تضليل الرأي العام من خلال الادعاء بأن مياه النفايات ستتم معالجتها وتخفيفها بحيث تصبح مستويات الإشعاع أقل من تلك المحددة لمياه الشرب.
لكن بالنسبة إلى شون بورني، كبير المتخصصين النوويين لدى منظمة السلام الأخضر ((غرينبيس)) لشرق آسيا في بريطانيا، وهو مكتب تابع للمنظمة البيئية العالمية يخدم منطقة شرق آسيا، فإن إطلاق المياه الملوثة في المحيط أمر "غير مقبول".
وقال بورني، الذي يسافر بانتظام إلى اليابان، لوكالة أنباء ((شينخوا))، في مقابلة خاصة أجرتها معه الأخيرة مؤخرا، "من الواضح أن فكرة أنه من الآمن تصريف هذا النوع من النشاط في المحيط تنطوي على إفلاس علمي".
وأضاف "التريتيوم المشع، تقول الحكومة اليابانية أنه لا توجد مشكلة لأنه لا يشكل أي تهديد. إنه ليس أكثر النويدات المشعة خطورة في الماء، هذا واضح. لكن جزءا من هذا التريتيوم المشع يصبح مرتبطا عضويا بالخلايا البشرية والنباتية والحيوانية، عند نقطة تسمح بالتعرض للإشعاع، ويمكن أن يسبب تلفا في الخلايا أو تلفا وراثيا. لذا فإن الحكومة اليابانية ليست صادقة فيما هو موجود في هذه المياه وكذا ما سيترتب على ذلك من آثار".
وقال "هناك العديد من الأسباب التي تجعل إلقاء النفايات النووية في محيطات العالم فكرة سيئة"، مضيفا أن إلقاء النفايات النووية هو ما فعلته بالضبط الصناعة النووية لعقود عديدة.
وتابع "لدينا الآن وضع قادم بعد ربع قرن، حيث تعتقد الحكومة اليابانية أن بإمكانها المضي قدما بسهولة في تصريف النفايات النووية في المحيط الهادئ. هذا غير مقبول".
--الآثار المحتملة على المحيط
وحذر العلماء من إمكانية ابتلاع الإشعاع الناتج عن التريتيوم، ولهذا السبب تشعر صناعة صيد الأسماك بالقلق من خطر دخوله في السلسلة الغذائية واستهلاكه من خلال المأكولات البحرية.
وتشعر منظمة ((غرينبيس)) بالقلق إلى حد كبير من الآثار غير المباشرة لتصريف المياه الملوثة على البيئات البحرية.
وقال بورني "إذا تم تفريغ المواد المشعة المختلفة التي ستكون في الماء، فإنها ستتصرف بشكل مختلف في البيئة البحرية، بعضها سيتركز في الرواسب، والبعض الآخر سيتركز في الحياة البحرية".
وأوضح "إنه المحيط الهادئ. هناك جسم هائل من المحيط به تيار قوي هائل. لذا فإن الشاغل الأول هو الآثار المحلية لذلك على الأشخاص الذين يعيشون على طول الساحل الياباني على المحيط الهادئ، بما في ذلك صناعة صيد الأسماك، سيكونون الأكثر تضررا بشكل مباشر".
ويرى بورني أنه لن تكون هناك مشكلة بيئية وصحية فقط عندما تؤثر المياه على الحياة البحرية، ولكن ستكون هناك مشكلة اقتصادية أيضا، حيث أن أسواق الأسماك قد تبحث عن مكان آخر لتجنب الأسماك التي يمكن أن تكون ملوثة.
وأضاف "إنها حقيقة تتعلق بالتلوث الإشعاعي وأيضا تصوره. ولذا فهي قضية خطيرة ومعقدة للغاية. كل هذا يمكن تجنبه. باختيار البديل الموجود بالفعل. لا يتعين عليهم إطلاق هذا الماء في البيئة البحرية".
--إجراء بديل
وتتم معالجة مياه فوكوشيما المشعة حاليا في عملية ترشيح معقدة تزيل معظم العناصر المشعة دون البعض بما في ذلك التريتيوم. ويتم الاحتفاظ بها في خزانات ضخمة، لكن هذه المساحات بدأت تنفد لدى شركة طوكيو للطاقة الكهربائية المشغلة للمحطة ((تيبكو))، ومن المتوقع أن تمتلئ الخزانات بحلول عام 2022.
وتعتقد ((غرينبيس)) أن هناك بديلا لتصريف مياه النفايات بعيدا عن المحيط.
وقال بورني "لحسن الحظ، هناك بديل واضح يقلل من المخاطر البيئية وصحة الإنسان".
وفقا لـ((غرينبيس))، فإن الحكومة اليابانية اعترفت في تحقيقاتها الخاصة في عام 2020 بأن هناك مساحة الأرض متاحة بجوار موقع فوكوشيما دايتشي.
وقال "الموعد النهائي المحدد في عام 2022 خاطئ في الواقع. إنه خيال محض ويتناسب مع مصلحة الحكومة اليابانية بأن تقول إننا يجب أن نتخذ قرارا بشأن هذا الأمر لأن المساحة تنفد. لكن في الواقع الفضاء لا ينفد".
--دعم الولايات المتحدة مشكوك فيه
وعلى الرغم من إدانة الجماعات البيئية والدول في شرق آسيا، إلا أن الولايات المتحدة أيدت اليابان في تصريف المياه الملوثة في المحيط.
وهذا، وفقا لبورني، يتعلق بالعلاقات الدولية وحقيقة أن الشركات النووية الأمريكية لها مصالح في هذا الوضع.
وترجع مشكلة المياه العادمة النووية الحالية في اليابان إلى عام 2011 عندما ضرب زلزال بقوة 9 درجات قبالة الساحل الشمالي الشرقي لليابان، مما تسبب في حدوث تسونامي هائل بلغ ارتفاعه 15 مترا.
وبينما نجت الأنظمة الاحتياطية لمنع الانصهار في محطة فوكوشيما النووية من الزلزال الأول، ألحق تسونامي مزيدا من الضرر، حيث فشلت أنظمة التبريد في المنشأة في الأيام التالية، وتم إطلاق أطنان من المواد المشعة.
لكن على الرغم من الموافقة على الخطة، قال بورني إن هناك احتمالا لإلغاء القرار.
وأوضح "أعمل على هذه القضايا من أكثر من 30 عاما. وهناك شيء واحد يمكنك التأكد منه تماما هو أنه على الرغم من الإعلان عن القرارات السيئة، إلا أن هذا لا يعني أنه سيتم تنفيذها. لذلك في الواقع، أنا متفائل بإمكانية إيقاف هذا التفريغ حماية للبيئة البحرية والمواطنين في اليابان وفي كوريا وفي الصين أيضا".