اختتم عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية وانغ يي زيارته لست دول في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، محققة نتائج مثمرة. ويعتقد لي تسيسن مساعد باحث في معهد الدراسات الدولية الصيني أن هذه الزيارة عززت الثقة المتبادلة بين الصين ودول الشرق الأوسط، ورفعت مستوى التعاون العملي بين الجانبين، واقترحت خارطة طريق ملموسة وعملية للمرحلة التالية من التنمية. كما تضافرت جهود ودول الشرق الأوسط للدخول في أفضل فترة لتنمية العلاقات الثنائية على أساس الاحترام والثقة المتبادلة.
الصين ودول الشرق الأوسط تشتركان في التحديات وتتغلبان على الصعوبات معًا
اعتنت الصين ودول الشرق الأوسط ببعضها البعض أثناء عملية مكافحة كوفيد-19، وكان المجتمع الصحي المشترك ليس هدف العمل الجاد للجانبين فحسب، بل هو أيضًا واقع يمكن أن يصمد أمام الاختبار ويظهر حيوية قوية. كما جددت الصين ودول أخرى مع زيارة وانغ يي إلى المنطقة فصلًا جديدًا في التعاون في مجال اللقاحات. وأطلقت الصين ودولة الإمارات العربية المتحدة مشروع تعاون لملء خطوط إنتاج اللقاحات الصينية، واتفقتا على بدء مشاورات محددة حول إنشاء موقع للتلقيح بدولة الامارات لخدمة المغتربين الصينيين في الإمارات ودول المنطقة. وقد أوفت هذه الإجراءات بالتزام الصين الجاد بجعل اللقاحات "منتجًا عامًا عالميًا"، وأظهرت أيضًا المشاعر الودية لدول الشرق الأوسط تجاه الشعب الصيني.
الصين ودول الشرق الأوسط متوائمة استراتيجياً، وتعاون مربح للجانبين
أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أن "الاضطرابات في الشرق الأوسط متجذرة في التنمية، والمخرج منها يعتمد في النهاية على التنمية." كما ستساهم "مبادرة الأمن والاستقرار المكونة من خمس نقاط" التي طرحها وانغ يي خلال زيارته الى المنطقة في "تسريع التعاون الإنمائي". وإن تحقيق التنمية في الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون كلاما فارغا، فهو يحتاج إلى خريطة طريق شاملة ودعم عملي يناسب واقع مجتمع الشرق الأوسط. وفي السنوات الأخيرة، تماشت مبادرة "الحزام والطريق" بشكل وثيق مع خطط التنمية الخاصة بالدول الإقليمية، مما يوفر الفرص للبلدان لاستقلال "القطار السريع" للتنمية الصينية، وخلق المزيد من الاحتمالات للتنمية الشاملة للصين. ومعظم المشاريع المتعلقة بـ "الحزام والطريق" لم تتجمد خلال الوباء، ولكنها سرعان ما استأنفت العمل والإنتاج، وقد أدت مرونتها القوية وحيويتها إلى التعافي الاقتصادي للبلدان المعنية وتسريع عملية التكامل الاقتصادي الإقليمي.
الصين تحث على السلام وتعزز المحادثات ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة
شدد وانغ يي مرارًا وتكرارًا خلال هذه الزيارة، على أن "الشرق الأوسط لشعوب الشرق الأوسط"، وأنه "لا توجد دولة متفوقة على غيرها في العالم". وبمنطقة الشرق الأوسط العديد من التناقضات تعود الى عوامل متعددة مثل التاريخ والدين والعرق وما إلى ذلك، وتطور بعضها إلى صراعات مسلحة. والرأي العام الدولي مليء دائمًا بمواقف وقرارات القوى الأجنبية في مواجهة هذه الخلافات الإقليمية، لكنه نادرًا ما يهتم بأصوات ورعايا دول الشرق الأوسط. كما يؤدي فرض بعض القوى الغربية إرادتها على الآخرين، واعتماد نهج التنمر والمنفعة إلى استمرار تدهور الوضع في المنطقة. واقترح وانغ يي خلال رحلته، بناء "منصة الحوار الأمني الخليجي في الشرق الأوسط" لتحفيز المبادرة الذاتية لدول الشرق الأوسط بشكل كامل، وتمكينها من "الجرأة على الكلام" و"القدرة على الكلام"، وتعزز الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الدول من خلال الحوار وحل معضلات الأمن الإقليمي وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
الصين تسعى الى العدالة ولا تتبع المسار القديم للألعاب الجيوسياسية
لا يمكن إنكار أن اللعبة الجيوسياسية كانت دائمًا سمة مميزة لسياسة الشرق الأوسط. وغالبًا ما تثير القوى خارج المنطقة صراعات داخلية في الشرق الأوسط من أجل مصالحها الخاصة، وتكثف الألعاب الجيوسياسية وتجعل دول المنطقة تقع ضحية لها. وإن الصين صديق مشترك لجميع دول الشرق الأوسط، ويعمل التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف على تعزيز روح التسامح والانفتاح والمنفعة المتبادلة. وإن طرح وانغ يي "مبادرة النقاط الخمس للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط" في المملكة العربية السعودية، ووقع على "وثيقة التعاون ذات الخمس وعشرين عامًا بشأن التعاون الصيني الإيراني" في إيران، يوضح تمامًا أن دبلوماسية الصين في الشرق الأوسط متوازنة وشاملة، ولا يتبع النهج التقليدي المتمثل في "جذب فصيل ومحاربة آخر" في الجغرافيا السياسية. ولا تثير الصين تصعيدًا للنزاعات الداخلية الإقليمية لمصلحتها الخاصة، ولكنها تسعى إلى العمل جنبًا إلى جنب مع دول الشرق الأوسط لتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين. وهذا أيضًا هو الاختلاف الأكثر أهمية بين دبلوماسية الصين في الشرق الأوسط وغيرها من القوى الأجنبية.
تعتبر قضايا الأمن والتنمية من القضايا القديمة والصعبة التي ابتليت بها دول الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، وهي أيضًا محور رحلة وانغ يي إلى الشرق الأوسط. وإن التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط نابع من القوة الدافعة الداخلية لكلا الطرفين، ولا يتعلق الأمر بملء ما يسمى بـ "الفراغ" أو الانخراط في معارك جيوسياسية. وإن مساعدة دول المنطقة على تحسين قدراتها في مجال الحوكمة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والتحسين المستمر لسبل عيش الناس ستعزز في نهاية المطاف الأمن العام والاستقرار طويل الأجل في الشرق الأوسط. ومن منظور دول الشرق الأوسط، تبنت الدول سياسات خارجية وأمنية أكثر استقلالية في السنوات الأخيرة، وتغيرت مفاهيمها الأمنية تدريجياً من "الاعتماد على الحلفاء لكسب الحروب" إلى "تجنب الحروب من خلال التعاون المفتوح". وتمر الصين ودول الشرق الأوسط بفترة مملوءة بالفرص لتطوير العلاقات الثنائية، وينبغي الاعتزاز بها، وجعلها نموذجًا للعلاقات بين الدول، وللتعاون بين بلدان الجنوب.