نيويورك 2 نوفمبر 2020 (شينخوا) مع تفشي الوباء الذي دفع إجمالي حالات كوفيد-19 في الولايات المتحدة إلى أكثر من 9 ملايين وإقبال غير مسبوق على التصويت المبكر الذي شهد أكثر من 90 مليون صوت، بدأ الناخبون بالفعل في خوض انتخابات رئاسية تختلف عن سابقاتها في نواحٍ رئيسية، حتى قبل يوم الانتخابات.
وكان الناخبون الأمريكيون، كما لم يحدث في أي انتخابات أخرى خلال العقود الماضية، يتدفقون إلى مراكز الاقتراع المبكرة أو يرسلون بطاقات الاقتراع بالبريد بأعداد متزايدة لإسماع أصواتهم في عصر مزقته التحديات الأساسية.
إن التحديات، بما في ذلك الوباء المتصاعد وتداعياته الاقتصادية والأمة المنقسمة التي تعاني من التحزب المرير والدور المتغير للبلاد على الساحة العالمية وتفاقم عدم المساواة العرقية والظلم الاجتماعي، سيواجهها الفائز التالي للبيت الأبيض، إن كان الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب أو منافسه الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن.
-- ظل الوباء
وتُجرى الانتخابات في خضم تفشي كوفيد-19 الذي نشر الفوضى في العالم بأسره، مع احتلال الولايات المتحدة المرتبة الأولى من حيث عدد الحالات والوفيات الناجمة عن المرض في جميع أنحاء العالم. وتم تسجيل 9.1 مليون إصابة وأكثر من 230 ألف وفاة في البلاد حتى يوم الأحد، وفقا لإحصاء أجرته جامعة جونز هوبكنز.
وتحاول جميع الولايات الأمريكية تقريبا دفع العملية الانتخابية إلى الأمام بأمان وسط تفشي الوباء، حيث تم الإبلاغ عن قرابة 100 ألف حالة في جميع أنحاء البلاد يوم الجمعة، مما سجل رقما قياسيا جديدا في يوم واحد للحالات الجديدة على مستوى العالم.
وقال أنتوني فاوتشي، خبير الأمراض المعدية البارز في البلاد، يوم الجمعة، "إننا نتعرض لأذى كبير. إنه ليس وضعا جيدا"، مضيفا أنه "مع دخول فصلي الخريف والشتاء، يتجمع الناس في المنازل بالداخل ... لا يمكن أن تكون في وضع أسوأ".
ولجعل التصويت أسهل وأكثر أمانا لسكانها، خففت معظم الولايات الأمريكية معايير الحصول على بطاقات الاقتراع بالبريد وبطاقات الاقتراع الغيابي.
وتسمح تسع ولايات أمريكية، بما في ذلك ولايات كاليفورنيا ونيوجيرسي وواشنطن ومقاطعة كولومبيا، بإرسال بطاقات الاقتراع بالبريد مباشرة لجميع ناخبيها البالغ عددهم 44 مليونا، في حين تسمح 34 ولاية، بما في ذلك ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا ونورث كارولينا وفلوريدا وأريزونا المتأرجحة، بالتصويت الغيابي لجميع ناخبيها البالغ عددهم 118 مليونا، وتسمح سبع ولايات، من بينها نيويورك وتكساس، بالتصويت الغيابي مع العذر المطلوب للناخبين البالغ عددهم 46 مليونا، وفقا لتقرير من صحيفة ((نيويورك تايمز)) صدر في منتصف أغسطس.
واتخذت حكومات الولايات أيضا احتياطات مثل الحد من عدد مراكز الاقتراع والتباعد عن غرف الاقتراع لحماية الأشخاص من الإصابة بكوفيد-19 أو نشره، ما أدى إلى طوابير طويلة وساعات انتظار للناخبين الشخصيين.
وفي سان فرانسيسكو، حيث بدأ التصويت المبكر في 5 أكتوبر، قدمت المدينة عدة خيارات للتصويت بما في ذلك 588 مكانا للاقتراع وصناديق الاقتراع ومركز للتصويت في المدينة، حسبما قالت عمدة المدينة لندن بريد في مؤتمر صحفي في أوائل أكتوبر.
وسيتم إرسال اقتراع عن طريق البريد إلى كل ناخب مسجل في سان فرانسيسكو وولاية كاليفورنيا الأكثر اكتظاظا بالسكان. وأشارت العمدة إلى أن أولئك الذين فاتهم الموعد النهائي لتسجيل الناخبين في 19 أكتوبر، ولكنهم ما زالوا مؤهلين، يمكنهم زيارة مركز الاقتراع أو مكان الاقتراع للتسجيل والإدلاء بأصواتهم بشكل مؤقت.
وفي ولاية نيويورك، حيث جرى التصويت المبكر لأول مرة في تاريخها، صوت 1.6 مليون من السكان.
ولتسهيل التصويت على من يعملون في نوبات متأخرة، فتح المسؤولون العديد من مواقع الاقتراع في ثالث أكبر مقاطعة أمريكية، وهي مقاطعة هاريس في تكساس، لإجراء الاقتراع خلال الليل في الأسبوع الماضي. وقد ظهر آلاف الأشخاص خلال ساعات الذروة ليلا من الساعة 7 مساء حتى الساعة 7 صباحا، بحسب ما قال مسؤولو الانتخابات.
-- إقبال قياسي للناخبين
وأدلى أكثر من 93 مليون أمريكي بأصواتهم حتى ظهر يوم الأحد، بما يمثل 67.7 في المائة من إجمالي الأصوات التي تم فرزها في انتخابات عام 2016، وفقما أورده مشروع الانتخابات بالولايات المتحدة.
وفي الانتخابات العامة لعام 2016، صوّت أكثر من 33 مليون شخص بالبريد، أي ما يقرب من ربع الذين صوتوا، وفقا لتقرير نشرته صحيفة ((وول ستريت جورنال)) في 24 أكتوبر.
وأظهر استطلاع للرأي شمل الناخبين المحتملين أجرته صحيفة ((نيويورك تايمز)) وكلية سيينا بين 26 و31 أكتوبر أن العديد من الناخبين الذين قالوا إنهم لم يصوتوا في عام 2016 قالوا إنهم أدلوا بأصواتهم بالفعل هذا العام، مما يشير إلى إقبال قياسي.
وفي ولاية فلوريدا المتأرجحة، والتي من المحتمل أن تمثل حظوظا متساوية لترامب وبايدن وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، قال أكثر من ثلثي غير المصوتين في عام 2016 الذين تم تحديدهم على أنهم ناخبون محتملون هذا العام إنهم صوتوا بالفعل.
وصوّت مليون من سكان نيويورك في وقت مبكر، حسبما ذكر عمدة المدينة بيل دي بلاسيو يوم الأحد على موقع التدوين المصغر (تويتر)، مشجعا مزيدا من الناخبين على الخروج للإدلاء بأصواتهم في اليوم الأخير من التصويت المبكر في نيويورك.
وانضم العمدة إلى الآلاف من سكان نيويورك للوقوف في طوابير في أحد مراكز الاقتراع وانتظر 3.5 ساعة قبل الإدلاء بصوته قبل أسبوع من يوم الانتخابات.
وفي تكساس، صوت قرابة 57 في المائة من الناخبين المسجلين في وقت مبكر حتى يوم السبت، مما أدى إلى تحطيم أرقام الإقبال القياسية السابقة. وأدى التصويت المبكر لحوالي 9.6 مليون شخص من سكان تكساس إلى زيادة بنسبة 47 في المائة عن عدد الناخبين الذين صوتوا في وقت مبكر في الانتخابات العامة لعام 2016، متجاوزا إجمالي الأصوات في انتخابات عام 2016، بما في ذلك يوم الانتخابات، بحسب ((يو إس أيه توداي)).
-- تأخير محتمل للنتيجة
بينما على الأقل في العشرين عاما الماضية، اعتاد الأمريكيون على سماع من سيكون رئيسهم القادم في ليلة الانتخابات، فمن المحتمل جدا أن تمر أيام أو أسابيع قبل معرفة النتيجة هذا العام، بسبب التحول الذي لا مثيل له في التصويت المبكر.
ويحتاج المسؤولون إلى التعامل مع ملايين بطاقات الاقتراع بالبريد أكثر من المعتاد، وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء عملية الفرز، أو حتى إثارة الخلافات كما زعم البعض في البلاد أنه بدون أدلة قوية، فإن التصويت عبر البريد قد يحمل مخاطر تزور.
والحقيقة هي أن معظم الولايات يمكن أن تبدأ في التعامل مع بطاقات الاقتراع الغيابي بشكل ما قبل يوم الانتخابات، مما قد يساعد في تجنب التأخير في الإبلاغ عن النتائج، وفقا لتقرير صادر عن شبكة ((سي إن إن)) في 27 أكتوبر.
ولكن في ثلاث ولايات متأرجحة مهمة -- بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان -- لا يُسمح للمسؤولين بالبدء في التعامل مع الاقتراع المبكر حتى يوم الانتخابات نفسه أو قبله مباشرة، مما قد يؤخر ليس فقط نتائج الولاية بل أيضا، إذا كانت نتائج المجمع الانتخابي متقاربة، من المحتمل أن يترك السباق الرئاسي بأكمله معلقا في الهواء، بحسب التقرير.
وأصدرت المحكمة العليا حكما حول الأصوات المرسلة بالبريد في بنسلفانيا، يسمح بإحصاء الأصوات المستلمة بعد ثلاثة أيام من يوم الانتخابات، طالما تم ختم بطاقات الاقتراع قبل أو في 3 نوفمبر. وقد سمح حكم مماثل لمجلس الانتخابات في نورث كارولينا بتمديد الموعد النهائي إلى تسعة أيام بعد يوم الانتخابات، ارتفاعا من ثلاثة أيام بدعوة من المجلس التشريعي للولاية.
وسيستغرق عد الأصوات أيضا وقتا أطول من المعتاد لأن العديد من الولايات ستتيح وقتا إضافيا لوصول بطاقات الاقتراع بعد يوم الانتخابات - طالما تم ختمها بالبريد في 3 نوفمبر أو قبله.
وحذر الخبراء من أن نتيجة الانتخابات المعلقة قد تجلب الفوضى أو حتى العنف في البلاد.
وقالت جيني سوك غيرسن، الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، في مقال نُشر على موقع الكلية على الإنترنت يوم 15 أكتوبر، إنه "بالنظر إلى التحديات الانتخابية المختلفة التي أوجدها الوباء والانقسام السياسي في الوقت الحالي، من غير المحتمل أن تكون هناك ليلة انتخابات سلسة ومنظمة".
وذكر الخبراء أن القوانين الأمريكية لا تتطلب الإبلاغ الفوري عن جميع نتائج الانتخابات في البلاد ليلة الانتخابات. وكانت آخر مرة شهد فيها الأمريكيون تأجيل نتيجة الانتخابات الرئاسية في عام 2000، عندما نظرت المحكمة العليا في حكم النتائج النهائية لسباق محموم بين الجمهوري جورج دبليو بوش والديمقراطي آل غور.
وجاءت نتائج الانتخابات الرئاسية في تعادل إحصائي بين غور وبوش. وكانت النتائج في فلوريدا غير واضحة بحلول نهاية ليلة الانتخابات وأسفرت عن إعادة عدّ الأصوات وقضية في المحكمة العليا، بوش ضد غور، والتي أنهت النزاع لصالح بوش بعد شهر.
ولفتت غيرسن إلى أن هذه المرة ، سواء فاز ترامب أو بايدن، فإنها تخشى أن الخاسر لن يقبل النتائج بشكل كامل أو فوري.
وفي تلك المرحلة، أوضحت أن "الرسائل من المرشح وأنصاره ستكون مهمة"، معربة عن أملها في حل أي نزاع في المحاكم.