في شهر مايو استمرت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للصين في التحسن كما استمرت العمليات الاقتصادية في التعافي أيضا، وفي ظل الأزمة الخارجية بسبب كوفيد-19 وما انجر عنها من انكماش حاد للتجارة العالمية، فإن هذه الإنجازات تستحق حقا الثناء، حيث ارتفعت مؤشرات أرباح المؤسسات الصناعية وإنتاج صناعة الخدمات ومعدل النمو التراكمي لاستثمارات الأصول الثابتة للنقل من سلبي إلى إيجابي، كما ارتفعت نسبة استهلاك الكهرباء في صناعة الخدمات ونسبة حجم الشحن بالسكك الحديدية أيضا.
مثّلت كلمات المراقبين الدوليين القائلة: "إن الأداء القوي للاقتصاد الصيني في ظل الوضع الوبائي الحالي كافٍ لمفاجأة "مناهضي الصين" في المجتمع الدولي" مصدرا لتفاؤل المجتمع الدولي بالنسبة للاقتصاد الصيني، حيث أن تأثير الوباء كان مجرد "اختبار تحت الضغط"، إذا هو لا يختبر قدرات ومستويات تطور التنمية الاقتصادية الصينية فحسب، بل يثبت أيضا الاستقرار والمزايا العميقة للاقتصاد الصيني. إن الاتجاه الأساسي والتحسن الاقتصادي على المدى الطويل لم تتغير خصائصه، حيث أنه يتمتع بإمكانيات كافية ومرونة عالية ومساحات كبيرة للمناورة والعديد من الأدوات السياسية. لذلك فإن شدة العواصف تظهر قوة التنمية الاقتصادية للصين.
إن الثقة والامكانية تأتيان من أساسيات اقتصادية مستقرة. وباعتباره ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن الاقتصاد الصيني ليس لديه "حجم كبير" فحسب بل لديه أيضا حصانة قوية للتعامل مع تأثيرات الوباء. إن القاعدة السكانية الضخمة ومساحة الأراضي الشاسعة والحجم الاقتصادي الضخم والنظام الصناعي المستقل والكامل والنظام الاقتصادي الوطني والنمط المتدرج للتنمية الاقتصادية الإقليمية وما إلى ذلك تمنح الصين ميزة "النطاق الكبير للغاية". لقد أصبح الآن الطلب المحلي القوة الرئيسية الدافعة للنمو الاقتصادي الصيني. في مايو استمر استهلاك الضروريات اليومية الأساسية في الصين في النمو، كما ازداد استهلاك السلع التي تم ترقيتها بشكل ملحوظ. وبشكل تدريجي تم تشكيل نمط جديد للتنمية بحيث تكون الدورة الرئيسية المحلية هي الهيئة الرئيسية أما الدورة المزدوجة المحلية والدولية فهي تعزز بعضها البعض وبالتالي تكون الأساسيات الاقتصادية مستقرة للغاية، بما يكفي لمقاومة كل الصعاب والتحديات وتجنب الصعود والهبوط.
إن الثقة والاطمئنان يأتيان من التطور المتزايد للزخم الجديد. في السنوات الأخيرة، كان الاقتصاد الصيني يتحرك بثبات نحو التنمية عالية الجودة بشكل أكبر وأقوى. في مايو زادت القيمة المضافة لتصنيع التكنولوجيا الفائقة بنسبة 8.9 بالمائة على أساس سنوي، أي أسرع بنسبة 4.5 نقطة مئوية عما فى المؤسسات الصناعية فوق الحجم المحدد، كما واصل الاقتصاد الرقمي ارتفاعه وزادت مبيعات التجزئة للسلع المادية عبر الإنترنت في الأشهر الخمسة الأولى من البلاد بنسبة 11.5 بالمائة على أساس سنوي. كما لاقت عمليات البث المباشر لبيع البضائع على الانترنت شعبية كبرى حيث تشهد المنتجات والصناعات الجديدة نموا سريعا. ففي شهر مايو زاد إنتاج معدات الطباعة ثلاثية الأبعاد والساعات الذكية ورقائق الدوائر المتكاملة والشواحن وغيرها من المنتجات بنسبة تزيد عن 70 بالمائة على أساس سنوي. وحتى لو تأثر الاقتصاد بالوباء وعانى من بعض التقلبات قصيرة الأجل فنحن لا نزال نتمسك بمفهوم التنمية الجديد ونواصل باستمرار تعزيز التنمية عالية الجودة. مع الزخم الذي أطلقته التنمية عالية الجودة ستكون التنمية الاقتصادية في الصين أكثر استدامة مع فوائد أفضل ومستوى أعلى.
إن الثقة والاطمئنان يأتيان من مزايا مؤسسية فريدة، إذ أن التمسك بالقيادة المركزية والموحدة للحزب الشيوعي بشأن العمل الاقتصادي هو أكبر ميزة مؤسسية للتنمية الاقتصادية في الصين. فقط من خلال القيادة القوية للحزب يمكننا التركيز على المصالح الأساسية طويلة المدى للتنمية الاقتصادية في الصين، والحفاظ على التصميم الاستراتيجي في مواجهة تأثيرات الوباء والسماح للسياسات الكلية بالالتزام بالتنمية الدقيقة وتنفيذ السياسات، وذلك لتحقيق التحول والارتقاء بالنمو المستقر. ومن المتوقع أن يتجاوز التخفيض الجديد للعبء على الشركات 2.5 تريليون يوان على مدار السنة وسيخفض النظام المالي رسوما قدرها 1.5 تريليون يوان للشركات المختلفة خلال هذا العام. وسوف تطلق قدرات التحكم الكلي المتزايدة النضج طاقة هائلة مرة أخرى. والأهم من كل هذا هو أن الصين واحدة من الدول القليلة في الاقتصادات الكبرى في العالم التي تطبق السياسة النقدية العادية وتحتوي مجموعة أدوات السياسة النقدية على احتياطيات كافية. لذلك في المستقبل حتى إذا كانت هناك تأثيرات أخرى فلا تزال هناك مساحة كافية لاتخاذ السياسات اللازمة. هذا النوع من الحكمة في الحوكمة والذي لا يزيد من شدة التعديل المعاكس للدورة الاقتصادية فحسب ولكنه يترك أيضا مجالا للمستقبل بحيث يمكن أن يرافق الاقتصاد الصيني بشكل فعال إلى الأمام بكل سلاسة.
لقد تطور الاقتصاد الصيني رغم كل العواصف والأزمات ونما استجابة للتحديات، وطالما أننا نُصرّ على تحليل الوضع الاقتصادي الحالي من منظور شامل جدلي وطويل الأجل ونسعى جاهدين لاغتنام الفرص الجديدة في الأزمة وفتح آفاق جديدة لمواجهة التغيرات وإطلاق إمكانات الصين الهائلة للتنمية والطاقة الحركية القوية بالكامل، فستكون الصين بالتأكيد قادرة على تحقيق أهدافها ومهامها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه السنة وتعزيز اقتصادها للتغلب على كل الصعوبات وتحقيق الاستقرار.