القاهرة 2 مايو 2020 (شينخوا) أرجع خبراء اقتصاديون، طلب مصر الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي إلى عدة أسباب، هي مواجهة تداعيات أزمة مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، ودعم الاحتياطي النقدي، والحفاظ على استقرار سعر الصرف، وسد العجز في الموازنة العامة.
وتوقع الخبراء "موافقة سريعة" من الصندوق على طلب مصر، التي تملك حصة تقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار في الصندوق، وأجمعوا على أن القرض سيكون بمثابة "شهادة ثقة جديدة" في الاقتصاد المصري.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قبل أيام أن حكومته تقدمت بطلب لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.
وجاء الطلب في وقت تواجه فيه مصر أزمة تفشي مرض فيروس كورونا، الذي بلغ عدد ضحاياه حتى أمس الجمعة 5895 مصابا، و 406 حالات وفاة.
ويعد هذه القرض الثاني من نوعه لمصر مع الصندوق، الذي سبق أن وافق في أواخر العام 2016 على منح القاهرة قرضا قيمته 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، وانتهى في يونيو الماضي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور فخرى الفقي مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، إن هناك عدة أسباب دفعت مصر لطلب القرض، أولها يتعلق بمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأضاف الفقي لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "السبب الثاني هو الحفاظ على ما تم إنجازه فى برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهو الاستقرار المالي والاقتصادى، وبالتالي المحافظة على صلابة الاقتصاد".
وأشار إلى أن 102 دولة من إجمالي 189 دولة عضو في صندوق النقد قدمت طلبات للحصول على قروض من الصندوق، الذي وافق حتى الآن على منح القروض لـ60 دولة، هي 25 دولة فقيرة و35 متوسطة الدخل.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة، فرأى أن مصر تريد من خلال هذا القرض "دعم ميزان المدفوعات والاحتياطي النقدي" الذي انخفض أكثر من خمسة مليارات دولار خلال شهر واحد، وهو مبلغ كبير مقارنة بحجم الاحتياطي.
وتراجع الاحتياطي المصري في مارس الماضي نحو 5.4 مليار دولار، ليبلغ نحو 40 مليار دولار، وذلك بعد تغطية احتياجات السوق المحلية من النقد الأجنبي، واستيراد سلع استراتيجية، وسداد الالتزامات الخاصة بالدين الخارجي للدولة، وفقا للبنك المركزي.
وقال العمدة، وهو أيضا رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب المحافظين المصري، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن هذا القرض سيكون "قرضا استثنائيا بفائدة قليلة، ويسدد على فترة من 3 إلى 5 سنوات، وليس له شروط مسبقة".
وأضاف أن صندوق النقد الدولي طرح حزمة مالية تقدر بـ 50 مليار دولار، منها 40 مليارا للأسواق الصاعدة، و10 مليارات للدول الأكثر فقرا، لمواجهة تداعيات أزمة مرض فيروس كورونا.
وتابع أن "مصر بحكم أنها عضو فى صندوق النقد، وتدفع اشتراكا سنويا، من حقها أن تستفيد من المزايا التي يقدمها الصندوق".
وتوقع الخبير المصري، أن تتراوح قيمة القرض بين ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار، ورجح "موافقة سريعة" بعد أسبوعين من الآن من الصندوق على القرض المصري، على أن تستلمه مصر مباشرة.
بدوره، قال الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن مصر طلبت هذا القرض "على سبيل التحوط خشية استمرار أزمة كورونا لفترة أطول"، و "سد العجز في الموازنة العامة وتلبية مخصصات الحماية الاجتماعية واستقرار سعر الصرف".
وتشهد مصر استقرارا في سعر الصرف منذ نجاح برنامجها للإصلاح الاقتصادي، الذي تضمن تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية في أواخر 2016، بينما بلغ العجز في موازنتها العامة خلال العام المالي 2018 – 2019 نحو 8.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتستهدف خفضه خلال العام الحالي 2019 – 2020 إلى 7.2 %، وذلك قبل ظهور أزمة مرض فيروس كورونا.
وأكد جاب الله أن "مصر قادرة حتى الآن على التصدي لتداعيات أزمة مرض فيروس كورونا، ولا تحتاج القرض حاليا خاصة أن الاحتياطي النقدي لديها يكفى احتياجاتها الأساسية لمدة ثمانية شهور، لكنها طلبت القرض خشية استمرار الأزمة لفترة أطول، وتريد أن يكون موقفها قويا في مواجهة التداعيات".
وأشار إلى أن مصر تتعرض لضغوط، أهمها خروج مال ساخن وصل إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار، كما أن قطاع السياحة الذي كان يدر نحو مليار دولار شهريا توقف.
وأوضح أن صندوق النقد لديه آلية "التمويل السريع"، لمساعدة الدول الأعضاء التي تتعرض لأزمات بصورة تؤدي لمشكلات في ميزان المدفوعات.
ولفت إلى أن مصر التي تملك حصة في صندوق النقد تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار سوف تحصل على القرض في إطار هذه الآلية، لذلك سيكون قرضا منخفض التكلفة بصورة كبيرة جدا، بل سيكون من أقل مصادر التمويل تكلفة في الوقت الحالي.
واعتبر جاب الله، أن مصر لو حصلت على القرض فإنه سيكون بمثابة "شهادة ثقة في اقتصادها"، مضيفا أن "الصندوق عندما يقرض دولة ما خصوصا فى إطار آلية التمويل السريع يكون لأحد ثلاثة أسباب، الأول يتعلق بحصة الدولة في الصندوق، وثانيا: أن يكون هناك ضغوط على ميزان المدفوعات، وهذا يتم بسبب مرض فيروس كورونا، وثالثا: قدرة الدولة على السداد".
ورد على سؤال حول مدى احتمالية أن يضع الصندوق شروطا لمنح مصر القرض، بتأكيده أن آلية التمويل السريع ذات طبيعة خاصة وترتبط بمعالجة أزمة محددة، لا برنامج متكامل مثل القرض الذي حصلت عليه مصر في العام 2016.
وأردف أن "كل ما يهم الصندوق فى الفترة القادمة من مصر هو استكمال عمليات الإصلاح الهيكلي لقطاعات الاقتصاد، وهذه العمليات تعطي للمواطن مزايا أكثر ما تعطي مزايا للدولة، لأنها ستؤدي إلى تسهيل الخدمات الحكومية والقضاء على الاحتكار.
واستبعد أن يؤدي حصول مصر على القرض إلى ارتفاع أسعار السلع في البلاد، مضيفا أن "المؤكد حتى اللحظة أن هناك ركودا فى السوق المحلية، وحتى ترتفع الأسعار لأبد أن تكون هناك زيادة فى الطلب، لكن المعروض كثير جدا، والطلب محدود".