بكين 7 مايو 2020 (شينخوا) ربما لم يتوقع نيكولو مكيافيلي أبدا أن كُتيبه الذي يحمل اسم ((الأمير)) والذي يتحدث عن السياسة، سيصبح كتيبا للسياسيين الذين يناصرون عقيدة الخداع والقسوة في المناورات السياسية على مر القرون، بعد وفاته.
اليوم، لدى المنهج المكيافيلي بعض الورثة المخلصين الجدد في واشنطن الذين مارسوا النظرية السياسية إلى أقصى حد في مواجهة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
إن أحد دروس مكيافيلي الرئيسية: "من يسعى للخداع سيجد دائما شخصا سيسمح لنفسه بأن يُخدع." ولقد اتضح أن بعض السياسيين في واشنطن طلاب جيدون حقا في هذه التعاليم.
فمنذ تفشي المرض، كان صانعو السياسات في البيت الأبيض يبذلون قصارى جهدهم للتلاعب بالرأي العام في بلادهم وبلدان العالم.
وفي البداية، لم يكلف صانعوا السياسات أنفسهم عناء أخذ التحذيرات المبكرة المتكررة من ضباط الاستخبارات والخبراء لديهم ومن منظمة الصحة العالمية وبكين على محمل الجد، ووصفوا المرض الهائج بأنه "خدعة".
وعندما بدأ المرض في الانتشار في الولايات المتحدة، بدأوا يتظاهرون كما لو أنهم لا يعرفون شيئا عن مسبب المرض، وألقوا باللوم على الصين ومنظمة الصحة العالمية والإدارة الأمريكية السابقة وما يسمى بالدولة العميقة في أمريكا وأي شخص آخر يمكنهم التفكير فيه، باستثناء أنفسهم.
كما تحدث مكيافيلي في كتيبه عن درس "الغاية تبرر الوسيلة"، ويبدو أن هؤلاء الأنانيين الباحثين عن السلطة في واشنطن مؤمنون حقيقيون بتلك العقيدة.
ففي محاولة لضمان الفوز في الانتخابات المزمعة في نوفمبر، تهتم الإدارة الأمريكية الحالية بعدد بطاقات الاقتراع أكثر من عدد الجثث.
إنهم يهملون دور العلماء والمنطق السليم في صنع القرار، وهم على استعداد لإسكات أو إقالة أي شخص يعارض نهجهم.
بينما المذهب المكيافيلي الثالث الذي يبدو أن البيت الأبيض قد استلهم منه، هو "الوعد المقدم هو ضرورة من ضرورات الماضي؛ والوعد غير المنجز ضرورة الحاضر".
ومن المعروف على نطاق واسع أن الولايات المتحدة ساعدت في بناء النظام العالمي بعد الحرب، وهو النظام الذي تدعمه مؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي.
واليوم ، قررت واشنطن أن ترتيبات الحوكمة العالمية، التي دعمتها ذات مرة، تتعارض مع رغبتها في وضع "أمريكا أولاً"، أو بعبارة أخرى، فإن واشنطن تضع نفسها فوق الآخرين. وهكذا بدأت ممارسة عقيدة الانسحاب.
لأكثر من ثلاث سنوات، قطعت هذه الإدارة نفسها عن مجموعة من المنظمات أو المعاهدات الدولية. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت تعليق تمويل منظمة الصحة العالمية في حين اتهمتها "بسوء الإدارة الشديد والتغطية على انتشار المرض".
إن الولايات المتحدة بصفتها القوة العظمى الوحيدة في العالم، عليها أن تتوقف عن العمل كرائد الفوضى في هذه الحرب العالمية على المرض. إن استغلال سلطتها بهذه الطريقة المكيافيلية سيسمح فقط للمرض بإحداث المزيد من الدمار والخسائر في الأرواح. وهذا ثمن باهظ للغاية تدفعه الولايات المتحدة وبقية العالم.