مع بداية الظهور المفاجئ لانتشار كوفيد-١٩ بدأت إجراءات مكافحة المرض والتي تعمل على حماية المصير المشترك للبشرية كلها. هذه ليست فقط معركة لمنع هذا المرض والسيطرة عليه، ولكنها أيضا معركة خاصة لحماية روح الحضارة الإنسانية. يدرك الناس بشكل متزايد بأن هذا الفيروس لا يختبر فقط الإدراك العلمي للإنسان ويحافظ على صحته، ولكنه أيضا يشكك في الحضارة الإنسانية إن كانت قادرة حقا على حماية الجميع من كل العواصف المحدقة في أوقات الأزمات أم لا.
من البديهي أنه للتغلب على نوع من الفيروسات الجديدة غير المعروفة مثل فيروس كوفيد-١٩ فإن التحديات والصعاب التي يجب التغلب عليها أيضا لابد أن تكون جسيمة. وقد بات من الواضح بأن البحث عن استراتيجيات علاجية يتطلب معالجة المشاكل الرئيسية أولا وتصحيح جميع أنواع المغالطات لجعل العقل البشري يتغلب على ذعر ومخاوف الناس. وخاصة يجب أن نكون حذرين من انتشار جميع الأخبار الزائفة. إن نظرية المؤامرة التي لا تغيب على وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الكلمات والأفعال العنصية ضد الآسيويين ترسل إشارات خطيرة. هل نجعل من الذعر والتمييز الناجمين عن تفشي المرض يطغيان؟ أم نجعل ثقافة الإحترام المتبادل والمساواة والإنفتاح والشمولية تتألق أكثر؟ لذلك يجب أن تكون الإجابة واضحة فيما يتعلق بالمصير المشترك للبشرية.
لقد دعت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية إلى الوحدة وليس إلى وصم الآخرين بصفات سيئة وقد استجاب الزعماء السياسيون في مختلف البلدان لهذا النداء وأعلنوا ”لا يمكننا أن ندع الذعر يتملكنا مثل الفيروس“. ردا على ذلك قال أشخاص من مختلف البلدان بأنهم يقفون إلى جانب الشعب الصيني. عند النظر إلى جميع الأماكن في العالم، والنظر إلى التيارات الدافئة المتصاعدة وإدراك ضوء الطبيعة البشرية الجميل، يشعر الناس بالرضا حين يستنتجون بأن التيار الرئيسي في العالم يولد من رحم الخير ويقبل الجمال والإنسجام والوئام وجميع الإختلافات مهما كان نوعها.
لمواجهة جميع أنواع الشائعات ونظريات المؤامرة والكلمات والأفعال العنصرية بسبب المرض، من السهل توضيح ودحض نقطة واحدة. كل الشائعات عرضة لأدلة علمية صارمة، وكل نظريات المؤامرات لها عيوب واضحة يصعب إخفاؤها وجميع أنواع الممارسات العنصرية مرفوضة في الحضارة الإنسانية. ومع ذلك ومثلما يصعب إيقاف تفشي الفيروس، من الصعب أيضا منع انتشاره، ولمواجهة التحديات التي تصاحبه فإن أهم شيء هو أن يتمكن المجتمع والعالم كله من زيادة الوعي بالحفاظ على موقف علمي موحد ودعم روح الحضارة. لتحقيق ذلك يتعين على الحكومات والمنظمات الدولية والمؤسسات الإجتماعية والشخصيات العامة لعب دور إيجابي.
وكما يقول المثل “الحكيم لا يحتار”. مفتاح منع انتشار المعلومات الخاطئة والمعلومات الضارة هو توسيع نطاق توفير المعلومات العلمية والمعلومات الفعالة. ولمكافحة المرض، أصرت الحكومة الصينية على إصدار معلومات موثقة على مستويات عدة وعملت على مساعدة الجماهير بشكل فعال لطمأنتهم وإطلاع المجتمع الدولي بأدق التفاصيل في الوقت المناسب حول الإحصائيات المتعلقة بالفيروس والتي حازت على تقدير واحترام العالم. تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الصين قد التزمت دائما بمبدأ الإنفتاح والشفافية وعملت على نشر المعلومات في حينها، وسرعان ما حددت السلسلة الجينية للفيروس واعتمدت تدابير حاسمة وفعالة للسيطرة على انتشار المرض، مما يعكس بأنها لا تتحمل المسؤولية الكبيرة التي على عاتقها في مراعاة حياة الناس وصحتهم فحسب، ولكنها أيضا تدعم العالم في السيطرة على الأمراض المعدية ومكافحتها. لذلك يمكن القول بأن هذه الممارسات المسؤولة يجب أن تكون كافية لتقليل الذعر والعنصرية وبأنها تجسيد لروح الحضارة الإنسانية.
في مواجهة التعذيب الحضاري الناتج عن هذا الفيروس، وبغض النظر إن كان بلدا أو فردا، فيجب عليهم تسليم أوراق الإجابة. نحن على ثقة بأن البشر والحضارة سينتصرون ونحن بحاجة إلى الإختيار. هل يمكننا العمل معا ضد عدو مشترك وخطير؟ أم أننا نترك الخوف والذعر والشك واللاعقلانية يتملكوننا؟ لقد دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس إلى التفكير في هذا السؤال أثناء مؤتمر الأمن في ميونيخ قبل بضعة أيام. بالعلم والعقلانية فقط تتغلب الحضارة على الخوف والمجهول، والتعامل مع بعضنا البعض على قدم المساواة والإحترام المتبادل والإنفتاح والتسامح هو المعنى الصحيح لبناء مجتمع ذو مصير مشترك.