هبة علوي باحثة تونسية، جامعة جنجو بمقاطعة خهنان
قبل تفشي فيروس كورونا وفي الأوقات العادية كنت أستقبل الأعياد الصينية مع أصدقائي وزملائي الصينيين و عائلاتهم. و من خلال هذه الأعياد أتعرف أكثر على العادات والتقاليد الصينية. وكلها ذكريات جميلة لاتزال راسخة في ذهي إلى اليوم. لكن هذه المرة وإبتداء من عيد الربيع الصيني الى عيد الفوانيس كان هنالك اختلافا كبيرا. فبسبب انتشار هذا الفيروس ، إلتزمنا جميعا بالحجر الصحي وإلتزمنا بكل القوانين التي وضعتها الحكومة الصينية بهدف حماية الجميع. وكانت طريقتنا في استقبال الأعياد مختلفة أيضا فقد كنا نتبادل المعايدات عبر تطبيق الوتشات ومختلف أنواع التواصل الاجتماعي. ومع هذه المعايدات تواجدت جمل جديدة مثل "لا تنسى إرتداء الكمامة عند الخروج ، كن حذرا وحافظ على صحتك."
عندما بدأ الفيروس في الإنتشار قررت البقاء بالصين وبكل تأكيد قلق الأهل على صحتي. فأنا لا أنكر مدى قلقهم وخاصة في بداية الأحداث، عندما أعلنت الصين حالة الطوارئ بكامل البلاد و الإعلان عن العزل الصحي وعزل مدينة ووهان. كانت عائلتي وكل أصدقائي التونسيين و كل من يعرفني في قلق شديد، ودعوني إلى العودة إلى تونس. لكن عندما شرحت لهم إن الصين حكومة وشعبا قادرة على تجاوز المصاعب و الاعتناء بالمقيمين الأجانب تماما مثلما تفعل مع مواطنيها، تفهموا قراري. لكن هناك سببا آخر دفعني لعدم المغادرة. فقد أردت أن أبقى إلى جانب أصدقائي الصينيين في مدينة جنجو من مقاطعة خهنان، خلال هذه الأوقات الحرجة، ونتجاوزها سويا. فأنا لدي شعور بالانتماء إلى هذا البلد الذي استقبلني أجمل استقبال. ولم أشأ تركه في هذا الوقت بسبب الفيروس، بل أن أشارك مواطنيه هذ الظرف وأشهد معهم انتصار الصين على الوباء. فأنا على قناعة تامة أن الحكومة الصينية وما تمتلكه من قدرات وإرادة جبارة تستطيع التغلب على أصعب الأزمات.
خلال هذه الفترة، حرصت دائما على توخي التدابير الوقائية والإهتمام بالنظافة الشخصية والمنزلية، والالتزام بالتعليمات الحكومية. والإبقاء على تواصل مع خدمة الطوارئ توقيا من أي مستجد. وارتداء الكمامة أثناء الخروج، والخروج فقط عند الضرورة القصوى. ولايفوتني هنا أن أتوجه بالشكر إلى كل المسؤولين في جامعتي لحرصهم على سلامتنا، نحن الطلاب الأجانب. فقد ظلّت ادارة الجامعة تحافظ على تواصل مستمر معنا، وتطمئن على صحتنا باستمرار.
ومن بين العوامل التي بعثت فينا الطمأنينة أثناء انتشار الفيروس، هي الشفافية العالية التي تعاطت بها الحكومة. من خلال عرض المعلومات الحية عن الإصابات وأماكن وقوعها، ويمكن لأي شخص الاطلاع عليها على مدار الساعة. فبواسطة هاتفك يمكن معرفة عدد الإصابات وأماكنها، وإضافة إلى ذلك، يمكنك معرفة الأماكن المكتظة بالناس في الوقت الحقيقي، وأقرب إصابة إليك. مما يسهل علينا توخي الحذر وتجنّب العدوى.
شاهدت كذلك مقاطع فيديو لطائرات مسيرة تطوف في الشوارع والأماكن المختلفة لإعطاء التحذيرات للمواطنين المخالفين وارشادهم للبقاء في بيوتهم وارتداء الكمامات الطبية. ولتجنب العدوى أكثر والسيطرة على المرض و حفظ سلامة المواطنين، فقد وفرت الحكومة الصينية التعاملات المالية والتسوق عبر الإنترنت. وهي قطاعات تشهد تطورا غير مسبوق في الصين. ويمكنك، بواسطة هاتفك المحمول شراء المواد الغذائية وكل ما تحتاجه ليصلك الى بيتك مباشرة دون عناء ودون الحاجة إلى الخروج.
كما تعمل الصين على زيادة الاعتماد على تطبيقات التعلم عبر الإنترنت على نطاق واسع بعد تأجيل بداية الفصل الدراسي بسبب تفشي فيروس كورونا. حيث بدأ 600 ألف مُعلم تدريس المناهج عبر الإنترنت لحوالي 50 مليون طالب في جميع أنحاء الصين. وهنالك مشاهد كثيرة تثير الإعجاب والطمأنينة في كل الجوانب الصحية والتكنولوجية والعلمية والأمن الغذائي. كل ذلك يخبرنا أن الصين قادرة على احتواء هذا الوباء والقضاء عليه ، وأنها خط الدفاع الأول عن العالم أجمع.
إن ثقتي في قدرة الصين على تخطي هذه المحنة والقضاء على هذا الوباء عالية جدا. فالصين طموحة دائما تطلعاتها، وواقعية كذلك في تحقيق أهدافها. وهي قادرة على إختراع اللقاح للقضاء على هذا الوباء في الوقت القريب. فالبحث العلمي والدراسات الطبية اليومية قادرة على تحقيق النتائج وخاصة أن الطواقم تعمل ليلا نهارا من أجل الصين وشعبها والمقيمين على أرضها. وأكبر دليل على ذلك إنشاء مستشفى متخصص بمدينة ووهان من أجل تقديم الخدمة للمصابين وعمل الدراسات والفحوصات المخبرية من خلال طواقم طبية متخصصة تبذل كل جهدها للقضاء على هذا الوباء. فالصين ترفع شعار التعايش والمصير المشترك مع جيرانها والعالم بأسره. وهدفها هو تحقيق التنمية والإزدهار والعيش المشترك المبني على الإحترام وتحقيق السعادة والتقدم المنشود للبشرية جمعاء. وكلي ثقة في أن الصين ستبقى منارة للتقدم والإزدهار وتحقيق السلام والتنمية ولن تتخلى عن هذا المبدأ.