بكين 5 يناير 2020 (شينخوا) أوفت الصين بوعدها بزيادة وارداتها خلال عام 2019 وسط موجات مد متصاعدة للحمائية، وهو ما عزز التوسع الاقتصادي المحلي ومنح بارقة أمل للشركات متعددة الجنسيات التي عانت من تراجع نمو أرباحها في أجزاء أخرى من العالم.
وعلى مدار سنوات، تحولت الصين من نموذج تقوده الاستثمارات إلى اقتصاد يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك المحلي. ويواصل الاستهلاك الاضطلاع بدور تتزايد أهميته في دفع النمو الاقتصادي، حيث أسهم بنسبة 60.5 بالمئة في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2019.
وقال تشانغ في نائب مدير الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي، "إن زيادة الواردات ستسهم على نحو إيجابي في تعزيز مناطق نمو جديدة في إنفاق المستهلكين، وستسرع تحول نموذج التنمية الاقتصادية للبلاد".
وسعيا لمواصلة تلبية الطلب المحلي المتنامي، خفضت البلاد أو ألغت رسوما على بعض المنتجات بدءا من الأول من يناير الجاري.
-- طلب قوي على السلع عالية الجودة
انطلاقا من نجاح النمو الاقتصادي القوي على مدار العقود الأربعة الماضية، أبدى المستهلكون الصينيون طلبا قويا على السلع عالية الجودة وأنماط الحياة المريحة.
وارتفعت مبيعات التجزئة، وهي معيار رئيسي للاستهلاك، بواقع 8 بالمئة على أساس سنوي خلال الـ11 شهرا الأولى من العام الماضي.
وقال قان تشون هوي، نائب رئيس أكاديمية شانغهاي للعلوم الاجتماعية، "إن المستهلكين الميسورين يرغبون في الإنفاق".
ويرى بعض المستهلكين أن السلع الأجنبية أعلى جودة من نظيراتها المحلية، وهو ما يعد سببا رئيسيا لارتفاع الطلب على السلع المستوردة.
وأضاف قان أنه "خلال وقت وجيز، بات تعزيز الواردات وسيلة فعالية لسد الفجوة بين الطلب المحلي على السلع عالية الجودة وقدرة الإمداد الفعلية للبلاد".
-- سوق رابحة
تقدم الصين بسوقها التي يزداد انتعاشها وتضم 1.4 مليون مستهلك، وإجراءاتها القوية للانفتاح على نحو أكبر، فرصا ثمينة للشركات العالمية.
فعلى سبيل المثال سجلت شركة صناعة لعب الأطفال الدنماركية "ليجو" نموا منخفضا أحادي الرقم في السوقين الأوروبية والأمريكية خلال عام 2018، لكن مبيعاتها كانت لافتة على نحو أكبر في السوق الصينية حيث سجلت نموا قويا مزدوج الرقم.
وفتحت الشركة متجرها الـ100 للبيع بالتجزئة في شيآن في يوليو 2019، وهو أول متجر معتمد لها في شمال غربي الصين، في خطوة تهدف إلى توسيع حضورها في المدن الداخلية بالبلاد.
كما قام عدد من الشركات الدولية بينها "أديداس" و "نايكي" بافتتاح متاجر كبرى جديدة في مدن صينية كبرى العام الماضي، بينما قامت سلسلة متاجر "ألدي" الألمانية بالدخول إلى سوق البر الرئيسي الصيني، وغزت متاجر "لوسون" مدن الدرجتين الثالثة والرابعة.
وسعيا من جانبها للوفاء بتعهدها بتوسيع الواردات، احتضنت الصين معرضين للاستيراد على مدار عامين متتاليين في شانغهاي، حيث كان الظهور الأول لآلاف المنتجات بهدف جذب الطبقة المتوسطة المتنامية في الصين.
ولمواصلة فتح سوقها، كشفت الصين خلال الأعوام القليلة الماضية عن سلسلة من التدابير، شملت تقليص القائمة السلبية للاستثمارات الأجنبية، وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وتحسين بيئة الأعمال.
كما تعهدت البلاد بمواصلة خفض التعريفات وتكاليف الصفقات المؤسسية، وتطوير مناطق عرض لدفع تجارة الاستيراد من خلال سبل مبتكرة، واستيراد المزيد من السلع والخدمات عالية الجودة من حول العالم.