عقد البرلمان التركي في 2 يناير الجاري "اجتماعًا طارئًا" للتصويت على خطة إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا. ومن المتوقع أن يحدث التدخل التركي تأثيرا كبيرا على الوضع في ليبيا والمنطقة.
وكانت تركيا و "حكومة الوفاق" الليبية قد توصلتا الشهر الماضي إلى اتفاق دفاعي، يقضي بتزويد تركيا لحكومة الوفاق بالأسلحة والمعدات وتدريب جنودها، وتقاسم الجانبان للمعلومات الاستخباراتية. وبعد امضاء الاتفاق، أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى أن البرلمان التركي سيصوت على خطة ارسال قوات عسكرية الى ليبيا في 8 أو 9 يناير. لكن عملية التصويت كانت قبل هذا الموعد بأسبوع. وسيسمح الاتفاق للحكومة التركية بإرسال قوات إلى ليبيا لمساعدة "حكومة الوفاق" الليبية في قتالها مع قوات "الجيش الوطني" التي يقودها الجينرال المتقاعد خليفة حفتر. ومن المتوقع أن تحدد الحكومة التركية توقيت نشر قواتها وحجمها في وقت لاحق.
وتوجد العديد من الاعتبارات الاستراتيجية لدى تركيا وراء تدخلها في ليبيا. فبعد سقوط نظام القذافي، سقطت البلاد بأكملها في حالة انقسام، حيث سيطرت "حكومة الوفاق " المعترف بها من قبل الأمم المتحدة على العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية. في حين شكل المؤتمر الوطني تحالفًا مع قوات "الجيش الوطني" بقيادة خليفة حفتر، والتي سيطرت على المناطق الشرقية والوسطى والجنوبية. وفي أبريل من العام الماضي، شنت قوات "الجيش الوطني" عملية عسكرية ضد طرابلس وخاضت معارك شرسة مع "حكومة الوفاق "، مما تسبب في سقوط آلاف الضحايا. وبينما تحظى حكومة الوفاق بدعم كل من تركيا وقطر، تدعم كل من روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر وفرنسا قوات "الجيش الوطني". وفي منتصف ديسمبر من العام الماضي، أعلن حفتر عن عملية عسكرية حاسمة للسيطرة على العاصمة طرابلس. ولاحقا، هاجمت قوات حفتر مصراتة، ثالث أكبر مدينة في ليبيا وشرق طرابلس، وقام بتفجير عددًا كبيرًا من المعدات العسكرية التي قدمتها تركيا لحكومة الوفاق. وهو ما صعّد الحرب الليبية وكان السبب المباشر لتسريع تركيا تدخلها في ليبيا.
من جهة أخرى، هناك اعتبارات نفطية واقتصادية ضخمة وراء التدخل التركي. وفي هذا الصدد، ترى خه ون بينغ، الباحثة في معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن تركيا تدعم منذ فترة طويلة "حكومة الوفاق" الليبية لأسباب ايديولوجية واقتصادية ودبلوماسية. حيث توجد علاقة بين حكومة الوفاق وجماعة الاخوان المسلمين. وفي إطار سعي تركيا إلى توسيع نفوذها الاقليمي، وقعت في وقت سابق اتفاقية مع "الوفاق" لتقاسم الموارد في المياه البحرية والنفط والغاز الطبيعي. حيث تطمح لزيادة نفوذها في مجال الموارد.
ويرى مراقبون بأن التدخل العسكري التركي سيزيد من سعير “حرب الوكالة" في ليبيا. ونظرا لقوة الجيش التركي فإن تدخله في الحرب الليبية قد يغير مجرى الحرب الليبية ويساعد حكومة الوفاق على هزم قوات حفتر. في هذا الصدد، ترى ون بينغ إن روسيا والدول الأخرى التي لديها تضارب في المصالح لن تقف مكتوفة الأيدي وتوقع بأن تشارك المزيد من القوى الكبرى في الحرب وبأن ينتقل الخلاف بين المصالح من السرية إلى العلنية. وهو ما قد يؤدي إلى اعادة السيناريو السوري في ليبيا.