صنعاء 2 يناير 2020 (شينخوا) تسحر عيون الزائرين الألوان البراقة الجميلة المنعكسة من على نوافذ نصف دائرية مصنوعة من الزجاج الملون والجبس ومثبتة فوق الحواف العلوية لنوافذ المنازل القديمة المبنية من الطوب الطيني في قلب العاصمة صنعاء دوما.
لكن هذه الهندسة اليدوية القديمة معرضة لخطر الزوال بسبب الحرب وبسبب توجه الكثير نحو الطراز المعماري الحديث مفضلين النوافذ المصنوعة من الألومنيوم.
ويطلق عليها اليمنيون اسم "القمرية" وهم اسم مشتق من كلمة القمر، حيث تسمح بنفاذ ضوء القمر إلى داخل الغرف وتحجب أعين المتطفلين من اختلاس النظر إلى داخل المنزل.
ويساعد هذا التصميم الفريد للنافذة في دخول الضوء الطبيعي إلى غرف منازل اليمنيين أثناء انقطاع التيار المستمر منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل أكثر من أربع سنوات.
ومع ذلك، فإن الطلب على نوافذ "القمريات" قد انخفض بشكل كبير بسبب الحرب على وجه الخصوص وبسبب نوافذ الألومنيوم الحديثة المستوردة التي تفضلها الأساليب المعمارية الحديثة.
وقال الحرفي محمد الوصابي من ورشة عمله في صنعاء لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لقد أثرت الحرب علينا بشكل كبير... قبل الحرب تعودنا أن نستقبل طلبات جديدة كل يوم لصناعة نوافذ القمريات، لكن الآن أصبح ذلك نادراً، كما أصبح الكثيرون يفضلون نوافذ الألومنيوم الحديثة".
وعبر الوصابي، الذي تعمل عائلته في هذا المجال منذ مئات السنين، عن أسفه لتراجع هذه الصناعة التقليدية.
واندلعت الحرب في أواخر عام 2014 بعد أن اقتحمت جماعة الحوثي العاصمة صنعاء واضطرت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من تحالف عربي تقوده السعودية إلى المغادرة إلى عدن واتخاذها "عاصمة مؤقتة".
ومع ذلك، يحب سكان صنعاء المحليون بشدة الهندسة المعمارية التقليدية وأنماطها الهندسية التي تعود إلى مئات السنين، ويفاخرون بإرث الأجداد.
وقال ماجد العولقي، أحد سكان صنعاء، "إن القمرية هي جزء حيوي من التراث الثقافي والمعماري اليمني منذ آلاف السنين ... لذلك نحن نحبها".
وأما أمين الشامي، وهو أيضا أحد سكان العاصمة، يقارن بين القمرية مع نافذة الألومنيوم الحديثة التي تحتاج إلى ستارة ثقيلة للحفاظ على خصوصية المنزل، لكنها تحجب الضوء الطبيعي من الدخول إلى الغرف.
ويصف الشامي قائلا "القمرية تجعل المنظر الداخلي والخارجي للمنزل غاية في الجمال، كما يعكس الزجاج الملون ضوء القمر وضوء الشمس ليضيء داخل الغرف، مما يخلق جواً ملونًا مميزًا".
مدينة صنعاء القديمة مسجلة في قائمة التراث العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو)، وهي مأهولة منذ أكثر من 2500 عام.
وتحوي المدينة حوالي ستة آلاف منزل، وكل منزل مكون من عدة طوابق مبنية من الطوب الطيني ومزين بنماذج هندسية من الجص الأبيض ونوافذ زجاجية ملونة تسمى "القمريات" تضيف جمالا ملونا إلى المدينة الأثرية.