الدوحة أول يناير 2020 (شينخوا) ودعت قطر العام 2019 والذي كان عاما رياضيا بامتياز على خطى البلد الخليجي الغني لاستضافة مونديال 2022، كما كان عام كسر الجمود الذي طال الأزمة الخليجية منذ اندلاعها، وتخللته أحداث مهمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وحققت قطر إنجازات رياضية ملحوظة خلال 2019، الذي شهد فوز هذا البلد للمرة الأولى في تاريخه ببطولة كأس آسيا لكرة القدم التي أقيمت في الإمارات مطلع العام 2019، وهو الفوز الذي خول المنتخب القطري المشاركة لأول مرة في بطولة كوبا أمريكا في البرازيل الصيف الماضي.
ودشنت قطر في مايو الماضي استاد الجنوب، ثاني ملاعب مونديال 2022 جاهزية بعد استاد خليفة الدولي والأول الذي يتم تشييده كاملا من الصفر، في حين ما يزال العمل جاريا على قدم وساق من أجل الانتهاء من باقي ملاعب البطولة الستة ومن المتوقع افتتاح عدد منها هذا العام وأبرزها استاد المدينة التعليمية.
كما دشنت الدوحة في 3 سبتمبر الماضي الشعار الرسمي لكأس العالم 2022، والذي جاء معبرا عن أول مونديال في التاريخ تستضيفه دولة عربية، ونظمت على مدار العام زهاء 58 حدثا رياضيا، بزيادة 18 فعالية عن العام الذي سبق.
وشمل ذلك بطولات كبرى مثل بطولة العالم لألعاب القوى التي شارك فيها ألفا رياضي من أكثر من مائتي دولة ، وبطولة كأس الخليج العربي "خليجي 24" والتي توج بلقبها المنتخب البحريني لأول مرة في تاريخه، وبطولة كأس العالم للأندية التي أحرز لقبها ليفربول الإنجليزي لأول مرة في تاريخه أيضا.
ومثل "خليجي 24" الذي أقيم في الفترة بين 26 نوفمبر و8 ديسمبر، انفراجا على صعيد الأزمة الخليجية من بوابة الرياضة وذلك بعد مشاركة منتخبات السعودية والإمارات والبحرين في البطولة رغم قرارها السابق بمقاطعة البطولة، ووصول لاعبين ومشجعين برحلات مباشرة إلى الدوحة لأول مرة منذ اندلاع الأزمة.
وانعكس هذا الانفراج الرياضي إيجابا على السياسة، إذ كشف وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في ديسمبر عن أول محادثات مباشرة مع السعودية، كسرت جمودا في مسار الأزمة التي اندلعت في 5 يونيو العام 2017 بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومعها مصر من جهة أخرى.
وصرح الشيخ محمد في 6 ديسمبر الماضي بأن "هناك مباحثات مع الأشقاء في السعودية ونأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية"، موضحا انه تم الانتقال من طريق مسدود إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن العلاقة، وأن الحديث لم يعد يدور عن مطالب دول المقاطعة الـ 13 والمفاوضات تبتعد عنها.
وقال لاحقا في الشهر نفسه في تصريحات لوسائل إعلام أجنبية "كسرنا جمود عدم التواصل ببدء التواصل مع السعوديين"، مشيرا إلى أن بلاده تريد فهم الشكاوى ودراستها وتقييمها وبحث الحلول التي يمكن أن تحميها مستقبلا من أي أزمات محتملة.
ورفعت قطر مستوى تمثيلها في قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 40 في الرياض يوم 10 ديسمبر الماضي، وذلك بمشاركة رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني.
وكان للاستقبال "الدافئ"، حسب وصف المراقبين، الذي حظي به الشيخ عبدالله والوفد المرافق له من العاهل السعودي الملك سلمان دلالته حيث اعتبره كثيرون مؤشرا على استعداد متبادل لدى البلدين لحل الأزمة، على أمل أن يتم ذلك تدريجيا خلال العام الحالي.
وعلى صعيد دورها في الوساطة، استمرت قطر في استضافة المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية لتحقيق السلام في أفغانستان، وكان الجانبان على وشك توقيع اتفاق سلام تاريخي في سبتمبر الماضي بعد تسع جولات من المباحثات، غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علق المفاوضات بشكل مفاجئ في الشهر نفسه.
وبعد مضي حوالي ثلاثة أشهر على توقف المفاوضات أعلنت الدوحة في 7 ديسمبر الماضي استئنافها مرة أخرى استكمالا للمحادثات السابقة، مشيرة إلى أن واشنطن وطالبان جددا شكرهما لقطر على احتضانها هذه المحادثات والدور الكبير الذي تقوم به في الوساطة بين الطرفين.
وقبل ذلك كانت الدوحة محط الأنظار في يوليو الماضي عندما استضافت مؤتمر الحوار الداخلي الأفغاني برعاية قطرية- ألمانية مشتركة بمشاركة أكثر من 60 شخصية أفغانية يمثلون جميع أطياف المجتمع بينهم مسؤولون حكوميون وقادة من طالبان، وتوافق المجتمعون في نهاية المؤتمر على خارطة طريق للسلام.
ولم يقتصر دور قطر في الوساطة في الملف الأفغاني، إذ لعبت دورا في تخفيف حدة الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران عقب التوترات غير المسبوقة التي شهدتها منطقة الخليج منذ مايو الفائت، بعد حوادث تخريب طالت ناقلات نفط في مياه الخليج، والتي عززت المخاوف من اشتعال فتيل المواجهة بين الجانبين.
وأعلن الشيخ محمد بن عبدالرحمن في يونيو أثناء وجوده في العاصمة البريطانية لندن، أن الدوحة تجري محادثات مع واشنطن وطهران لإنهاء التصعيد بين الجانبين، وحثهما على الاجتماع والتوصل لحل وسط.
أما على الصعيد الداخلي، فقد كان أبرز حدث إصدار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 30 أكتوبر الماضي قرارا بإنشاء لجنة عليا للتحضير لأول انتخابات لمجلس الشورى القطري، لتحويل المجلس من "معين" إلى "منتخب".
وكانت الانتخابات التشريعية في قطر قد تأجلت غير ذات مرة، وانتهت مدة مجلس الشورى الحالي المعين، في يونيو العام 2019، لكن أمير قطر أصدر قرارا بمد الفترة سنتين ميلاديتين تبدأ اعتبارا من أول يوليو العام نفسه وتنتهي في 30 يونيو العام 2021، ينتظر بعدها أن يخوض القطريون أول تجربة تشريعية ديمقراطية في بلادهم.
وعلى الصعيد الاقتصادي، حقق الاقتصاد القطري في 2019 فائضا في الموازنة بـ 4.3 مليار ريال (1.18 مليار دولار) للعام الثاني على التوالي، بعد عجز منذ العام 2016 والذي عد أول عجز في موازنة قطر منذ 15 عاما.
واعتمدت قطر في 16 ديسمبر الماضي ميزانية العام 2020 بقيمة حوالي 58 مليار دولار، والتي تعد الأعلى حجما في الإنفاق منذ خمس سنوات، مع توقعات بتحقيق فائض بنحو 500 مليون ريال (137.3 مليون دولار).
وأعلنت قطر في 25 نوفمبر الماضي رفع طاقتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027 صعودا من 77 مليون طن حاليا وبنسبة زيادة تبلغ 64 بالمائة.
وتستقبل قطر العام 2020 على أمل مواصلة مسيرة الصعود، وقد عبر الأمير الشيخ تميم أمس (الثلاثاء) في تغريدة على حسابه في ((تويتر)) عن أمنياته بأن "يكون العام الجديد عام خير وبركة وبداية عقد جديد للأمن والسلام والرخاء".