دمشق، 16 ديسمبر 2019 (شينخوا) ليس مهما ما هو نوع أو اسم الرقصة التي يؤدّونها، سواء كانت سالسا أو تشاتشا أو رومبا، فقد برهن بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية، بأنهم قادرون على الرقص على كراسيهم المدولبة، بأداء رشيق وحركات واثقة والتفافات فنية، تغلّبوا فيها على الصورة النمطية للأشخاص ذوي الإعاقة.
في مركز لإعادة تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في العاصمة السورية دمشق، شاركت حفنة من الأشخاص على الكراسي المتحركة في دورة للرقص مدتها 5 أيام نظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي أول دورة للرقص على الكراسي المتحركة في البلاد.
بالنسبة لهم، وقبل هذه الدورة، كان الرقص غير وارد إطلاقاً، ليس لأنهم غير قادرين على أدائه، بل لأنهم لم يفكروا في تجربته سابقاً.
ومع ذلك، فإن إرادتهم القوية لإثبات أنفسهم في المجتمع دفعتهم للمشاركة في التدريب وأداء الرقصات المتنوعة.
ورقص أربعة أشخاص على الكراسي المتحركة مع أربعة راقصين على أقدامهم، وبدأ التفاعل شيئاً فشيئاً بين كل اثنين، وشكّل كل منهما لوحة متناغمة وصارا صديقين مقرّبين.
أما بالنسبة لأولئك الذين على الكراسي المتحركة، كان الأمر صعباً في البداية، لكنهم لاحقاً تعلّموا جميع الحركات وتمكنوا من أدائها بكل رشاقة بمساعدة المدرّب الإيطالي المحترف جوزيبي الذي وصل خصيصاً إلى دمشق لتعليمهم هذه الحركات.
وعلى الطرف الآخر، كان التحدّي بالنسبة للراقصين على أقدامهم، يكمن في دمج خطواتهم وحركاتهم مع الراقصين على الكراسي المتحركة، والتنسيق والمتابعة سوية على ذات الإيقاع والحركة.
وخلال زيارة لوكالة أنباء ((شينخوا)) للقاعة التي تجري فيها دروس الرقص، كان الأزواج الأربعة يرقصون ويضحكون كما لو أنهم أصدقاء يعرفون بعضهم منذ وقت طويل، وليس فقط منذ خمسة أيام.
وكان بدر الحجامي، البالغ من العمر 27 عاماً يُمسك بيد شريكته لين الخيّر، وهي تستمتع بالرقص معه أيضاً.
وصرح الحجامي لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه لم يتخيل أبدا أنه يمكن أن يرقص ذات يوم على كرسيه المتحرك بطريقة منحته الكثير من الطاقة الإيجابية والشعور بالإنجاز، قائلا "لقد أعطاني الرقص الكثير من الإضافات الإيجابية لأنه جعلني أشعر بأنني شخص مرن وقادر على فعل أي شيء وكسر كل الحدود في حياتي في لحظة واحدة، والرقص مع أي سيدة".
في غضون ذلك، قالت شريكته لين الخيّر لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التجربة كانت فريدة من نوعها بالنسبة لها لأنها اعتادت الرقص مع شركاء على أقدامهم، لكنها الآن تجرب شريكا جديدا على كرسي متحرك، معتبرة أنها كانت تجربة مذهلة.
وقالت لين "أشعر بالراحة لأنني كسرت أحد القيود التي شعر بها شخص آخر، وكان هذا على وجه الخصوص شعورا لا يوصف. إنه أمر رائع لأنك تشعر بأن لديك تأثيرا إيجابيا على الآخرين مثل بدر والباقين الذين يستخدمون الكراسي المتحركة".
وإلى جانب بدر، يُراقص أحمد عطايا كرسيّه المتحرك رغم أنه تجاوز الخمسين عاما. وقال أحمد إن "دخولي إلى حلبة الرقص كان شيئا جديدا للغاية بالنسبة لي (...) هذا الأمر جديد في سوريا وهو معبر جدا وساعدني في تفريغ طاقة سلبية".
وأتاحت هذه التجربة للأشخاص على الكراسي المتحركة فرصة لتبادل الخبرات مع الأشخاص من غير مستخدمي الكراسي.
واختارت ريتا حامد، أن تراقص شريكها سامر الذي تعرض لحادث عندما كان أصغر سنا ووضعه على كرسي متحرك.
وأمسكت ريتا بيدي سامر، وتدحرجت على أرضية الصالة الرياضية، والتفّت حول الكرسي المتحرك، بينما كانت تتلقى بعض النصائح حول كيفية التعامل الأفضل مع حركة جسدها بما يلائم شريكها.
وقالت ريتا إن "هذه التجربة وسعت آفاقي ومنحتني طاقة إيجابية (..) لقد أثبتت لي أنه يُمكنني الرقص بأي ظرف من الظروف".
وقال المدرب الإيطالي جوزيبي، إنه اكتسب خبرة في أوروبا في الرقصات بين الأشخاص على كراسي المقعدين والأشخاص العاديين، مضيفا "أنه لأمر خاص وجميل أن نرى شخصين يرقصان، وأحدهما على قدميه والآخر على الكرسي المتحرك".
من جانبه، صرح لؤي فلوح، مسؤول مشروع الأشخاص ذوي الإعاقة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو المسؤول عن النشاط، لوكالة أنباء ((شينخوا))، بأن الفكرة تكسر الصورة النمطية وتساعد الناس على كسر الحدود والاستمتاع بالرقص.
وتابع "لقد توصلنا إلى هذه الفكرة الجديدة للتغلب على الصور النمطية ولجعل الأشخاص ذوي الإعاقة يشاركون في الرقص. كان هذا أمرا صعبا، لكن كان بإمكاننا الخروج بمجموعة لطيفة وحصلنا على نتيجة جيدة للغاية".
وتعد دورة الرقص واحدة من العديد من المبادرات التي ظهرت مؤخرا في البلاد لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين ارتفعت أعدادهم خلال الحرب التي استمرت أكثر من ثماني سنوات.
ووفقا لإحصائيات حديثة صادرة عن برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية، وهو مبادرة تقييم مشتركة للأمم المتحدة تتعقب حركات النزوح والعودة، فإن 3.7 مليون أو 27 في المائة من إجمالي السكان (الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاما) يعانون من إعاقة في سوريا.