يينتشوان 24 نوفمبر 2019 (شينخوا) قبل أن يختفي ضوء النجوم في فجر الشتاء، كان ما فنغ تساي، 8 سنوات، قد انطلق بالفعل على طريق ملتوية نحو مدرسة وعلى ظهره حقيبة مدرسية.
وفي غضون ذلك، يشعل ما يان قوه، 62 عاما، الموقد لتدفئة الفصل الدراسي في الوقت الذي تحضر فيه زوجته البيض المسلوق، وهما ينتظران الطالب الوحيد في المدرسة التي تحتضنها قرية ماتاوتسي التابعة لمدينة ووتشونغ بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي شمال غربي الصين.
وفي صباح الاثنين من كل أسبوع، بعد تناول البيض، يشارك ما الصغير ما الكبير في مراسم رفع العلم. ونظرًا لعدم وجود معدات صوتية، فإن ما الكبير يغني النشيد الوطني بنبرته المميزة ويرفع العلم الوطني بنفسه، وفي ظل هذا المشهد يقف ما الصغير بكل جدية ليؤدي تحتية العلم.
وقال ما الكبير "علينا إجراء هذه المراسم كما هو الحال في المدارس الأخرى حتى إذا لم يكن هناك إلا طالبا واحدا فقط."
تأسست المدرسة قبل نحو نصف قرن، وكانت تستوعب أكثر من 180 مدرسا وطالبا في أوجها. ومع ذلك، نظرا لأن الطلاب يغادرون مع آبائهم الذين يهاجرون من أجل العمل في المدن، فقد تضاءل عدد الطلاب المسجلين في المدرسة ليصل إلى تلميذ واحد.
ويعيش والدا ما الصغير وسط الجبال وقد أنهكهما سوء الحالة الصحية، إذ تعيش الأسرة على قطعة أرض وبعض الماشية والإعانات الحكومية.
وعلى عكس شقيقته التي تبلغ من العمر ما يكفي للالتحاق بمدرسة داخلية في بلدة قريبة، لا يزال ينبغي على الصغير البقاء هنا.
لكنّ ما الكبير اختار أيضا البقاء رغم أحقيته في التقاعد قبل عامين، حيث قال إن "الأطفال من أمثال (ما الصغير) ليس لديهم سوى المعرفة من أجل الاعتماد عليها لتغيير مصيرهم. يمكن للطفل المتعلم جيدا أن ينتشل جميع أفراد أسرته من الفقر."
وقال شي يان يوي، نائب رئيس مكتب التعليم بمحافظة تونغشين التي تدير القرية "سنُبقي المدرسة مفتوحة ما دامت هناك حاجة لها."
لقد رأت الحكومة الصينية أنه ينبغي على كل طفل إنهاء تعليمه الإلزامي الذي يستمر لمدة تسع سنوات. وحتى 2018، كانت المناطق الريفية الشاسعة في الصين تحتضن أكثر من 101400 مدرسة صغيرة مثل مدرسة ما.
وعلى الرغم من قلة أعداد الطلاب في هذه المدارس، فقد نفذت سياسات تفضيلية واستثمرت الأموال لدعم تشغيلها، كما أُتيح الوصول إلى الإنترنت وحُدثت المعدات التعليمية وتحسن دخل المعلمين.
إن ما، المعلم بالمدرسة لأكثر من 40 سنة، شهد كل هذه التغييرات العظيمة.
وفي عام 2018، أصدرت وزارة التعليم خطة لتشجيع المعلمين المتقاعدين على دعم التعليم في المناطق الريفية. وكان ما يان قوه واحدا منهم، حيث يحصل هؤلاء المعلمين على علاوة سنوية قدرها 20 ألف يوان (نحو 2850 دولارا أمريكيا).
وعلى الرغم من أن ما الكبير غير قادر على تدريس الموسيقى أو الفن بنفسه، إلا أنه لا يزال بإمكان ما الصغير حضور دروس مسجلة بفضل نظام التعليم عن بُعد.
وللعناية بالمدرسة وطالبها الوحيد، انتقل الزوجان اللذان كان من المفترض أن يعتنيا بحفيدهما في المدينة إلى العيش في المدرسة.
وبعد المدرسة، ينطلق ما الصغير بمفرده على الطريق الملتوية وترافقه طواحين الهواء على المنحدر القريب. وعلى الرغم من أن رعي الماشية أولويته الأولى بعد وصوله إلى المنزل، إلا أنه يتذكر دائما الانتهاء من واجبه المنزلي في الوقت المناسب.