تقرير: لماذا يمكن تحويل " مصاصة صغيرة" إلى "عمل تجاري كبير" في العالم؟

مصاصة صغيرة واحدة بفائدة قيمتها "8 هاو" (10 آلاف هاو يساوي 1 يوان) تباع في كل مكان من العالم حققت ربحا تجاوز 200 مليون يوان في السنة، بعد الإبتكار التقني يمكن لمظلة واحدة أن تباع في الخارج بـ 2 أو 3 آلاف يوان، استطاعت محافظة صغيرة في الشمال الشرقي الصيني متخصصة في صناعة الدمى التقليدية الروسية أن تتغلب على الشركات الأجنبية لتصبح بذلك أفضل بائع للسوق الروسي.

سنويا يتم بيع أكثر من 2.1 مليون نوع من البضائع من جميع أنحاء البلاد من إيوو بمقاطعة تشجيانغ إلى أكثر من 200 دولة ومنطقة. إن البضاعة الصغيرة التي لا يتم "إعارة اهتمام لها" هي التي حققت هذه المعجزة. في سن الـ14 كان لو تشونغ بينغ الذي أصبح الآن رئيس مجلس إدارة شركة "شوانغتونغ للإحتياجات اليومية " المحدودة بإيوو، يمشي في الشوارع ويبيع فراشي الأسنان، ويعمل في الأكشاك، كما عمل في أكثر من 20 حرفة شملت مجالات الحدادة والتربية والملابس... إلى أن قرر سنة 1994 شق طريق آخر والعمل على إحداث مشروعه الخاص به والمتمثل في صناعة "المصاصات الصغيرة".

قيمة الربح في مصاصة واحدة تساوي 0.0008 يوان، مما يجعل هذا الرقم ضعيفا جدا بالنسبة إلى بضاعة معينة، لكن في الحقيقة هذا المشروع ساعده في أن تكون تجارته مربحة جدا.

الإبتكارات المستمرة والتطورات جعلت مصاصات شركة لو تشونغ بينغ تبرز من خلال هذه الصناعة. كما برزت أشكال عديدة لهذه المصاصات على شكل نظارات ومراوح وأخرى تحدث موسيقى، مما جعلها مذهلة. حيث أن واحدة من بين المصاصة المبتكرة والتي هي على شكل قلب تحصلت على أربع براءات اختراع. ويمكن استخدامها من قبل شخصين في نفس الوقت، إذ يمكنها أن تمنع العدوى المتقاطعة الناتجة عن التدفق الخلفي للمشروب. ويمكن بيع مصاصة واحدة بأكثر من 10 يوان.

أصبحت المصاصة اليوم الحالة النموذجية لتحويل وتحديث "صناعة إيوو" والتي هي نموذج مصغر لـ "صنع في الصين".

من بين أكثر من مليوني منتج في سوق إيوو للبضائع الصغيرة، يحظى نوع من الدمى الغريبة بشعبية كبيرة لدى رجال الأعمال الأجانب، والتي معظمها تصنع في بلدة إيميانبوه التابعة لمدينة شانغتشي بهاربين، حاضرة مقاطعة هيلونغجيانغ.

البلدة قريبة من الغابة. أما المواد الخام التي تستخدم لصناعة الدمى الروسية فهي أشجار البتولا والأوكالبتوس. منذ أكثر من 30 عاما، اكتشف الحرفيون بهذه البلدة بأن الأغصان التي يقومون بحرقها بشكل عام في منازلهم للتدفئة يمكنها أن تكون مصدرا لصناعة هذه الدمى وبتكلفة منخفضة. نتيجة لذلك بدأ الحرفيون البارعون في صناعة الدمى الروسية وشهد نطاق الصناعة توسعا تدريجيا.

في الوقت الحاضر، يصل الإنتاج السنوي إلى أكثر من 10 ملايين دمية ، بقيمة إنتاج سنوية تبلغ حوالي 200 مليون يوان، وهو ما يمثل حوالي 90 بالمائة من إنتاج ومبيعات هذه الدمى على المستوى الوطني. بالإضافة إلى بيعها في إيوو وهاربين وأماكن أخرى في الصين، تباع دمى بلدة إيميانبوه أيضا في روسيا وبلدان أخرى.

في الوقت الحاضر هناك أكثر من 20 ألف أسرة في هذه البلدة، ومن بين هذه الأسر هناك أكثر من ألف أسرة تعمل في صناعة الدمى الروسية. يتطلب إنتاج الدمية الواحدة والتي تبدو بسيطة أكثر من عشر عمليات، ويمكن للعاملات العاديات في مجال الرسم أن يكسبن أكثر من 3 آلاف يوان شهريا، أما بالنسبة للنحاتين فيمكنهم كسب أكثر من 10 آلاف يوان شهريا.

وإذا أمعَنّا النظر في الصين، فإن الأمثلة عديدة على ذلك، حين يمكن إيجاد "قرية صناعة قلم الرصاص" و"مدينة صناعة ملابس السباحة" و"مدينة صناعة الجوارب" و"بلدة صناعة الجيتار" إلى غير ذلك.

خط إنتاج أقلام الرصاص في قرية يوانباو في مدينة شانغتشي يمكنه أن ينتج 1.8 مليار قلم و30 مليون لوحة، وهو ما يمثل نسبة 20 و60 بالمائة على التوالي من الإنتاج على المستوى الوطني.

في مدينة هولوداو بمقاطعة لياونينغ يتم إنتاج واحدة من بين كل أربعة ملابس سباحة تباع في العالم، ويتجمع أكثر من 1200 مصنع لصناعة ملابس السباحة في مدينة شينتشنغ بهولوداو ويتم إنتاج 220 مليون قطعة سنويا. في تشوجي بمقاطعة تشجيانغ، هناك مدينة صغيرة تغطي لوحدها ما نسبته 70 بالمائة من صناعة الجوارب على المستوى الوطني، و70 بالمائة من الأنابيب المعدنية و80 بالمائة من اللؤلو.

في شارع تشيو تشانغ بحي هوي يانغ بهويتشو التابعة لمقاطعة قواندونغ هناك أكثر من 200 محل وشركة ذات الصلة لصناعة الجيتار وأكثر من 120 علامة تجارية مستقلة، ما يمثل 60 بالمائة من الإنتاج الوطني و25 بالمائة من الإنتاج العالمي، و80 بالمائة من مبيعات جيتار يوكري على مستوى العالم.

مع التقسيم المتخصص للعمل، تمتلك إيوو حاليا 13 قاعدة صناعية وطنية، ومنطقة تنمية اقتصادية وتكنولوجية وطنية واحدة ، ومنطقة تجمع صناعي واحدة على مستوى المقاطعة ومنطقة صناعية واحدة على مستوى المقاطعة. تعتمد أكثر من 26.7 ألف شركة صناعية على تطور السوق، وقد برزت 16 صناعة تنافسية مثل صناعة الجوارب والمجوهرات والحرف اليدوية ولعب الأطفال والسّحّابات والمنسوجات الصوفية، والتي أظهرت ما يمكن تسميته بـ "السلع الصغيرة والصناعات الكبيرة" و "الشركات الصغيرة والمجموعات كبيرة" و"النطاق الصغيروالإشعاع الكبير".

بدعم من الدولة ينتقل المزيد من "صنع في الصين" من إيوو إلى العالم. في 8 نوفمبر 2014 انطلقت من إيوو الشحنة الأولى المتمثلة في 82 حاوية عبر قطار الشحن الصين - أوروبا والذي يعرف بقطار "إيوو-شينجيانغ-أوروبا" (يربط بين إيوو ومدريد). حتى الآن يقوم قطار الشحن هذا بـ900 رحلة ذهابا وإيابا ويحمل على متنه ما يقارب من 2000 نوع من البضائع من 8 مقاطعات ومدن فى الصين، ويعبر 37 دولة ومنطقة في آسيا وأوروبا. في سنة 2018 بلغ حجم معاملات التجارة الإلكترونية في إيوو 236.8 مليار يوان، من بينها تمثل صادرات التجزئة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود حوالي نصف صادرات مقاطعة تشجيانغ.

في 9 أكتوبر 2019، تم رسميا افتتاح أول قطار عابر للحدود يحمل على متنه منتجات التجارة إلكترونية من منطقة دلتا نهر اليانغتسي والذي يربط مباشرة مدينة إيوو بمدينة لياج البلجيكية.

وكما قال الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ: "تحويل علامة صنع في الصين إلى أُبتكر في الصين، تحويل سرعة الصين إلى جودة الصين، تحويل البضاعة الصينية إلى العلامات الصينية". تعتمد السلع الصغيرة في الصين على مبادرة الحزام والطريق، وبدأ المزيد من المنتجات الصينية الصنع في التوجه نحو العالمية.