كتب/محمد أحمد ممادي
احتضنت قاعة المؤتمرات بجامعة الصين للإعلام، صباح يوم السبت 2 نوفمبر الجاري، الحفل الختامي لفعاليات رابطة "الحزام والطريق" للتعاون الاخباري والإعلامي والتي نظمتها صحيفة الشعب اليومية على مدى أسبوعين، شارك فيها 43 إعلاميا من 41 مؤسسة إعلامية ناطقة باللغتين العربية والروسية. وتخللت ورشات العمل، ندوات ومحاضرات جامعية وزيارات ميدانية لمدن صينية ذات خصائص ثقافية وتنموية للوقوف على مظاهر التنمية والقفزة الاقتصادية التي تشهدها جمهورية الصين الشعبية خلال السنوات الأخيرة.
وشهد الحفل الختامي إلقاء العديد من الكلمات بين المسؤولين الصينيين والمشاركين، حيث ركزت معظمها على التعاون الاخباري بين دول رابطة "الحزام والطريق". وتحدث المشاركون من ثماني دول عربية وثلاثة عشر دولة من أوروبا وآسيا الوسطى الناطقة بالروسية عن انطباعاتهم حول ما شاهدوه في جمهورية الصين الشعبية وبأعينهم المجردة ومدى إعجابهم بما حققته الصين على المستوى الاقتصادي والتنموي، مشيرين إلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظي به من هذا البلد الصديق
وكان خمسة عشر صحفيا من جزر القمر ومصر وتونس والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ولبنان وموريتانيا والسودان، المشاركين في فعاليات رابطة "الحزام والطريق" للتعاون الإخباري والإعلامي، في دورتها الثانية قاموا بجولات ميدانية خلال الفترة ما بين 26 و28 أكتوبر المنصرم لاكتشاف مدينة لانتشو بمقاطعة قانسو شمال غرب الصين. وقد اطلع هؤلاء الصحفيون الذين يمثلون 14 مؤسسة إعلامية على التقدم التنموي لمدينة لانتشو في مجال إدارة البيئة وبناء الاقتصاد وإحياء الثقافة وتطوير التكنولوجيا الصناعية
وقام هؤلاء الصحفيون بتناول معكرونة لحم البقر في مطعم هونغبين بمدينة لانتشو، لتجربة ثقافة معكرونة لانتشو التي تعتبر إحدى الثقافات الخاصة للمسلمين في المدينة والتي يعود تاريخها إلي مائة عام. وتتميز هذه المدينة الواقعة شمال غربي الصين، بمناظر خلابة للنهر الأصفر الذي يرمز للأمة الصينية. وقد جلب النهر الأصفر نوعا من الروح الجديدة للأهالي. وتتدفق مياه النهر الأصفر الذي يبلغ طوله 152 كلم، وعلى ضفتيه زرعت العديد من الأشجار الخضراء التي تزينت أغصانها بأوراق صفراء خريفية، وتعكس المباني الشاهقة السماء الزرقاء الصافية
وفي إطار عملية الإدارة البيئية، حولت المدينة محطة مجهزة لضخ المياه من قبل إلى منصة للمشاهدة، مما سمح للناس بمشاهدة المكان والترويح عن النفس أثناء أوقات الفراغ. وعلى مر السنين التزمت اللجان الحزبية بحكومة مدينة لانتشو باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ نظام طويل الأمد المتعلق بالأنهار والبحيرات وزيادة التحكم في مياه الصرف الصناعية والقيام بعمليات الوقاية والسيطرة المشتركة على أحواض الأنهار وتعزيز التوجه العلمي وذلك لمكافحة ومنع تلوث المياه في المنطقة التي يعبر فيها النهر الأصفر
مشاهدة النهر الأصفر يجلب السعادة
وفي الوقت الذي يتم فيه القيام بأعمال لإدارة البيئة، قامت مقاطعة قانسو ومدينة لانتشو بـ"التحديث والارتقاء" على طول النهر الأصفر لتعزيز جمالية المدينة. وخلال هذه السنة قامت الحكومة المحلية بوضع أحزمة من المناظر الطبيعية الخضراء على أشكال المباني الرئيسية للجبال و39 منارة معلقة على خمسة جسور على طول القسم الرئيسي للنهر الأصفر في قلب المدينة، ما أدى إلى تحسين المناظر الليلية على ضفتي النهر بشكل كبير وساهم في تنشيط الاقتصاد الليلي. وقام قسم إدارة النهر، في الوقت الحاضر، ببناء مساحات خضراء بلغت مساحتها 1.85 مليون متر مربع
ويعتبر النهر الأصفر بمدينة لانتسو ونهر يانغتسي بمدينة تشنغدو وسور الصين العظيم بالعاصمة بكين من رموز الأمة الصينية، ويولهم الصينيون أهمية خاصة للحفاظ على تاريخهم وثقافتهم من أجل بقاء وازدهار الروح الصينية. ويضم سور الصين العظيم، وهو موضوع في قائمة التراث العالمي لليونسكو، عددا من الأسوار المترابطة التي يرجع تاريخ بعضها إلى 2000 عام، ويوجد الآن 43 آلاف موقع في سور الصين، التي تزيد أطولها الإجمالية على 21 ألف كيلومتر. وقد ترك النهر الأصفر وجمال مدينة لانتشو انطباعا جيدا لدى الصحفيين العرب، حيث تعمل الحكومة الصينية بكل جهد لجعل هذه المدينة مدينة جميلة ونظيفة. كما أن البيئة الإيكولوجية محمية بشكل جيد، والجهود التي قامت بها الحكومة الصينية إزاء ذلك لا تخفى على أحد. كما زار الصحفيون العرب منطقة الميناء الدولية للسكك الحديدية ومعرض التخطيط الحضاري ومنطقة الزراعة الحديثة النموذجية بالمنطقة الجديدة والبلدة القديمة في لانتشو
الشعب الصيني واهتمامه بالمسرح
وقد حظي الوفد العربي الزائر لمدينة لانتشو في 27 أكتوبر الماضي، بشرف مشاهدة مسرحية موسيقية صينية تحت عنوان "رحلة الراهب الصيني شوان تسنغ إلى الغرب" في المسرح الوطني الكبير بمقاطعة فانسو. وعملت المخرجة جيانغ على تحويل الصور المرئية إلى نوع من التأمل الذاتي لدى جمهور المشاهدين والتي تجعلهم ينغمسون في جو من الجمال الشرقي الساحر للألباب. فالجبال البعيدة مثل الحبر الأسود، والمياه القريبة تتحول إلى ضباب، ورمال الصحراء الصفراء تشبه الثلج، هكذا تعمل تقنيات الشاشة وتكنولوجيا الصوت والضوء. فالحكمة والخيال والآلات الموسيقية التي تعزف مع رحلة الراهب الصيني غربا، مثل الناي والمزمار والعود الصيني وغيرها من أكثر من 70 آلة موسيقية للقوميات الأقلية الصينية والمقامات الفنية الشرقية التي قدمتها فرق من شينجيانغ على هذا المسرح الوطني، كلها لا تظهر محاولة الراهب الصيني للبحث عن التعاليم الصحيحة للديانة البوذية في عصره فقط، وإنما جعلت الجمهور يتمتعون بجمال الموسيقى وأنغام الآلات الموسيقية لمختلف القوميات الصينية بأساليب مختلفة أيضا
وبعد انتهاء العرض صرحت الملحنة جيانغ قائدة الأوركسترا الوطنية الصينية ومخرجة عرض "رحلة الراهب الصيني تشوان تسنغ إلى الغرب" بأن هذا العرض مستمر منذ سنتين، وقد أنشأ دراما جديدة من "الدراما الموسيقية الوطنية". موضحة أنه منذ بداية العرض عام 2017 تم تقديم أكثر من 60 عرضا في داخل الوطن وخارجه وهو ما حظي بترحيب الجماهير من مختلف أنحاء العالم. وقالت جيانغ بأن العديد من الآلات الشعبية الصينية التقليدية دخلت إلى الصين من خلال طريق الحرير القديم وتم تطويرها وإدخال بعض التعديلات عليها. مضيفة أن الموسيقى تتجذر في الثقافة، فالموسيقى لها قواسم مشتركة وخصائص فريدة على الثقافات المختلفة، وتشكل في نهاية المطاف جزء من الثقافة الإنسانية وتترك صدى عميقا في التاريخ
وقالت إن الموسيقى والمؤثرات السمعية والبصرية للعرض المسرحي قد تم تدويلها منذ بداية تصميمها، وقد تم عرضها في الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق من هذا العام ولاقت استحسانا كبيرا. مشيرة إلى أنه في المستقبل سيستمر عرض "رحلة الراهب الصيني تشوان تسنغ إلى الغرب" في الخارج حتى يتمكن شعوب العالم في فهم التاريخ والتراث الثقافي لموسيقى الآلات الوطنية الصينية. وقد امتلأت القاعة طوال فترة العرض الذي قارب ثلاث ساعات، حيث بلغ عدد المقاعد 1470 مقعدا، وسعر التذكرة 780 يوان صيني وهو ما يقدر بـ110 يورو، وبهذا السعر المرتفع إلا أن المسرح قد امتلأ عن آخره، وهو ما يفسر اهتمام الشعب الصيني بالمسرح والتراث والثقافة