بغداد 27 أكتوبر 2019 (شينخوا) أكد خبراء ومحللون سياسيون عراقيون أن مقتل المدعو أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، سيكون له تأثيرا واضحا على العمليات الارهابية ولكنه لن يقضي على التنظيم المتطرف نهائيا.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق اليوم مقتل البغدادي، بغارة أمريكية نفذت الليلة الماضية في سوريا، بعد أن فجر سترة ناسفة كان يرتديها أثناء الهجوم، عندما حشر في أحد الأنفاق التي عطّلتها القوات الأمريكية، مؤكدا أنه تم التعرف على هوية البغدادي من خلال نتائج اختبارات أجريت بعد الغارة.
وحول تأثير البغدادي، قال هشام الهاشمي الخبير في شئون الجماعات المسلحة لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم (الأحد) إنه "في أغلب الأحوال فأن قتل البغدادي يؤسس إلى فترة سكون وكسل في العمليات الارهابية، كما حدث بعد مقتل أبو عمر البغدادي، زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق، حيث احتاج تنظيم القاعدة إلى فترة أربعة أشهر حتى نشط في عملياته من جديد".
وأضاف "أن الخمول والكسل قد يمتد حتى ينتهي الخلاف على من يخلف البغدادي، وأظن أن الخلافة خرجت من العراقيين فهي بين تونسي أو جزائري".
من جانبه، قال المحلل السياسي ناظم الجبوري لـ (شينخوا) "إن اغلب العمليات التي حصلت في الشرق الأوسط من نقل القطعات العسكرية والقتال الذي شارك فيه أكثر من 35 دولة من بينها دول اوروبية ودول كبرى، شاركت في عمليات سواء بالعراق او سوريا او في اليمن او في عموم الجزيرة العربية او في مناطق سيناء والمغرب العربي كلها كانت تتزعم عمليات قتال ما يسمى بتنظيم داعش، لكن هذا اليوم انتهى ملف ابو بكر البغدادي، اي انه لم يعد هناك لها مبررا بالبقاء في المنطقة.
وأضاف "إن مقتل البغدادي سينعكس على الكثير من المجريات والاحداث السياسية والعسكرية بمنطقة الشرق الاوسط، فبالنسبة للقوات العسكرية الخاصة بالدول الكبرى والدول الاخرى الموجودة في المنطقة سوف يتم اعادة انتشارها من جديد واعادة تنظيمها، وستكون هناك بداية حقبة جديدة من التغييرات السياسية في المنطقة وبالاخص ما يحدث في شرق سوريا و العراق واليمن والوضع في ايران كلها سوف تنعكس بشكل او باخر نتيجة مقتل البغدادي".
وتابع "بلا شك أن مقتل البغدادي سيؤثر على العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش بالعراق، فعلى الرغم من أن مقتل البغدادي سوف يقلل الروح المعنوية لعناصر التنظيم وسيؤدي إلى أن يترك العديد منهم العمل المسلح، لكن سيبقى هناك المؤمنون بأفكار التنظيم والمقتنعين بالأفكار المتطرفة فهؤلاء يؤمنون بان مقتل شخص مهما كان موقعه مهما لا يعني انتهاء التنظيم، الذي يجب ان يستمر إلى ما لا نهاية".
وأعرب عن اعتقاده بأن التنظيم سوف يحاول بعد فترة من الزمن إعادة تنظيم عناصره المتطرفين والمتزمتين لتنفيذ عمليات إرهابية هنا او هناك خاصة في العراق، بعد ان تسترخي القوات العراقية وتعتقد أنها تخلصت من التنظيم المتطرف وعناصره، قائلا "التنظيم سوف يضعف بلا شك لكن الخشية من استعادة قوته خصوصا اذا ما علمنا ان قادة التنظيم المتطرف يؤمنون بان التنظيم يمرض ولكن لا يموت، اي انه يضعف ولكنه لا ينتهي".
وخلص إلى القول "إن المعركة مع الارهاب ستبقى مستمرة لكن المرحلة المقبلة سيتم فيها التركيز على تنفيذ عمليات ارهابية نوعية لمحاولة جلب الانتباه الاعلامي لكي يثبت التنظيم انه لم ينته بمقتل البغدادي، فعلى الاستخبارات العراقية ان تواصل جهودها لمعرفة خطط التنظيم وافشالها قبل وقوعها لتجنب العمليات الثأرية التي سيحاول التنظيم القيام بها في العراق خاصة وان الاجهزة الاستخبارية العراقية ساهمت في تحديد موقع البغدادي الذي قتلته فيه القوات الامريكية".
ويعد البغدادي، البالغ من العمر 48 سنة واسمه الحقيقي، إبراهيم عواد محمد إبراهيم علي محمد البدري، من أكثر المطلوبين للولايات المتحدة، التي شكلت تحالفا دوليا ضد تنظيمه المتطرف في العراق وسوريا يضم أكثر من 60 دولة.
والبغدادي من اهالي مدينة سامراء (120 كلم) شمال العاصمة بغداد، وانتمى لتنظيم القاعدة بعد احتلال العراق في العام 2003 من قبل القوات الامريكية، واعتقل في سجن بوكا جنوبي العراق العام 2006 من قبل القوات الامريكية، لكن انشق عن القاعدة العام 2013 اي بعد نحو عامين من قتل زعيم التنظيم اسامة بن لادن، ليعلن في يوليو 2014 نفسه خليفة لما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام عندما ظهر بصورة علنية على منبر جامع النوري في الموصل شمالي العراق التي اعلنها عاصمة ما يسمى بالخلافة الاسلامية.
ورصدت وزارة الخزانة الامريكية مبلغ 25 مليون دولار أمريكي لكل شخص يدلي بأي معلومات تساعد في الوصول إلى البغدادي، او قتله.
بدوره، قال المحلل السياسي نجيب الجبوري استاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين لـ (شينخوا) "إن مقتل ما يسمى بالخليفة أبو بكر البغدادي، سيكون له تأثيرا قليلا على الخطر الذي تشكله ما يسمى بالدولة الاسلامية على الامن العالمي".
وأضاف "أن مقتل البغدادي بالتأكيد سيكون له تأثيرا على المنظمة الارهابية ولكنه سيكون انتصارا تكتيكيا ورمزيا قصير الاجل في الحرب على (داعش) كون المنظمة الإرهابية ليست مبنية على رجل واحد، بل لها هيكلية منظمة عالمية".
وتابع "ان صعود ابو بكر البغدادي إلى الخلافة كان مهما في تجنيد المقاتلين الأجانب وبناء واجهة شرعية حول مشروعه لبناء الدولة المزعومة ، لكن الهدف الأهم الان هو مواصلة تفكيك المنظمة الارهابية ككل، بما في ذالك التابعين لها في ليبيا، و مصر ونيجيريا وأفغانستان".
وأكد الجبوري أن قتل البغدادي لن يكون كافيا، كون دوره كان رمزيا اكثر من كونه مخطط استراتيجي وعسكري، وكان اتباعه ينظرون اليه كونه يجسد مشروع بناء الدولة الاسلامية، لتمتعه بشخصية رمزية لها معنى كبير بين مؤيده وانصاره من 2014 إلى 2016، عندما كان تدفق المقاتلون الاجانب إلى العراق وسوريا في ذروته.
يذكر أن اخر ظهور للبغدادي كان قبل نحو سنة عندما ظهر بمقطع الفيديو استغرق 18 دقيقة، توعد فيها بأن التنظيم سيثأر لقتلاه وأسراه في سوريا، مؤكدا أن تنظيمه نفذ 92 عملية في ثماني دول.
وأوضح الجبوري أن قتل البغدادي لن ينهي خطر التنظيم المتطرف نهائيا حيث ستبقى الايدلوجية الجهادية السلفية، وكذلك البقية المنشقة من هذا التنظيم ستبقى قوية.
وخلص الجبوري إلى القول "إن مقتل البغدادي سيدفع المنظمة الإرهابية إلى مرحلة جديدة من التفتت والضعف، حيث سيكون هناك خلاف حول من سيخلفه، وعلى قيادة الأجنحة التابعة للمجموعة مثل ما يسمى ولاة الولايات (حكام الولايات).