ألقى نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس أمس خطابًا جديدًا حول السياسة الأمريكية تجاه الصين. وقد كان في مجمله خطابا مشابها لخطاب العام الماضي. مع ذلك أعرب عن موقف إيجابي نسبيًا تجاه تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لا ترغب في الانفصال عن الصين وتتطلع إلى مستقبل مشرق مع الصين.
وكرر الخطاب العديد من التهجمات السابقة للصين، مثل سرقة الصين لحقوق الملكية الفكرية الأمريكية، وعسكرة بحر الصين الجنوبي، والاضطهاد الديني، وممارسة الضغوط على الشركات الأمريكية وصناعة السينما والتلفزيون، وتقويض حرية التعبير الأمريكية. كما ذكر عدة مغالطات حول تايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ وتدخل في الشأن الصيني.
تمثلت أحد الخطوط العريضة لخطاب بنس في الإشادة بالسياسة الأمريكية الحالية، والتأكيد على مدى حكمة السياسة المتشددة التي تنتهجها بلاده تجاه الصين، وقد كان هذا نفس محور الخطاب الذي القاه العام الماضي أيضا. وقد كان خطاب العام الماضي حول السياسة الصينية الذي ألقاه في 4 أكتوبر يعكس نية واضحة لجذب المزيد من الأصوات للحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية. كما يندرج خطابه هذه المرة في نفس السياق، في إطار استعداد الحزب للانتخابات الرئاسية العام المقبل.
لكن الجديد في خطاب بنس يوم الخميس هو موقفه الايجابي من الاتفاقية التجارية مع الصين وتطلعه لتحسين العلاقات. حيث أكد بأن بلاده لا ترغب في احداث قطيعة مع الصين، وشدّد على الصداقة الشخصية بين قائدي البلدين، كما أعرب عن أمله في أن تجلب العلاقات الأمريكية الصينية المزيد من الفوائد للشعبين وتحقق مستقبل أفضل.
واشار بنس غلى بلاده لن تسمح لمختلف التحديات أن تعرقل تطور العلاقات الصينية الأمريكية. وشدد على موقف ترامب الايجابي حيال الاتفاق التجاري الأمريكي الصيني. وأن بلاده ستواصل علاقات التبادل الاقتصادي والثقافي مع الصين. وقال ان الولايات المتحدة ستستمر في التشاور مع الجانب الصيني في قضية شبه الجزيرة الكورية وقضايا الشرق الأوسط.
وقد مثل هذا مفارقة مع خطابه في العام الماضي. في هذا الصدد، يرى لي هاي دونغ الباحث في الشؤون الأمريكية، أن بنس العام الماضي اعتبره الكثيرون اعلانا لحرب باردة جديدة. لكن خطاه في العام الحالي كان أكثر هدوءا، حيث عبّر فيه عن رغبته في "التقارب" مع الصين مجددا.
لكن المثير للاهتمام، هو تجذر عقلية الحرب الباردة في نظرة بنس إلى الصين. وقد كشف خطابه الجديد مرة أخرى عن مدى تحيّزه ضد الصين. ورغم أنه أعرب عن أن بلاد لا ترغب في القطيعة مع الصين، لكنه رفض خصوصية النظام الصيني واتهم الصين بالانعزال عن العالم. واستعمل لهجة حادة في انتقاده لحقوق الانسان في الصين والسياسات الاقتصادية والدفاعية. وهو ما أثار الشكوك في صدق نوايا الجانب الأمريكي في تحسين العلاقات.
ولا شك في أن هذا الموقف المتذبذب للولايات المتحدة تجاه الصين، يملي علينا التريث في الحكم على اتجاه السياسات الأمريكية حيال الصين.
نعتقد بأن توتر العلاقات الصينية الأمريكية وتصعيد الحرب التجارية لا يخدم مصلحة الجانبين، والصين ليست الدولة التي يمكن أن تتراجع تحت الضغوط الأمريكية القوية. وهذا قد أظهرته الصين بشكل واضح منذ قرابة العام والنصف. وعلى الساسة الأمريكيين أن يدركوا محدودية آلية الضغوط مع الجانب الصيني، ويبادروا إلى اليات أفضل تسهم في تحسين العلاقات بين البلدين.
يختلف النظام السياسي الصين عن نظيره الأمريكي، والتطلع إلى احداث تغيير سياسي في الصين هو طريق مسدود. في المقابل هناك أرضية جيدة لتحقيق التعايش المشترك بين الصين وأمريكا والتعاون والفوز المشترك. خاصة وأن العالم يتطلع في القرن الواحد والعشرين إلى تعايش مختلف الحضارات وازدهارها في كنف السلم والمساواة.