بيروت 22 أكتوبر 2019 (شينخوا) أعلنت الحكومة اللبنانية عن حزمة من الإصلاحات على وقع احتجاجات في الشارع ضد سياساتها في البلاد، في خطوة تباينت آراء محللين لبنانيين بشأنها.
ورحب محللون باجراءات الحكومة واعتبروها مدخلا ايجابيا للبدء بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية بينما أبدى آخرون شكوكا حول قدرة مجلس الوزراء على تنفيذ تدابير الإصلاح.
وتشهد مختلف مناطق لبنان منذ مساء الخميس الماضي تظاهرات وأعمال قطع طرق، احتجاجا على فرض ضرائب جديدة وتردي الوضع الاقتصادي في البلاد تصاعدت خلال الأيام الأخيرة إلى المطالبة برحيل الطبقة السياسية، محملين إياها مسؤولية سوء إدارة أزمات البلاد.
ورغم إعلان الحكومة أمس الاثنين حزمة إجراءات إصلاحية في محاولة لتلبية مطالب المتظاهرين، تواصلت الاحتجاجات اليوم (الثلاثاء) لليوم السادس على التوالي.
واعتبر الخبير الاقتصادي ورئيس قسم البحوث الاقتصادية في (بنك بيبلوس) نسيب غبريل، ان القطاع الخاص يحتاج إلى الكثير من إجراءات الإصلاح التي أعلنت عنها الحكومة، مشيرا الى ان هناك أزمة ثقة في البلاد.
وقال غبريل لوكالة أنباء ((شينخوا)) "اعتدنا على مثل هذه التقارير والدراسات والقوانين التي التي لم يتم تنفيذها في الماضي من قبل السلطات اللبنانية".
وأضاف "على سبيل المثال لماذا علينا أن نعتقد أن قانون مكافحة الفساد المذكور في ورقة الحكومة سوف يتم تنفيذه".
بدوره، أعرب المحاضر في قسم التاريخ في الجامعة الأمريكية في بيروت مكرم رباح عن اعتقاده أن الطبقة السياسية فقدت ثقة الناس في لبنان.
وقال ان "الاصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة هي مجرد تمنيات" معبرا عن اعتقاده أن "ليس هناك إمكانية للإصلاح مع هذه الطبقة السياسية".
ومن بين أهم الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة مشروع الموازنة العامة لعام 2020 مع عجز بنسبة 0.6 في المائة ، وتخفيض رواتب الرؤساء والوزراء وأعضاء البرلمان والنواب السابقين بنسبة 50 في المائة ، وتخفيض ميزانيات مجلس الانماء والاعمار ومجلس الجنوب بنسبة 70 في المائة.
كذلك أقرت الحكومة مشاريع لضمان الشيخوخة ودعم الأسر الاكثر فقرا مع تخصيص 165 مليون دولار أمريكي لقروض الإسكان بالإضافة إلى بناء محطات لتوليد الكهرباء وتخفيض عجز قطاع الكهرباء بنسبة 50 في المائة من الكهرباء.
كما أكدت الحكومة الحاجة إلى تطبيق مقررات مؤتمر (سيدر) للمانحين لدعم الاقتصاد اللبناني الذي عقد في باريس في العام الماضي والذي يفتح الباب أمام أكثر من 11 مليار دولار كقروض وهبات للبنان.
ووافقت الحكومة أيضا على عدم فرض ضرائب جديدة على المواطنين مع مساهمة المصرف المركزي والمصارف التجارية في خفض خدمة الدين العام.
ولم يبد غبريل الخبير في (بنك بيبلوس) تفاؤله بشأن الإصلاحات الحكومية ولفت الى ان الاصلاحات تضمنت مادة تهدف إلى مكافحة التهرب الضريبي لكنها لم تذكر إجراءات ملموسة لبلوغ هذا الهدف.
وانتقد قرار الحكومة زيادة الضرائب المفروضة على المصارف بنسبة 25 في المئة، مشيرا الى أن ارباح المصارف تقلصت بسبب الضرائب المفروضة سابقا في ميزانية الدولة لعام 2019.
من جهته قال الخبير الاقتصادي المستقل وليد بو سليمان إن إعلان الحكومة في مشروع الموازنة العامة للعام 2020 بنسبة عجز تبلغ 0.6 في المائة هو أمر مستحيل لأن الدين العام وخدمته يتجاوزان 150 في المائة مقابل الناتج المحلي الإجمالي.
ووصف بو سليمان الخطة التي قدمتها الحكومة بأنها "غامضة" متسائلا عما اذا كان ما تضمنته من تقديم المصارف التجارية 3.5 مليار دولار أمريكي لتخفيض العجز في الميزانية سيأتي في صيغة قروض.
وقال المحلل المالي والمصرفي محمد أبو الحسن ان الحكومة والشعب ليس لديهم خيارات أخرى سوى المضي في الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة لتجنب المزيد من التدهور في الاقتصاد والحفاظ على سمعة طيبة أمام المجتمع الدولي.
وعبر عن تفاؤله بمضمون الورقة الاقتصادية الاصلاحية للحكومة وقال إنها تتناول الكثير من القضايا وتشير الى اتفاق اللبنانيين على هدف واحد هو رفاهية البلد وليس مصالح طوائفهم.
ورأى أن الورقة الاقتصادية تضع لبنان مرة أخرى على خريطة الدول المنتجة التي ستجذب الدعم الإقليمي والدولي.
وبحسب أبو الحسن، فإن أكثر ما يمكن فعله في الوقت الحالي هو أن يواكب الناس الاشراف على تنفيذ الإصلاحات.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني ان قرارات الحكومة الاصلاحية تلبي مطالب المانحين في مؤتمر (سيدر) ووكالات التصنيف الدولية وتضع الازمة الاقتصادية على مسار صحيح للمعالجة.
وأشار الى ان الاصلاحات جاءت متأخرة تحت ضغط الاحتجاجات لكنها تتضمن نقاطا ايجابية كثيرة وتبقى خطوة ايجابية واصلاحية فعلية وحقيقية.
وحول أزمة فقدان ثقة المواطنين بالطبقة الحاكمة، رأى وزني انه من المناسب اعطاء الحكومة فرصة ثلاثة اشهر لتنفيذ تدابيرها بوصفها مدخلا لحل الأزمة الاقتصادية والمالية وتهدئة الأسواق المالية ومخاوف المستثمرين والمودعين.