بكين 10 يوليو 2019 (شينخوا) عقدت جلسة نقاشية أمس الثلاثاء حول الوضع الجيوسياسي والاستقرار في الشرق الأوسط ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمنتدى السلام العالمي التي أقيمت تحت عنوان "استقرار النظام العالمي: المسؤوليات المشتركة والإدارة المشتركة والمنافع المشتركة" على مدى يومي 8 و9 يوليو الجاري تحت تنظيم جامعة تسينغهوا الصينية بالتعاون مع معهد الشعب الصيني للشؤون الخارجية.
وجاءت أهمية الجلسة إنطلاقا من الأوضاع المتفاقمة بالمنطقة، حيث سعى خلالها دبلوماسيون سابقون وخبراء صينيون وعرب إلى استكشاف سبل مواجهة وتسوية القضايا والمشكلات المتشابكة والمعقدة في الإقليم، وماذا يمكن للمجتمع الدولي أن يفعل لحلها.
وشارك في هذه الجلسة، التي جمعت عددا كبيرا من الحضور، السيد وو سي كه المبعوث الصيني الخاص السابق لمنطقة الشرق الأوسط، ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد حجازي، والدكتور عبد الله السعود والسيد تركي محمد السديري من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، ودونغ مان يوان الباحث بالمعهد الصيني للدراسات الدولية.
وخلال النقاش، رأى وو سي كه أن الوضع في الشرق الأوسط هذا العام يشهد توترات أشد مقارنة بأي وقت مضى، لافتا في ذلك إلى أن القضية الفلسطينية التي تمثل لب الصراع في الشرق الأوسط تشهدا مزيدا من التعقيدات، والقضية السورية لا تزال قائمة دون حل، بالإضافة إلى تزايد الوضع في ليبيا اضطرابا، واستمرار الحرب اليمنية، واشتداد التوتر في الخليج لا سيما التوتر الأخير بين إيران والولايات المتحدة.
وتابع وو سي كه، قائلا إن واشنطن وإيران تبنتا في الفترة الأخيرة نهج "التحدي إلى أقصى حد". فقد اتبعت الولايات المتحدة أسلوب الإجراءات الصارمة والضغط الشديد والتهديدات العسكرية، أما الجانب الإيراني فاتخذ أيضا إجراءات مضادة ويتوقف عن التقيد ببعض التزاماته بموجب الاتفاق النووي حيث تجاوز إجمالي مخزون اليورانيوم المخصب في إيران 300 كيلوجرام، وهي النسبة المحددة بموجب الاتفاق.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة وإيران تحاولان تجنب الذهاب إلى المواجهة العسكرية، إلا أن الجانبين يواصلان اختبار "الحدود القصوى" لكل منهما، وهذا أمر في غاية الخطورة ويضيف إلى عوامل عدم اليقين التي يشهدها الوضع في الخليج.
وذكر وو سي كه أن البعض يساوره القلق من التصعيد الأمريكي الإيراني وما إذا كان سيتطور بعد ذلك إلى صراع عسكري، لكنه رأي أن احتمالية نشوب صراع عسكري ليست كبيرة، بل من المستحيل تقريبا أن تلجأ أي من الولايات المتحدة أو إيران إلي هذا الطريق، مضيفا أنه "من السهل إطلاق عمليات عسكرية، لكن صعوبة السيطرة على الوضع بعد ذلك وعواقب أي حرب حال نشوبها واضحة للغاية أمام الجانبين".
ورأي وو سي كه أن السبيل أمام الأطراف المعنية إذا كانت ترغب حقا في تجنب وقوع مواجهة عسكرية، هو أن تناقش الأسباب الجذرية لهذه المسألة وتقوم بمعالجتها، من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات وضمان تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني.
أما حول القضية الفلسطينية، فقد اتفق المشاركون على أنه لحل القضية الفلسطينية، لابد من ضمان تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، مؤكدين في الوقت ذاته على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يمثل توافقا مشتركا للمجتمع الدولي.
فمن جانبه، أشار وو سي كه إلى أنه على الرغم من انطواء ورشة العمل، التي نظمتها الإدارة الأمريكية في البحرين حول القضية الفلسطينية في نهاية يونيو الماضي، على تنمية فلسطين وتحسين معيشة شعبها، لكنها لم تتناول القضايا السياسية، لذلك قاطعها الجانب الفلسطيني.
وتابع بقوله إن "المجتمع الدولي لديه رؤية واضحة تجاه القضية الفلسطينية تتمثل في إعطاء الأولوية لإيجاد حل سياسي لها"، مضيفا أن "الطرح الاقتصادي لا يمكن أن يكون بديلا لحل سياسي، فمن المستحيل التحايل على حل القضية بطرق أخرى، ولن تقبل فلسطين ذلك".
وشاطره الرأى الدكتور حجازي، قائلا إن هناك إجماعا على أن المشكلة الحالية ليست قضية اقتصادية، بل قضية سياسية، أي من الضروري حماية الحقوق والمصالح المشروعة للفلسطينيين والعمل في الوقت نفسه على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتفكيك مستوطناته.
وأضاف حجازي قائلا إنه لا يمكن لأي اتفاق اقتصادي تلبية مطالب الشعب الفلسطيني، لذلك من الضروري إيجاد حل سياسي للقضية قبل كل شيء وتحقيق السلام وفق مبدأ حل الدولتين.
كما رأى أن الشرق الأوسط بحاجة إلى أن يكون له إعلان مخصص لحل المشكلات من خلال الوسائل السياسية وبحاجة إلى وضع إطار أمني إقليمي.