اتهمت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بوجود المخاطر الأمنية لمعدات الاتصالات الصينية، بحجة أن الشركات الصينية مثل هواوي وهيفيسيون (HIKVISION) وداجيانغ قد يزرعون في معداتها أنظمة التجسس لمساعدة الحكومة الصينية على مراقبة العالم، لكن الولايات المتحدة لم تقدم أبداً أدلة جوهرية تثبت صحة اكاذيبها. ويمكن استعارة القول الصيني القديم:" يظن في غيره ما في نفسه" لمعرفة السبب الذي يجعل الولايات المتحدة قلقة للغاية. حيث أن الولايات المتحدة نفسها تستخدم مزايا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمراقبة الاتصالات العالمية، فهي " يظن في غيره النبيل ما في نفسه الشرّ "، وليس من المستغرب أنها قلقة من أن تدمر الدول الأخرى الوضع الذي تتفوق فيه، وتقوم بالتجسس في النطاق العالمي مثلها.
وعلى حد تعبير وسائل الإعلام الغربية، "تراقب الولايات المتحدة 90 ٪ من الاتصالات العالمية"، وهو ما تم تأكيده في وثيقة "بريزم" التي كشفت عنها سنودن. ووفقًا للتقارير، طورت وكالات الاستخبارات الأمريكية في السنوات التي تلت بداية القرن الحادي والعشرين تقنيات مراقبة لشركات الاتصالات المختلفة.
كشف غلين غرينوالد الصحفي في جريدة «الجارديان» البريطانية، أن وكالة الأمن القومي الأمريكي تزرع سرا "أدوات مراقبة الباب الخلفي" في أجهزة الشبكات مثل أجهزة التوجيه والخوادم التي يقوم الموردون الأمريكيون بتصديرها إلى العملاء الدوليين، وإعادة حزم الأختام، النقل وتسليمها للمستخدمين في الخارج. وفي عام 2013، ذكرت وكالة رويترز أيضًا أن وكالة الأمن القومي الأمريكية قد توصلت إلى اتفاقية بقيمة 10 ملايين دولار مع شركة تقنية التشفير RSA لوضع تقنية التشفير المستخدمة على نطاق واسع في المحطات المتنقلة. وقد كان للفضائح التي كشفت عنها RSA كمؤسسة أساسية في صناعة أمن المعلومات تأثير كبير وصدمة للعالم. وذكر الصحفي البريطاني الذي نشر وثائق إدوارد سنودن المسربة، غلين غرينوالد، أن حكومة الولايات المتحدة تضغط على المؤسسات الغربية لسنوات بحجة أن شراء معدات الانترنت من الشركات الصينية مثل هواوي ينطوي على خطر التثبيت في الباب الخلفي، وفي الوقت نفسه، قدمت وكالة الأمن القومي الأمريكية معدات للعملاء الدوليين مزروع بها الباب الخلفي.
بعد الكشف عن "بريزم" برنامج تجسس رقمي مصنف بأنه سري للغاية يُشّغل من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية، لم تهدأ المراقبة العالمية في الولايات المتحدة. في عام 2015، أقر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون وقرر إنهاء مشاريع المراقبة في الولايات المتحدة فقط. وفي يناير 2018، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروع قانون للموافقة على تمديد ست سنوات لقانون مراقبة الاستخبارات الخارجية 702 المثير للجدل، والذي يسمح لوكالات الاستخبارات الأمريكية مواصلة مراقبة اتصالات البريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة خارج الولايات المتحدة دون إذن. وفي عام 2018، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قانون "توضيح استخدام البيانات القانونية في الخارج" رسميًا، مما يسهل على وكالات إنفاذ القانون طلب الوصول إلى البيانات التي تحتفظ بها الشركات، بغض النظر عن البلد الذي يتم تخزين البيانات فيه.
يعود السبب في أن الولايات المتحدة تتحدث عن المخاطر الأمنية لمعدات الاتصالات الصينية الى تحليل تقرير وسائل الإعلام الأمريكية "Business Insider" ــ ــ نقلت وسائل الاعلام عن رأي خبراء الأمن أن ما يقلق الولايات المتحدة هو فقدان السيطرة على البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية فقط.
"إنه لأمر مؤسف ألا تشتري الدول الاخرى "الهيمنة الرقمية" للولايات المتحدة". قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 16 مايو، أن إن بلاده تولي أهمية بالغة للأمن القومي في بناء 5 جي، لكنها لن تمنع بعض الموردين، وفي الوقت نفسه، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أن الشركات يمكنها المشاركة في بناء 5 جي في ألمانيا طالما تفي بمعايير السلامة المعمول بها. كما لم يحجب الكثير من العملاء الاوروبيين مواقفهم بعدم منع هواوي، ومما لا شك فيه أنهم سيوجهون ضربة قوية للولايات المتحدة التي تزعم خطر أمن معدات هواوي.