بكين 27 مايو 2019 / لاعب مسؤول، مرساة الاستقرار، مدافع عن النظام العالمي... متجاهلة جميع التطلعات والتوقعات بكونها أكبر قوة اقتصادية في العالم، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، بسياستها التجارية القائمة بذاتها، خطرا كبيرا على الاقتصاد العالمي.
فمنذ أن تعهدت الإدارة الأمريكية "بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" ، أصبحت أكثر مواجهة في جدول أعمالها التجاري ورفع التعريفات وتحدي أنظمة التجارة العالمية القائمة.
من تهديدات التعريفات على الفولاذ على كندا والمكسيك، إلى التعريفة الجمركية على السيارات في أوروبا، تثير الولايات المتحدة نزاعات تجارية في كل مكان.
كما ثبت مرارا وتكرارا، سواء من خلال منطق الاقتصاد أو نتائج السياسة، فإن إطلاق الحروب التجارية لن يجدي لتحقيق المعلن المتمثل بتضييق العجز التجاري الأمريكي.
بدلا من ذلك، قلقت الشركات والأسر الأمريكية إزاء ارتفاع أسعار الإنتاج والسلع الاستهلاكية، ولم تعد وظائف الصناعات كثيفة العمالة إلى الولايات المتحدة كما تمنى صُنّاع السياسة.
يقدر الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن تُكلف الجولة الأخيرة من رفع التعريفة الجمركية على السلع الصينية الأسرة الأمريكية النموذجية 831 دولارا أمريكيا سنويا.
لقد اعتمد ازدهار الاقتصاد العالمي على مدى العقود الماضية على التدفق الحر للتجارة والاستثمار. حيث أن تعطيل تدفق التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم سيعرض النمو العالمي للخطر.
لكن الحكومة الأمريكية رفضت رؤية هذا. وفي مايو، صعّدت الولايات المتحدة من جانب واحد حدة التوترات التجارية مع الصين، وهزت أسواق الأسهم العالمية، وتركت بلداناً في سلسلة التوريد العالمية تُقاسي التأثيرات السلبية على النمو الاقتصادي.
من البديهي أن الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي شكلت مساهماتهما مُجتمعة أكثر من نصف النمو الاقتصادي العالمي في عام 2018 ، سوف تتضخم من خلال سلاسل الإمداد الممتدة، وفي نهاية المطاف، سيتحمل الاقتصاد العالمي التكلفة.
وعلى مدار العقود الماضية، نمت الصين، بفضل عمالتها الرخيصة وسوقها الضخمة، نمت تدريجيا لتصبح مركز تصنيع عالمي، وأصبحت البلاد الآن أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 دولة ومنطقة.
في عام 2018، بلغت حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة 633.5 مليار دولار أمريكي.
أي سلوك يتعلق بالسياسات التجارية في رابط واحد سوف يمر عبر سلسلة التوريد المترابطة، ليكبد أضرارا جانبية غير مسبوقة.
فوفقا لمسح أجرته غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، فإن أكثر من ثلث 585 شركة تعمل في الصين قد تأثرت سلبا برفع التعريفة الجمركية الذي أطلقته الولايات المتحدة.
وخفّض تقرير صدر عن الأمم المتحدة يوم الأربعاء توقعات النمو العالمي لعامي 2019 و 2020 إلى 2.7 في المائة و 2.9 في المائة على التوالي، مشيرا إلى النزاعات التجارية كمخاوف رئيسية.
إن سياسات الولايات المتحدة المُركّزة على ذاتها والقصيرة النظر تُعرض مستقبلها والتوقعات الاقتصادية العالمية للخطر، ما يدفع العالم إلى "حرب باردة اقتصادية" لن يفوز فيها أحد.
وحتى إذا كان الاقتصاد العالمي قادرا على الصمود في جولات من الاحتكاكات التجارية، فإن الشكوك التي تسببها التوترات سوف تكون طويلة الأمد.
الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم ؛ ويجب أن تتصرف على هذا الأساس.