تجاوزت بريطانيا الموعد المحدد لخروجها عن الإتحاد الأوروبي في نهاية مارس الماضي، لكن الجدل الدائر داخل المجتمع البريطاني حول مابات يعرف "بالبريكست" (خروج بريطانيا) لم يتوقف. وهوما رفع سقف التخمينات لنهاية "مسلسل طلاق" بريطانيا من الإتحاد.
في هذا الصدد، نقلت وكالة ايفي للأنباء عن عن ستيفاني فايس، رئيس مؤسسة برتلسمان ببروكسل قوله "إن نقطة الخلاف لاتتعلّق بمستقبل بريطانيا، بقدرما تتعلق بمن سيكون الرابح ومن ستؤول له السلطة داخل المنافسة الحزبية." وأضاف إن مجريات تقدم عملية "البريكست" قد عكست "بأن بريطانيا لم تفهم ما يعنيه الاستفتاء حول الخروج من الإتحاد الأوروبي".
في ذات السياق، يرى وانغ شوه، نائب مدير المعهد الأوروبي للعلاقات الدولية المعاصرة، بأن موقف الرأي العام البريطاني كان منذ البداية منقسما حيال مسألة "البريكست". حيث يوجد خلاف كبير بين مختلف الأحزاب وحتى داخل الأحزاب نفسها حول قضية الخروج وصيغة الخروج. وهوما أدخل الحكومة والبرلمان في مواقف متضاربة، وأسهم في تشتيت الرأي العام حول المسألة. مما صعّب مهمّة الحكومة البريطانية في ايجاد صيغة خروج توحّد جميع البريطانيين.
أما يان جين، المديرة التنفيذية لمركز الدراسات الأوروبية بجامعة الشعب الصينية، فتعتقد أن معضلة "البريكست" تعود من جهة إلى تخوف المعارضة من أن تؤدي "بنود الضمانات" إلى فقدان بريطانيا لسلطة المشاركة في قرار الإتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تبقى فيه خاضعة لبعض قواعده؛ ومن جهة ثانية، يساور بريطانيا قلق من تضرر سيادتها جرّاء الأحكام الاستثنائية للإتحاد الأوروبي بشأن حدود ايرلندا الشمالية والتعريفات الجمركية.
ويشير وانغ شوه، إلى أن "البريكست" لم تكن منذ البداية شأنا بريطانيا خالصا، بل كانت على صلة قريبة بقضايا توسع الإتحاد شرقا وعملية الإندماج الأوروبي. حيث اصطدمت أحلام الإندماج الأوروبي بعقبات المصالح المتضاربة لمختلف الدول القومية، وهو مايعني بأن بذور الخلاف قد زرعت منذ البداية. فبصفتها احدى المراكز العالمية الكبرى لصناعة الخدمات، رأت بريطانيا في عملية الإندماج والسياسات التجارية التي يدفع بها الإتحاد الأوروبي عرقلة لتنميتها الإقتصادية. كما ترغب بريطانيا في أن تنأى بنفسها عن أشباح أزمة الديون وأزمة اللاجئين ومعضلة البطالة والشعبوية التي تحاصر العديد من الدول الأوروبية.
غير أن محلّلون يرون بأن العولمة الإقتصادية قد دخلت اتجاه اللاعودة، وأن لا دولة بإمكانها العيش معزولة عن الآخرين. وفي الوقت الذي تأمل فيه القوى الداعمة للبريكست في "استعادة السيادة والحدود والأموال"، تبقى مترددة في الحسم في قضية الخروج من الأتحاد. وهومايمثّل السبب الرئيسي للتعثر المستمر للمفاوضات بين الجانبين.