دمشق 12 ديسمبر 2018 / في ساحة حي باب توما الدمشقي، وقف الأربعيني باسم حداد يشارك المحتفلين بأجواء عيد الميلاد لأول مرة منذ أكثر من ست سنوات، وقد اصطحب معه زوجته وابنتيه.
"من حقنا أن نفرح ونغني ونرقص، لقد مضى وقت طويل ونحن ننتظر هذه الأجواء" يقول حداد ذو الـ 45 عاما لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يضم ابنته الصغرى انجي.
وفي الساحة الأثرية، تجمع المئات أمام شجرة عيد الميلاد التي أضيئت لتضفي جوا من الفرح على المكان بعد أن غابت عنه أجواء الاحتفال لسنوات بسبب القذائف العشوائية لمسلحي المعارضة الذين كانوا يتمركزون في الغوطة الشرقية لدمشق.
"ما يميز الاحتفال هذه السنة هو نزول الناس الى الساحات والشوارع دون خوف بعد أن حرموا من ذلك لسنوات"، يضيف حداد الذي وضع على رأسه قبة (بابا نويل) الحمراء.
وأعلن الجيش السوري في مايو الماضي دمشق وما حولها وريفها وبلداته مناطق "آمنة" بالكامل للمرة الأولى منذ العام 2012.
وتعيش دمشق، وخصوصا حيي باب توما والقصاع ذي الغالبية المسيحية، هذه الأيام أجواء الاحتفال بعيد الميلاد.
وبدا واضحا اختلاف مشهد الاحتفال هذا العام في هذين الحيين عن سنوات الحرب.
فقد غابت في تلك الفترة أجواء الاحتفال عن شوارع باب توما والقصاع وكان الأمر يقتصر على اقامة الصلوات والسهر داخل المنازل.
وحرم الأهالي من النزول الى الشوارع والاحتفال في الساحات العامة واضاءة شجرة عيد الميلاد بسبب القذائف العشوائية لفصائل المعارضة .
أما اليوم، فقد عادت مظاهر الاحتفال إلى هذين الحيين اللذين لطالما اشتهرا قبل نشوب الحرب بإقامة احتفالات الميلاد.
وغطت شوارع الحيين خلال الأيام القليلة الماضية الزينات وانتشرت الأضواء ابتهاجا بقرب قدوم عيد الميلاد.
"اليوم هو فرحة كبرى، لأننا نعيش أجواء ما قبل الحرب، وسأبقى مع أصدقائي لوقت متأخر"، تقول ريتا ابنة باسم وملامح السعادة مرسومة على وجهها.
وفي شارع القصاع، تجمع أناس من مناطق متفرقة من دمشق للاستمتاع باضاءة شجرة عيد الميلاد، والتقاط الصور التذكارية بجوارها.
وأقيم حفل موسيقي كبير في الحي الذي كان هدفاً لقذائف الهاون بشكل شبه يومي.
ومزقت أصوات الموسيقى الصاخبة صمت المساء المتشابك مع أشعة الليزر التي أطلقت من اتجاهات مختلفة في السماء مع أضواء ملونة تتسابق لإضاءة جدران المباني بالقرب من الشجرة.
وشكلت تلك المفردات مجتمعة لوحة جميلة لم تكن موجودة لسنوات.
وجالت فرقة الكشاف المسيحي شارعي باب توما والقصاع وهي تعزف ألحان عيد الميلاد ورأس السنة.
وتقدمت الفرقة مجموعة من الأشخاص يلبسون لباس زي (بابا نويل) باللون الأحمر ويحملون أجراسا نحاسية وأكياسا فيها هدايا.
وقد حضر العرض أيضا فنانون في ملابس تنكرية قاموا بالسلام على الأطفال والتقاط الصور معهم.
وتؤكد جويل الزيات، ان الوضع مختلفاً هذا العام حيث تستطيع أن تستمتع بالاحتفالات دون توتر.
"الاحتفال هذا العام جيد جدا والجو هادئ أيضا ونصلي من أجل عودة سوريا بشكل أفضل من ذي قبل وأشعر اليوم أن الجميع سعداء ويستعدون لقضاء العطلة"، تقول جويل.
أما حيان سعيد، وهو بائع الزهور قام بتزيين شجرة كبيرة في شارع القصاع، فقال "أجواء الفرح والسرور يمكن ان نشعر بها هذه السنة بعد سنوات طويلة من الظلام والأخبار عن الوفيات والكوارث".
ويضيف سعيد " لمسنا هذا العام شيئًا مختلفًا مقارنة بسنوات الحرب، حيث يبتسم الناس الآن ويمكن الشعور بروح العطلة مرة أخرى.. إنها سنة جديدة وأمل جديد بأن يسود السلام والاستقرار سوريا مرة أخرى".