بكين 3 ديسمبر 2018 / ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، خطابا في الجلسة الأولى للقمة الـ13 لمجموعة العشرين، التي عقدت في بوينس آيرس. ولاقى خطاب الرئيس شي، المعنون "استشراف آفاق المستقبل وتوجيه الاقتصاد العالمي في الاتجاه الصحيح"، إشادة واسعة من العالم العربي، حيث رأى الخبراء العرب أنه خطاب عالمي ذو رؤية تتسم بالشجاعة والإستراتيجية ويرسم المسار للمستقبل.
وقال الرئيس شي في الخطاب "تتحول البلدان بشكل متزايد إلى مجتمع ذي مصالح مشتركة ومسؤوليات مشتركة ومستقبل مشترك. ومع المضي قدما، يعد التعاون القائم على الفوز المشترك الخيار الوحيد بالنسبة لنا"، مؤكدا أنه "في سعي البشرية الدؤوب إلى التنمية والتقدم، يعد الاتجاه نحو الانفتاح والتكامل بين البلدان أمرا لا يمكن إيقافه رغم التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي".
وفي هذا الصدد، رأى ضياء الفقي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية أن الصين تعتبر من أكثر دول العالم بذلا للجهود وإطلاقا للمبادرات الرامية إلى تعزيز حركة التبادل التجاري، والحفاظ على حرية التجارة، وخلق نوع من التوازن في العلاقات الدولية.
وذكر أن الرئيس شي يشدد في كل محفل عالمي، كمعرض الصين الدولي للواردات، الذي عقد في شانغهاي في أوائل شهر نوفمبر الماضي، وقمة المديرين التنفيذيين لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، التي عقدت في 17 من الشهر نفسه في مدينة بورت مورسبي عاصمة بابوا نيو غينيا، يشدد مرارا على رأيه الثابت في تحقيق قدر أكبر من التنسيق والتكامل بين الدول بما يلبي الحاجة إلى نمو الإنتاجية، وعلى منهج الصين وسياستها الواضحة القائمة على رفع الشراكة مع كل دول العالم وليس التصادم أو التنافس.
وقال إن الرئيس شي أبرز خلال قمة العشرين الجارية مخاطر التوجهات الجديدة، التي ترتبط بالحمائية والأحادية، والتي قد تترك أثرا في العالم بأسره، مشيرا إلى أن الصين تسعى بشكل مستمر للحفاظ على التوازن العالمي والعمل على وأد أي صراع واحتوائه.
وإشادة بجهود الصين المستمرة في دفع التجارة الحرة والمفتوحة، أشار الفقي إلى أن الصين نظمت حدثا ضخما، وهو معرض الصين الدولي للواردات، بغية التأكيد على رغبتها الدائمة في تحقيق تبادل تجاري منصف وعادل، وعلى استمرار انفتاحها على العالم تجاريا.
وقال الفقي إن الصين تعمل على تحقيق مصلحة رفاهية الشعوب وذلك من خلال تبادل المنافع، وهو ما يعكس مدى عمق الحكمة السياسية للرئيس الصيني، نظرا لأن ذلك هو الخيار الوحيد بالنسبة للعالم، سواء كان ذلك في أوقات الشدة أو الرخاء.
من جانبه، أكد السياسي السوداني عبد الرؤوف السني في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن مخرجات القمة جاءت متسقة مع الأفكار التي طرحها الرئيس الصيني خلال خطابه، مضيفا أن "النظام التجاري متعدد الأطراف يحقق مكاسبا للجميع، وقد تم التأكيد على هذه الحقيقة من خلال البيان الختامي للقمة".
كما اتفق المحلل السياسي السوداني طارق ساتي مع هذا الرأي قائلا "لقد عكست القمة حالة من التوافق بين القادة للسير قدما من أجل إصلاح الاقتصاد العالمي وإزالة العوائق التي تعترض مسيرة النمو العالمي، وخاصة وسط صعوبات تواجه دول العالم، وكان من المهم إظهار موقف جماعي مساند للنظام التجاري متعدد الأطراف".
جدير بالذكر أن الرئيس الصيني طرح في خطابه بالقمة مقترحا من أربع نقاط، يتضمن الالتزام بالانفتاح والتعاون والتمسك بالنظام التجاري متعدد الأطراف، وإقامة شراكة قوية وتكثيف تنسيق السياسات الكلية، والالتزام بالابتكار وبخلق زخم جديد للنمو، والالتزام بالتعاون القائم على الفوز المشترك لتعزيز التنمية العالمية الشاملة.
بدوره، قال عبد العزيز شعبان وهو خبير سياسي من المملكة العربية السعودية إن الصين قد أعربت في مناسبات عدة عن دعمها لنظام التجارة المتعدد الأطراف ومعارضتها للأحادية والحمائية، وحثت المجتمع الدولي على تضافر الجهود لبناء اقتصاد عالمي مفتوح، مؤكدا أن "ذلك يحمّل مفهوم الحكم العالمي المسؤول والمحايد في الصين شعوراً بالواجب والرسالة، وهذا ما يجب على أي دولة كبرى أن تتحلى به".
وأشار عبد العزيز في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أنه في ضوء تحول البلدان بشكل متزايد إلى مجتمع ذي مصالح مشتركة ومسؤوليات مشتركة ومستقبل مشترك، فإن تعزيز تنسيق السياسات يعد أمرا ضروريا للنمو العالمي. وفي هذا الإطار، فإن الصين تعمل على زيادة جهودها الانفتاحية والتكاملية، وهو ما يتوافق مع رؤية السعودية 2030.
ورأى أن مجموعة العشرين كمنصة للنهوض بتنسيق سياسات الاقتصاد الكلي، تعمل على تحسين البنية المالية الدولية، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، مشيرا إلى أن "الصين عضو مهم في آلية مجموعة العشرين وتضطلع بدور بناء فيها".
ولفت إلى أنه مع تصريحات وإجراءات الصين "فإن مجموعة العشرين ستحقق نتائج ملموسة أكثر في تحسين الإدارة الاقتصادية العالمية، ودعم التجارة الحرة والتكامل، وتعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف والنظام الدولي والقواعد الدولية".
ومنذ بدء قمة مجموعة العشرين في عام 2008، لعبت الصين دورا بناء وأولت أهمية كبرى للتعاون في إطار المجموعة وساهمت بأفكار وحلول من أجل حوكمة اقتصادية عالمية أفضل وبرهنت على التزامها باعتبارها دولة رئيسية مسؤولة.