مقالة : "نحن في قارب واحد" نحو مستقبل أكثر إشراقا -- خطاب الرئيس الصيني يلهم قادة الأعمال في الأبيك

بورت مورسبي 17 نوفمبر 2018 / "كنت أنظر إلى المحيط الشاسع عندما صعدت إلى السفينة، وأذهلني أننا جميعا بالفعل رفقاء درب على السفينة نفسها"، هكذا قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه الرئيسي الذي ألقاه في قمة المديرين التنفيذيين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسيفيك (أبيك) هنا يوم السبت على متن سفينة (باسيفيك إكسبلورر).

وقال الرئيس شي، مستعينا بصور حية، "اننا نواجه موجات عاتية في الاقتصاد العالمي والعديد من المخاطر والتحديات، من المفيد جدا أن نجلس معا على هذه السفينة لنرسم مسار التنمية والتعاون في المستقبل".

ومع إلقاء الحمائية والأحادية الآن بظلال طويلة على آفاق الاقتصاد العالمي وحدوث العديد من التغيرات في أنحاء العالم، وصلت البشرية مرة أخرى إلى مفترق طرق.

"أي طريق يتعين علينا اختياره؟ التعاون أم المواجهة؟ الانفتاح أم الانغلاق؟ التقدم المربح للجميع أم لعبة صفرية؟"، هكذا جاءت تصريحات الرئيس شي التي دفعت المستمعين إلى التفكير والتأمل.

وقد ألهمت مقترحاته، التي وردت فيما بعد في الخطاب وأكدت على أهمية الانفتاح والنمو الشامل والابتكار، ألهمت العديد من المهتمين بمستقبل منطقة آسيا-الباسيفيك.

-- الانفتاح من أجل مجال أكبر للتنمية

الانفتاح يجلب التقدم، فيما يقود الانغلاق إلى التخلف. وفي خطابه، قال الرئيس شي إن "العولمة الاقتصادية هي الطريق الأكيدة للمجتمع البشري لتحقيق التنمية، وقد خلق النظام التجاري متعدد الأطراف فرصا لنا جميعا".

وأشار إلى أن أي محاولة لإقامة الحواجز وقطع العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الدول تعد "نهج قصير النظر ومحكوم عليه بالفشل".

وفي حديثه إلى وكالة أنباء ((شينخوا))، قال جوانا إسكويفاز مندوب برنامج "أصوات المستقبل" التابع للأبيك، وهو من الفلبين وكان على متن (باسيفيك إكسبلورر) واستمع إلى خطاب الرئيس شي، قال إن "خطاب الرئيس شي كان مصدر إلهام حقيقي وركز على مستقبل من الرخاء يتشاطره الجميع".

واتفق إسكويفاز في أنه لا يوجد فائزون في الحروب التجارية، معربا عن تطلعه إلى أن تنفذ مقترحات شي المختلفة في السنوات المقبلة.

وعندما طلب منه التعليق على خطاب الرئيس شي، ذكر ديفيد موريس المفوض التجاري لدى أمانة منتدى جزر المحيط الهادئ أن "الانفتاح والتعاون هما السبيل الوجيد لضمان التنمية الشاملة والمستدامة".

وتابع قائلا إن إنجازات الأبيك ومنظمة التجارة العالمية برهنت على فوائد التجارة الحرة والاقتصادات المفتوحة، وإنه يتعين على الدول "جميعا تجديد التزامها بتحقيق مزيد من الانفتاح".

وأضاف موريس أن "الشراكة تنتصر على المواجهة في كل مرة. وهناك العديد من الأمثلة في منطقة آسيا-الباسيفيك على كيفية تطوير شراكات فعالة، تقوم على أساس المنفعة المتبادلة والفهم واحترام مصالح الآخر".

ومن جانبه، قال جون كونجوي الذي يشغل منصب مدير إداري بشركة اتصالات في بابوا نيو غينيا إنه أعجب بتصريحات الرئيس شي حول الانفتاح، مضيفا "إنه (الانفتاح) مهم، لأن الأعمال التجارية والمالية والتجارة ستتحسن، ليس فقط في بابوا نيو غينيا، وإنما في أماكن أخرى أيضا".

واتفق دونالد كامبل الرئيس المشارك الدولي للجنة التعاون الاقتصادي لمنطقة المحيط الهادئ، على تصريحات الرئيس شي بأن العالم يقف عند مفترق طرق، قائلا "نحن إما سنكون منغلقين أو سنكون منفتحين، لذا فأنا أرى أن كل ما قاله (الرئيس شي) صحيح".

ووصف تشن هونغ، مدير مركز دراسات آسيا والمحيط الهادئ بجامعة شرق الصين للمعلمين، خطاب الرئيس شي بأنه "جرعة جيدة من الدواء" ضد الوضع العالمي الحالي المثقل بالحمائية والأحادية.

-- الشمول من أجل التعايش والفوز المشترك

قال الرئيس شي جين بينغ في خطابه "نحن نعيش على الكوكب نفسه". وأضاف أن "التنوع والتفاعل بين الحضارات والأنظمة الاجتماعية والمناهج المختلفة سيوفران قوة دافعة قوية للتقدم البشري".

ومثلما لا يتوقع المرء وجود وصفة واحدة لعلاج جميع الأمراض، لا ينبغي للمرء أن يتوقع نموذجا معينا للتنمية يناسب جميع الدول، هكذا ذكر الرئيس شي وهو يؤكد على ضرورة الشمول.

وقال أندرو ماكنتاير مدير المركز الاسترالي لدراسات الأبيك في جامعة "رميت" باستراليا "فهمت ما يريد أن يقوله (الرئيس شي) بأن ثمة حاجة إلى أن تشمل التنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ الجميع. وهذا يعني، أنه لابد لنا من أن نضمن عدم استبعاد أي دولة، وأن تكون هناك داخل كل دولة فرصة للجميع".

وأضاف "كما فهمت قوله بأننا بحاجة إلى تقبل مجموعة متنوعة من أنماط التنمية وأنه لا ينبغي على أي دولة أن تفرض نمطها التنموي على الآخرين".

وقال موريس، وهو من أمانة منتدى جزر المحيط الهادئ، إن بيئات العمل النزيهة والمفتوحة والشفافة ستكون أكثر أهمية في المرحلة التالية من الثورة الصناعية الرابعة، للتأكد من أن "فوائد التكنولوجيات الجديدة يتم تقاسمها على نطاق واسع ولا أحد يتخلف عن الركب".

ومن ناحية أخرى، طلب كامبل من الناس التأمل بعمق في تصريحات الرئيس شي. وذكر "نحن بحاجة إلى أن ننظر إلى النمو الاقتصادي بصورة أوسع مقارنة بالتجارة. فالتجارة محرك مهم، ولكنها بطبيعة الحال لا تفيد الجميع بنفس الطريقة، لذا عليكم اتخاذ إجراءات للتأكد من الجميع مشمول في هذه العملية. وأن الناس لديها فرص عمل وهناك ضمان اجتماعي وبنيتك التحتية قائمة".

وقال تشن هونغ "لا تستطيع دول أن تسلك طريق (أنا فقط) أو (أنا أولا)"، مضيفا "لا ينبغي لأحد أن يحكم على الآخرين من خلال مسار تنميته، ناهيك عن فرضه على الآخرين".

وأوضح أن "المحيط الهادئ كبير بما يكفي ليجمع مختلف الدول والشعوب لكي تتطور معا"، مضيفا أن " الصين تعمل ارتكازا من وجودها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وستجعلها تزدهر".

-- دور أكبر للصين

في خطابه، أشار الرئيس شي إلى الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين خلال الأربعين عاما من الإصلاح والانفتاح. وقال إن "جهود الشعب الصيني التي لا تكل هي ما جعلت الصين على الحال التي عليها اليوم!".

ودعا قادة الأعمال الذين يحضرون القمة إلى المشاركة بنشاط في مبادرة الحزام والطريق الصينية ومعرض الصين الدولي السنوي للواردات. وقال "إنني على الثقة من أن السوق الصينية الكبيرة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليار نسمة، ستكون مصدرا للنمو الديناميكي للاقتصاد العالمي".

وقال تشن يوي شو، وأحد المندوبين في قمة المديرين التنفيذيين للأبيك، لـ((شينخوا)) عقب الاستماع إلى خطاب الرئيس شي إنه يتعين على أعضاء الأبيك التعاون بشكل وثيق في إطار مبادرة الحزام والطريق وهذا "سيجعل العالم مكانا أفضل".

ويرى موريس أن مبادرة الحزام والطريق تمثل مساهمة كبيرة من الصين "للمساعدة في بناء البنية التحتية وتحقيق الربط اللازم بين أنحاء العالم النامي وما وراءه".

وأشاد أيضا بسياسة الإصلاح والانفتاح القائمة منذ 40 عاما في الصين، واصفا إياها "بعلامة فارقة" لأنها مكنت من تحقيق نمو اقتصادي قوي وتغيير هائل في حياة الناس بالبلاد.

كما ثمن جينك رادون الأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا الإنجازات التي حققتها الصين في العقود الأربعة الماضية، قائلا "إنها رائعة. فقد تم انتشال مئات الملايين من الفقر. والكثير منهم يحصلون على تعليم أفضل. هذا أمر مدهش".

وبالنسبة لرجل الأعمال كونجوي من بابوا نيو غينيا، يعد الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين خيارا عمليا. وقال إن "أعضاء الأبيك يمكنهم الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق لتشييد البنى التحتية، وهذا لا يقتصر فقط على بناء الطرق والموانئ والجسور وإنما يشمل أيضا بناء البني التحتية الرقمية، بحيث يتمكن كل شخص من الوصول إلى الإنترنت وخاصة في بلدان مثل بابوا نيو غينيا".

وبعيدا عن مكان اجتماعات الأبيك، لاقى خطاب الرئيس شي أيضا أصداء على الإنترنت، حيث أشاد به العديد من مستخدمى الإنترنت.

فقد كتب يوان لونغ، وهو أحد مستخدمي الإنترنت، تعليقا على شريط فيديو الخطاب، قال فيه إن أفكار الرئيس شي "تتوافق مع احتياجات العصر. فدعوته إلى مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك تعكس فلسفته في القيادة".