بيروت 14 نوفمبر 2018 / احتضنت البطريركية المارونية اللبنانية اليوم (الأربعاء) برعاية البطريرك الكاردينال بشارة الراعي مصالحة تاريخية بين قطبين مارونيين هما رئيس "تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وحزب القوات والمردة فريقان مسيحيان متخاصمان منذ زمن الحرب الأهلية في البلاد (1975-1990).
ويوجه الاتهام لجعجع بأنه قاد عام 1978 هجوما على منزل الوزير السابق طوني نجل الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية ووالد سليمان فرنجية الابن مما أسفر عن مقتل طوني فرنجية وعدد من أفراد عائلته ومناصريه، لكن جعجع يرد الاتهام بأنه أصيب قبل الوصول إلى منزل آل فرنجية حيث تولى أحد القادة الميدانيين إكمال تنفيذ الهجوم.
وفي وثيقة مشتركة صدرت عن فرنجية وجعجع تلاها المطران جوزف نفاع، أعلن تيار المردة وحزب القوات اللبنانية "إرادتهما المشتركة في طي صفحة الماضي الأليم مع التأكيد على ضرورة حلّ الخلافات والتوجه إلى أفق جديد".
وأكدت الوثيقة أن المصالحة تأتي بصرف النظر عن الخيارات السياسية ومن دون حسابات قد تتبدل تبعاً للظروف.
كما أكدت أن الاختلافات السياسية بين الجانبين تبقى على حالها وأن الالتقاء والحوار ليس مستحيلاً مع التشديد على ضرورة حل الخلافات عبر الحوار العقلاني الهادف لتحقيق مصلحة لبنان ودور المسيحيين.
وأوضحت ان المصالحة لاتسعى لأي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة حاليا وأنها ليست وليدة اللحظة بل تتويج لحوارات ولقاءات.
ورغم أن الوثيقة وضعت المصالحة في سياقها التاريخي والإنساني والوجداني وفصلتها عن الواقع السياسي الحالي الا أنها تحدثت عن فتح "صفحة جديدة" والتنسيق بين الجانبين سياسياً وإنمائيا عبر التلاقي والابتعاد عن منطق الإلغاء.
وشددت الوثيقة على أن "زمن العداوات قد ولى وجاء زمن التفاهم والحوار والاتعاظ".
ودعت الوثيقة إلى "تضييق الخلاف السياسي قدر الإمكان لبدء تعاون صادق وبناء نابع من المسؤوليات الوطنية لتحقيق آمال المواطنين".
وأكدت الوثيقة على الدور المسيحي وخصوصا في شمال لبنان ووصفته بأنه "الحصن المسيحي اللبناني" كما أشارت إلى ضرورة المصالحة بوصفها "دفاعا عن الكرامة والوجود والمصير".
بدوره قال البطريرك الراعي خلال اللقاء إن الاجتماع هو انطلاقة للوحدة الوطنية مشددا على أن البطريركية ضد الثنائيات والثلاثيات وإنها مع الشعب ومؤسسات الدولة.
كما أكد الراعي أن "لبنان ذو جناحين متساويين متكاملين هما الإسلام والمسيحية وهذا هو سر لبنان بخصوصيته ودوره ورسالته".
من جهته رحب رئيس الوزراء اللبناني المكلف باللقاء بين جعجع وفرنجية، وكتب في تغريدة على (تويتر) أن "المصالحة صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق".
وترتدي هذه المصالحة خصوصية على صعيد شمال لبنان ذلك أن فرنجية من قضاء زغرتا المجاور لقضاء بشري الذي يتحدر منه جعجع وكلا القضائين شهدا صراعات دموية بين الجانبين.
وتعتبر هذه المصالحة الثانية من نوعها بين خصمين مسيحيين حيث سبقتها مصالحة في العام 2006 بين جعجع وزعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون قبل انتخابه رئيسا للبلاد، وكانت قد دارت بين فريقي جعجع وعون مواجهات أثناء الحرب الأهلية.