رام الله 11 نوفمبر 2018 / أحيا الفلسطينيون الذكرى السنوية 14 لوفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات التي تصادف اليوم (الأحد)، بمظاهرات تخللها مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في عدة مدن في الضفة الغربية، وسط تأكيد التمسك بالسير على نهجه.
وقالت مصادر فلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن مواجهات اندلعت بين عشرات من طلبة المدارس مع قوات إسرائيلية في مدينة بيت لحم ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بحالات اختناق.
وذكرت المصادر، أن القوات الإسرائيلية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي باتجاه مسيرة للطلبة لإحياء الذكرى الـ14 لوفاة عرفات.
وبحسب المصادر، فإن مواجهات مماثلة اندلعت في مناطق أخرى في مدارس في الخليل جنوب الضفة الغربية.
وأقامت مدارس في رام الله نابلس وجنين وطولكرم وطوباس وقلقيلية ومناطق أخرى فعاليات ومعارض صور تستذكر عرفات وتعدد مناقبه.
وفي السياق ذاته، توجه عشرات الفلسطينيين وطلبة المدارس في مظاهرة انطلقت من دوار المنارة وسط رام الله إلى ضريح عرفات في مقر الرئاسة يتقدمهم فرق كشفية.
وارتدى المشاركون في المظاهرة كوفية عرفات السمراء ورفعوا الأعلام الفلسطينية وصوره والرئيس الحالي محمود عباس ورايات حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الصفراء.
وصدحت مكبرات الصوت بالأغاني الوطنية ومقاطع من خطابات سابقة لعرفات.
ولاحقا وضع عباس إكليل من زهور على ضريح سلفه وقرأ الفاتحة على روحه تلاه اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح والحكومة الفلسطينية.
وقال عباس، في كلمة له بالمناسبة أمام الجماهير المحتشدة، إن "عرفات صاحب القرار المستقل الذي حافظ عليه رغم كل العقبات والمؤامرات والدسائس التي أحاطت بنا منذ القرن ال20".
وأضاف إن "عرفات زعيم الأمة والشعب الفلسطيني وهو لا ينسى بتضحياته وجهاده وجهوده الجبارة منذ الأربعينيات وحتى وفاته".
وأشار عباس إلى أن "عرفات هو صاحب فكرة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني التي أبقتنا صامدين صابرين وحافظت على نضالنا إلى يومنا هذا".
وخصصت الإذاعات المحلية والفضائيات الفلسطينية حلقات بمناسبة الذكرى، فيما أقدم نشطاء فلسطينيين على وضع صور عرفات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتوفى عرفات في 11 من نوفمبر 2004 عن (75عاما) بمرض غامض لم تحدده التحاليل التي أجريت له في مستشفى (بيرسي) العسكري في باريس الذي توفي فيه ونقل بعدها للدفن في رام الله بالضفة الغربية من دون أن تخضع جثته للتشريح.
واتهم العديد من المسئولين الفلسطينيين إسرائيل بالوقوف وراء تدبير اغتيال لعرفات الأمر الذي تصر على نفيه.
وتأتي ذكرى الوفاة مع تواصل الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، وكذلك الانسداد الحاصل في عملية السلام منذ توقف آخر مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل العام 2014.
وتتعثر جهود المصالحة على الرغم من توقيع الحركتين في أكتوبر اتفاقا برعاية مصرية لتسليم إدارة قطاع غزة إلى حكومة الوفاق وذلك بسبب خلافات الحركتين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق.
ودعت حكومة الوفاق الفلسطينية في بيان لها بالمناسبة إلى "نبذ الفرقة والانقسام والانحياز إلى مصالح الشعب الفلسطيني من خلال إعلاء مصلحة الوطن فوق آية مصلحة أخرى".
وطالب الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود بمواصلة "السير على طريق الزعيم عرفات إلى القدس والوحدة والدفاع عن الثوابت الوطنية والنضال والكفاح لتحقيق الحلم الفلسطيني العظيم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية المحتلة على كامل حدود الرابع من يونيو العام 1967".
وشدد المحمود على أن "الوطن أعلى وأغلى من الفصيل ومن كل مصلحة وأن ذلك يتجلى في صد التدخلات الخارجية ومحاولات تفتيت القضية الوطنية، ومواجهة تنفيذ مخططات تقسيم وتمزيق وحدة الوطن".
وفي السياق ذاته، أكد المجلس الوطني الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني استلهم شجاعة وجرأة عرفات في الدفاع عن حقوقه الوطنية في الحرية والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
وشدد المجلس في بيان له بالمناسبة، على أن الشعب الفلسطيني وقيادته ملتزمون بنهج العزة والكرامة والانتماء للوطن التي عمّدتها مسيرة القائد المؤسس في كل مراحل النضال والكفاح الوطني الفلسطيني.
واعتبر المجلس أن "الرد على التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الفلسطيني والدفاع عن القرار الوطني المستقل يكون بالالتزام بمبادئ الوطنية الفلسطينية الأصيلة وإعلاء مصلحة الوطن على مصلحة الفصيل".
ودعا المجلس إلى "تعزيز مكانة ودور منظمة التحرير الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية على أسسٍ تحفظ للشعب الفلسطيني كبرياءه وحقوقه وتدافع عن وحدة الوطن السياسية والجغرافية وتتمسك بالمقاومة والنضال بكافة الأشكال حتى نيل الحرية والعودة والاستقلال".
وفي الإطار، أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) "التمسك بنهج النضال تحقيق الحرية والاستقلال وترسيخ قواعد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس والاستمرار على منهج الوحدة الوطنية التي كرسها عرفات".
وقالت الحركة في بيان لها بالمناسبة "لقد جسد عرفات معاني الانتماء والعطاء اللامحدود والوحدة الوطنية كعقيدة سياسية هي بمثابة الروح لكل فلسطيني وطني ومحرك وباعث ارادة لا تلين لتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية".
وأكد البيان على "التمسك بالوحدة الوطنية وإعلاء المصالح العليا للشعب الفلسطيني والمصمم على انتزاع الحرية والاستقلال والبقاء صامدا على أرضه يثبت وجوده الطبيعي والتاريخي فيها".
من جهتها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان لنفس المناسبة "حرصها الأكيد وقناعتها التامة بضرورة إنجاز الوحدة الوطنية وتجاوز حالة الانقسام التي تضر بالقضية الفلسطينية".
وطالب عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران "كل من يؤمن برمزية عرفات أن يأخذ قرارا حاسما في تحقيق الوحدة على أساس الشراكة وعلى قاعدة تطبيق الاتفاقيات الموقعة".
ودعا بدران إلى ضرورة "كشف ومحاسبة من تورطوا في اغتيال عرفات وهذا هو سؤال مشروع لكل الشعب الفلسطيني".
وسبق أن رفعت أرملة عرفات سهى في نهاية يوليو العام 2012 دعوى لدى القضاء الفرنسي ضد مجهول بقتل عرفات بعد أن أعلن خبراء سويسريون عثورهم على معدلات غير طبيعية من مادة البولونيوم السامة بعد فحصهم عينات من مقتنيات عرفات.
وأعلن الخبراء السويسريون في حينه، أنهم وجدوا نسب بولونيوم أعلى بمعدل ثلاث مرات من المعدل الطبيعي وأنهم يدفعون بفرضية التسمم دون الجزم بعلاقة أكيدة بين الوفاة والبولونيوم.
ودفن عرفات في رام الله بالضفة الغربية من دون أن تخضع جثته للتشريح، إلا أنه في 27 نوفمبر العام 2012 تم نبش قبر عرفات تحت إشراف السلطة الفلسطينية وجرى أخذ عينات من قبل خبراء من سويسرا وروسيا وفرنسا من رفاته.
وقال رئيس فريق خبراء الوكالة الروسية البيولوجية الطبية الفدرالية فلاديمير أويبا في مؤتمر صحفي عقده في موسكو في ديسمبر العام 2013، إن عرفات "مات ميتة طبيعية وليس بسبب تأثير إشعاعي"، مؤيدا بذلك تقريرا فرنسيا ذهب في نفس الشهر في ذات الاتجاه.
فيما أعلن خبراء سويسريون في تقرير رسمي تلقته السلطة الفلسطينية منتصف نوفمبر العام 2013، بحسب ما أعلنت في حينه، عثورهم على معدلات غير طبيعية من مادة البولونيوم السامة بعد فحصهم عينات من رفات عرفات.
وقال الخبراء السويسريون إنهم يدفعون بفرضية تسمم عرفات دون الجزم بعلاقة أكيدة بين الوفاة والمادة السمية.