غزة 8 نوفمبر 2018 / في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، يبدع الشاب الفلسطيني محمود النباهين، في تحويل الأسلاك المعدنية بشكل غير تقليدي إلى تحف فنية متقنة ومثيرة للاهتمام، ضمن فن حديث يسمى "النحت بالسلك".
ويجهد النباهين البالغ من العمر (20 عاماً) في تشكيل الأسلاك المعدنية بأفكار متنوعة، وعادة ما يستغرق منه ذلك ساعات طويلة من العمل على طاولة في غرفة صغيرة على سطح منزله في المخيم الفلسطيني.
وبدأت موهبة النباهين، الذي يدرس إدارة الأعمال في جامعة غزة، في فن النحت بالأسلاك المعدنية قبل عشرة أعوام، لكن اهتمامه في مواهب أخرى مثل الرسم والنحت على الطين جعلته يهملها.
ومع بداية العام الحالي بدأ النباهين الاهتمام بموهبته مع الأسلاك وتطوير نفسه عن طريق مشاهدته لفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت.
ويقول النباهين لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بدأ التعرف من جديد على فن النحت بالأسلاك المعدنية ووجد الكثير من الأعمال المنشورة لفنانين بريطانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويمارس النباهين فن النحت بالأسلاك المعدنية منذ عدة أشهر، ويوضح أنه بدأ باستخدام الأسلاك التي يجدها في منزله وصنع أول شجرة ووضعها في قالب اسمنتي صنعه بنفسه.
والأسلاك المعدنية إحدى المواد التي تم توظيفها في أعمال فنية فيما يعرف بالنحت بالأسلاك.
ويعد من رواد هذا الفن النحات الأمريكي الكسندر كالدر، الذي طور بشكل كبير تقنيات النحت بالأسلاك والتي تخدم تصوره الحركي لفن النحت.
وسعى النباهين الذي يعيش في منزل عائلته المكونة من تسعة أفراد، إلى تحويل موهبته إلى مصدر رزق له وهو ما شجعه والده عليه كثيرا.
وبدقة نظر وتركيز كبيرين يحول النباهين مجموعة من الأسلاك الصغيرة لتحفة فنية صغيرة متقنة.
ويستخدم في سبيل ذلك مجموعة من الخامات مثل الشبك السداسي وأسلاك الربط والنحاس.
ويقول "إن بعض الخامات التي لا أستطيع إيجادها أقوم بإعادة تدوير لأشياء متوافرة لدي في المنزل، لأتغلب على نقص بعض الخامات ولأستطيع إكمال الشكل كما هو مطلوب، وكما هو في مخيلتي".
وتتنوع المنحوتات الفنية التي يصنعها النباهين ما بين شخصيات كرتونية مثل "جنيات ديزني لاند" أو أشجار، وبعض الحيوانات التي ترمز لشيء معين، وبعض الأشكال حسب الطلب.
ومن أعماله أشجار ومجسمات حيوانات وشخصيات كرتونية، ومجسمات لأشخاص سواء إناث أو ذكور.
ومهمة النباهين ليست باليسيرة في ظل حاجة أعماله لدقة وتركيز شديدين، في حين يستخدم قطعة قماش صغيرة في الضغط على الأسلاك لتشكيلها حتى لا تصاب أصابعه بجروح.
في المقابل، يواجه الشاب الفلسطيني مصاعب إيجاد أسلاك نحاس جاهزة على شكل بكرات، لذلك يقوم بشراء أسلاك كهرباء وإخراج النحاس من داخلها، وهو ما يحتاج وقت ومجهود كبيرين، بالإضافة إلى افتقاده لبعض ألوان بخاخات الطلاء لإعطاء الشكل لون مميز لا يختفي مع الوقت.
ويشتكي النباهين من أن عدم توفر دعم مالي له يمثل أكثر المعيقات التي تقف أمام مساعيه لتطوير أعماله.
ويمكن أن تستغرق مهمته في إنجاز منحوتة واحدة ما بين يوم إلى أربعة أيام بحد أدنى وأحيانا أكثر من ذلك بحسب تفاصيلها وصعوبتها.
وحول طريقة عمل التحف، ينوه النباهين إلى أن عمله يتطلب معرفته بتشريح جسد المرأة والرجل ليستطيع تشكيله.
ويضيف أن تفاصيل جسد النساء في الرسوم المتحركة (الجنيات)، تختلف عن تفاصيل الإنسان الطبيعي من حيث الخصر وتشكيل اليدين والجناحان في وسط الظهر.
وأنجز النباهين ما يقارب ال50 منحوتة منذ بداية العام الحالي وحتى اللحظة، وتتراوح أسعار القطع الفنية التي ينتجها ما بين 40 إلى 250 شيكل (ما بين 12 إلى 70 دولار أمريكي).
ويوضح النباهين أن موهبته في البداية لم تنل الكثير من التشجيع، فقد كان الأهل والأصدقاء غير مقتنعين في فن النحت بالأسلاك.
ويقول "بعد أن شاهد أهلي وأصدقائي أعمالي الفنية، شجعني والدي وساعدني أصدقائي بتسويق أعمالي على مواقع التواصل الاجتماعي".
ويطمح النباهين بإقامة معرض عالمي كبير يستطيع من خلاله تجسيد قضية فلسطين بواسطة فن النحت بالأسلاك منذ بدايتها، ويحلم بأن يتميز عالميا في هذا الفن.