أنقرة 11 أكتوبر 2018 / قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده لن تنسحب من سوريا حتى يتم إجراء الانتخابات العامة فيها، مشيرا إلى أن الجيش التركي سيبقي في سوريا لوقت غير محدد.
وقال إردوغان خلال مقابلة أجرتها معه شبكة ((تي آر تي ورلد)) "بمجرد أن يعقد الشعب السوري الانتخابات، فإننا سنغادر سوريا ونتركها لأصحابها."
ولم تكشف تركيا عن أعداد قواتها المنتشرة في مناطق عديدة في سوريا على الحدود الممتدة بين البلدين لمسافة 900 كم، حيث بعثت أنقرة بقوات إلى سوريا في أغسطس 2016 لتطهير الحدود من المقاتلين المنتمين لتنظيم الدولة الإسلامية.
كما شنت تركيا عملية أخرى في وقت سابق من هذا العام في عفرين بشمال سوريا لطرد المقاتلين الأكراد المنتمين لوحدات حماية الشعب الكردية الذين تعتبرهم أنقرة فرعا محليا لحزب العمال الكردستاني المحظور.
وكان إردوغان قد اتفق الشهر الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تأسيس "منطقة منزوعة السلاح".
ونص الاتفاق على تأسيس المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 أكتوبر الجاري على أن يبلغ عرض المنطقة من 15 إلى 20 كم.
وستشمل المنطقة العازلة محافظة إدلب السورية، التي تعد آخر معقل للمتمردين في سوريا، إضافة للمناطق المجاورة من ريف حماة واللاذقية وحلب.
وبحسب الاتفاق، فإنه من المقرر سحب الأسلحة الثقيلة والدبابات وأنظمة الصواريخ ومدافع الهاون من كل الجماعات المتمردة بحلول العاشر من الشهر الجاري.
وبالنسبة لتركيا، فإن ارسال قوات إلى سوريا يأتي في المقام الأول لمعالجة المخاوف الأمنية الوطنية.
وقال مصدر حكومي تركي لوكالة انباء ((شينخوا)) "إذا تم التوصل لتسوية قابلة للتطبيق في سوريا، فإنه يتعين على كل الدول التي لديها وجود عسكري هناك أن تسحب قواتها، وإلا فإن القوات التركية لن تغادر سوريا بشكل منفرد وليس من حق أحد مطالبتنا بالانسحاب".
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه "إن لدينا مصلحة أمنية للحفاظ على وجودنا هناك، نحن موجودون في سوريا لأنها جارتنا...يتعين علينا حماية مصالحنا ومنع أي تهديد من هذا البلد".
وكانت تركيا قد أسست 12 نقطة مراقبة في إدلب بالتعاون مع روسيا وإيران، كجزء من جهودها الدبلوماسية لمنع ما تخشاه الأمم المتحدة من وقوع "مجزرة" في إدلب، وتتصل أنقرة بالدول الأخرى صاحبة المصلحة.
ومن المقرر عقد محادثات رباعية بين تركيا وألمانيا وروسيا وفرنسا حول الوضع في إدلب في وقت لاحق من هذا الشهر، وذلك في أعقاب زيارة رسمية قام بها إردوغان لبرلين في سبتمبر.
ويرغب الزعيم التركي من الولايات المتحدة، حليفته في الناتو، الإسراع بالالتزام بخارطة الطريق التي اتفق عليها البلدان في يونيو الماضي لإبعاد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من بلدة منبج بشمال سوريا.
يعد هذا الموقع ووحدات حماية الشعب نقاطا شائكة كبيرة في العلاقات المتوترة بين البلدين الحليفين في الناتو، حيث تقول أنقرة انها لن تتهاون إزاء خطوات وحدات حماية الشعب تأسيس منطقة يحكمها الأكراد في سوريا.
وحذر إردوغان، بأن بلاده ستفعل ما في وسعها من أجل تطهير بلدة منبج السورية وشرق نهر الفرات من وحدات حماية الشعب الكردية.
وينذر توسع الحملة العسكرية التركية في المنطقة الأوسع التي تقبع تحت سيطرة الأكراد في شرق الفرات، بمخاطر مواجهة القوات الأمريكية، المنتشرة جنبا إلى جنب مع قوة تهيمن عليها وحدات الحماية الشعب الكردية.
ولدى الولايات المتحدة 20 قاعدة وما يقدر بـ2000 إلى 3000 جندي في المنطقة الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
ورغم ذلك، يعتقد الخبراء أن التصريحات الحادة لإردوغان لا تنطوي على مقدمة لمواجهة عسكرية، ولكن عوضا عن ذلك تنم عن رغبته في أن يكون له تأثيره في المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة حول القضية الحساسة.
وقال أويتون اورهان الباحث من مركز (سيتا) الفكري الذي يتخذ من أنقرة مقرا له لوكالة انباء ((شينخوا)) "إن امكانية شن عملية عسكرية عبر الحدود مثل العمليتين اللتين نظمتهما تركيا في الماضي لا يبدو أمرا وارد الحدوث في هذه المرحلة، فتركيا تفضل زيادة الضغط على الجانب الأمريكي للالتزام "بخارطة الطريق" التي وضعاها ".
وبحسب الخبير، فإن تركيا ترغب في استخدام وضع قوتها الدبلوماسية التي اكتسبتها أخيرا، لإجبار الولايات المتحدة في النهاية على التعاون والتنازل المحتمل عن قضية منبج.
وفي محاولة يبدو انها تأتي لتجنب المزيد من التصعيد، بعثت الولايات المتحدة أول دفعة من جنودها إلى تركيا للتدريب على القيام بدوريات مشتركة في منبج.
ورغم ذلك، وبحسب مصادر عسكرية تركية، فإن ذلك لا يرضي تركيا وقد تصبح قضية منبج نقطة خلاف جديدة في العلاقات المتوترة بشدة بالفعل بين تركيا والولايات المتحدة.
وقال سيركان دمرتاش المحلل السياسي المحلي لوكالة انباء ((شينخوا)) "إن استمرار تركيا في التصريح بان العمليات العسكرية المقبلة في سوريا ستستهدف المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية شرقي الفرات يكشف مستقبلا غير واضح للعلاقات التركية الأمريكية".