دمشق 19 أغسطس 2018 /بوسط هذا الدمار المخيف في مخيم اليرموك بجنوب العاصمة دمشق تجمع عدد من الفنانين السوريين في هذا المكان المدمر، كي يعيدوا بعضا من الالقاء والحيوية لهذا المكان الذي كان ينبض بالحياة قبل أكثر من سبع سنوات، من خلال الوانهم وفراشيهم المفعمة بالحيوية ليرسموا لوحات جميلة تضفي شيئا من الحياة على هذا المكان المدمر.
واختار الفنانون الشبان رسم لوحات للنساء والأطفال والمباني أو أي شيء يمكن أن يضيف نوعا من الحياة إلى هذا المخيم، الذي كان يوما منزلا للفلسطينيين والسوريين جنوب العاصمة دمشق.
وعلى مدى أيام أحضر الفنانون لوحاتهم وألوانهم وأقاموها وسط تلك الأنقاض والدمار في مخيم اليرموك، في محاولة لإعادة بناء تلك المنطقة من خلال فنهم ولوحاتهم المبدعة.
وفي الوقت الذي كانوا يرسمون لوحاتهم، كانوا يستمعون إلى أنغام الموسيقى لشحذ شعورهم في استذكار الماضي المجيد لاحيائه في تلك اللوحات عبر الوان متداخلة، حيث كانت المنطقة التي يقفون فيها من بين أكثر الأماكن ازدحاما في دمشق.
وكانت منطقة مخيم اليرموك واحدة من أهم معاقل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) جنوب دمشق قبل هزيمتهم في تلك المنطقة في وقت سابق من هذا العام من قبل الجيش السوري، وباتت آمنة.
وبفعل العمليات العسكرية أصبحت المنطقة الآن مدمرة إلى حد كبير، فاللون الرمادي والأسود هما من الألوان الوحيدة التي تطفو في هذا المكان قبل أن يقوم هذا العدد القليل من الفنانين السوريين، وهم بشكل رئيسي طلاب في كلية الفنون الجميلة، بإطلاق مشروع أو ورشة عمل تسمى "أوشيب"، وهي بالعربية تعني العشب، وهو مشروع تدعمه مؤسسة نور المحلية للتنمية.
إن فكرة تسمية مشروع "العشب" هي التفكير في الحياة، حيث أن العشب الأخضر ينمو دائمًا في أي مكان، وسط شقوق الحجارة القديمة، التي تشبه الحياة التي تنمو من بين الأموات.
وقالت آية الزعبي، إحدى الفنانين المشاركين، لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق أثناء وجودها "الفن شيء يضيف لونا للحياة، والمنطقة هنا سوداء تماما بدون حياة، لذلك نحن نحاول إعادة الحياة إليها من خلال ألواننا".
وكانت ترسم مبنى بدلا من المبنى المدمر أمامها بالوان زاهية.
من جانبه، قرر محمد حسن الخياط هو فنان آخر ترك فنه يخدم غرضًا في بلد حيث الدمار كبير هناك.
وقال الخياط، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن لوحاتي تشبه الدوامة مع بقعة بيضاء في الوسط تحيط بها الحرب، مضيفا "إن هذه البقعة البيضاء هي المكان الذي سيعود فيه كل شيء بطريقة سلمية كما كانت سابقا".
وتابع يقول "أردنا المشاركة في جلب الحياة إلى هذا المكان حتى ولو بمسكة بسيطة من الفرشاة، لإعادة الألوان التي اختفت خلال سنوات الحرب وكسر كل هذا اللون الأسود المخيم على المكان، أردنا أن نجلب الألوان إلى هذا المكان لاعادة الحياة مرة أخرى".
وفي معرض حديثه عن هذا المشروع "أوشيب"، قال عبد الناصر ناجي، أحد منظمي مشروع أوشيب، والذي كان من سكان مخيم اليرموك سابقا، إن الحياة ستعود إلى تلك المنطقة رغم ما فعلته الجماعات الإرهابية المسلحة من إجرام ودمار.
وأضاف "نريد أن نسلط الضوء على الحياة بعد أن كان الموت هو السمة الابرز هنا، فالعشب ينمو من تحت الصخور ويحتاج مخيم اليرموك بعد كل هذا الكثير من الاهتمام".
وقال ناجي "هذه المنطقة تحتاج إلى لون كألوان الحياة، يمكنك أن ترى الألوان الخضراء والحمراء والبيضاء كلها من خلال هذه اللوحة التي ترمز للحياة".
وسيشهد مشروع أوشيب هؤلاء الفنانين عرض أعمالهم في معرض في الهواء الطلق عند بوابة مخيم اليرموك في وقت لاحق.