بقلم: هانى محمد
بكين 18 أغسطس 2018 (شينخوانت) حينما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئاسة فى يونيو 2014 كانت الأوضاع الاقتصادية فى مصر مأساوية، فالاحتياطى النقدى الأجنبى كان فى حدود 16 مليار دولار، ومستوى التضخم مرتفع، وشهدت مصر ظاهرة المضاربة على الدولار الذى وصل سعره فى السوق السوداء إلى 23 جنيها، مقابل 8 جنيهات فى البنوك، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ عدة إجراءات وصفت بالصعبة والقاسية، لكنها تهدف إلى محاولة إنقاذ السفينة المصرية قبل أن تغرق، وبعد ثلاثة أعوام تغير الحال تماماً أقتصادياً.
اليوم ووفقاً لبيانات البنك المركزى المصرى، فقد ارتفع حجم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى بنهاية أكتوبر 2017، إلى 36.7 مليار دولار، وتتكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولى البنك المركزى المصرى.
وكان صندوق النقد الدولى قد اتفق مع مصر فى نوفمبر الماضى على قرض بقيمة 12 مليار دولار يمنح على مدار ثلاث سنوات لدعم برنامج الحكومة الخاص بالاصلاح الاقتصادى، الذى توازى مع مشروعات البنية الاساسية التى تنفذها الحكومة المصرية، مثل مشروع العاصمة الجديدة وأيضاً محور تنمية قناة السويس، الذى يعد أحد المشروعات التى يعول عليها المصريون للارتقاء باقتصادهم.
ولهذا المشروع أهمية كبرى لا تتعلق فقط بمصر، وإنما أيضاً بالدول الصديقة، ومنها الصين، حيث تعد مصر أحد المحاور المهمة فى مبادرة "الحزام والطريق" التى تؤمن بها الحكومة المصرية، وتعدها رافداً مهما لدمج الاقتصاد المصرى ضمن الاقتصاديات النامية، ويمكن القول إن هناك تعويلاً مصرياً على التعاون الاقتصادى مع الصين، الذى بدأت بوادره من خلال عدد من الاتفاقيات والمشروعات المتفق على تنفيذها، وأيضاً التفاوض حول مقايضة الجنيه المصرى باليوان الصينى فى المعاملات التجارية والإستثمارية بين البلدين، وهنا تجدر الإشارة إلى احتفال أحد البنوك المصرية فى 28 نوفمبر الماضى، وهو البنك الأهلى المصرى، بحصول فرعه بشانغهاي على رخصة التعامل بالعملة المحلية الصينية، ليصبح بذلك أول بنك عربى وأفريقى يحصل على رخصة التعامل بها من خلال فرعه بشانغهاي، ومن شأن تلك الخطوة أن تؤدى إلى فتح أفاق جديدة للتعاون بين الصين ومصر وكافة دول المنطقة.
كل ذلك يقودنا إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" من المشروعات التى تعول عليها الحكومة المصرية كثيراً، خاصة فى الترويج لمحور تنمية قناة السويس، كونها المنطقة الأنسب لإقامة مشروعات بها تخدم الدول الواقعة على طول الحزام والطريق، وربما يفسر ذلك حالة الارتياح المصرية سواء الرسمية او الشعبية للفكرة الصينية، وعدم ظهور أى اعتراضات عليها، ليقينهم بإن الجميع سيخرج رابحاً، كما أن دخول الصين كمستثمر قوى فى مصر، يؤمن الفكرة المصرية التى تم التأكيد عليها بعد ثورة 30 يونيو 2013، التى تقوم على تنويع العلاقات الدولية والاقتصادية، وعدم اقتصارها على دولة أو جهة معينة، فضلاً عن أن مصر ترغب أيضاً فى الاستفادة من التواجد الصينى القوى فى القارة الأفريقية، التى تعد الحديقة الخلفية المهمة لمصر، وتحاول الإدارة الحالية تحقيق أكبر قدر من الاستفادة والتعاون بشأنها.