بغداد 7 أغسطس 2018 / أشاد خبير عراقي بالجهود التي تبذلها الصين في مجال مكافحة التصحر وتحويلها لالاف الهكتارات من صحراء وكثبان رملية إلى غابات خضراء، معربا عن أمله في نقل الخبرة الصينية في هذا المجال إلى العراق الذي يعاني من مشاكل كبيرة في التصحر.
وقال الخبير في مكافحة التصحر المهندس الزراعي سرمد الامين والذي شارك في دورة تدريبية بمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم شمال غربي الصين، حول مكافحة التصحر لوكالة أنباء (شينخوا)، "الصين لديها خبرات واسعة وكبيرة في مكافحة التصحر وتمكنت من تحقيق معجزة في هذا المجال عندما حولت آلاف الهكتارات من الصحاري التي تغطيها الكثبان الرملية إلى غابات ومناطق خضراء".
وأضاف الامين الذي بدى عليه الاعجاب بالتجربة الصينية، "الصين بجهودها الذاتية ونتيجة لما تملكه من خبرات حصلت عليها عن طريق البحوث والدراسات التي تقوم بها الاكاديميات المختصة، حولت المناطق الصحراوية والكثبان الرملية إلى مناطق خضراء، وانشأت مزارع العنب بهذه المناطق، اي انها حققت مردودات اقتصادية ووفرت فرص عمل وقضت على التصحر وساهمت في تحسين البيئة".
ووصف الامين، التجربة الصينية في مجال مكافحة التصحر بانها تجربة غنية أبهرت العالم وباعتراف الامم المتحدة قائلا "عندما زرت سكة الحديد التي كانت تقطع نتيجة زحف الكثبان الرملية اصبت بالذهول، لان هذه المنطقة التي كانت تغطيها الرمال المتحركة، تحولت إلى غابات غناء واشجار كثيفة، من خمسة اطواق، فعلا انها المعجزة الصينية في مكافحة التصحر".
وتابع "نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلتها الصين في مجال مكافحة التصحر فقد اعيدت الحياة إلى العديد من القرى وانشأت العديد من المدن الحديثة في مناطق كانت عبارة عن كثبان رملية وصحراء، انها فعلا معجزة كونها فوق التصور"، مضيفا "ما شاهدناه خلال المشاركة في الدورة يدل على وجود عمل جدي في مكافحة التصحر حقق نتائج كبيرة وعظيمة"، مؤكدا أن الصين قضت على 80 بالمائة من نسبة التصحر.
ودعا الامين إلى تطوير التعاون الحالي بين العراق والصين في مجال مكافحة التصحر كون الصين لديها خبرات عالمية واسعة ومتطورة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها في معالجة قضية التصحر الذي يعاني منه العراق حاليا بسبب الجفاف والحروب السابقة والوضع الامني الذي منع السلطات الزراعية من العمل في المناطق الصحراوية، واحتلال التنظيم المتطرف قبل سنوات لعدة محافظات عراقية.
وقال "يمكن الاستفادة من الخبرة الصينية في مكافحة التصحر بالعراق من خلال نقل زراعة الاشجار والنباتات التي تتحمل الجفاف والملوحة لتثبيت التربة أولا وتوفير غطاء نباتي"، مضيفا "حصلت على معلومات غنية في مجال مكافحة التصحر في الدورة التي نظمتها وزارة التجارة الصينية بالتعاون مع اكاديمية العلوم الزراعية لمكافحة التصحر وجامعة نين جيه وهيئة مكافحة التصحر في الاكاديمية، والقى فيها محاضرات استاذة مختصون فضلا عن زيارات ميدانية للمواقع التي تم القضاء على التصحر فيها وبذلك زادت خبرتي في عملي".
وأشار إلى أن الصين حققت هذه الانجازات في مجال مكافحة التصحر من خلال التثقيف والتوعية للمزارعين، والمزج بين التقنية الحديثة والتقليدية في الزراعة، واستنباط سلالات نباتية جديدة تتميز بمقاومتها للجفاف والمناخ الصحراوي الذي يكثر فيه الغبار، مبينا أن الصين استغلت العامل البشري بصورة صحيحة لذلك حققت طفرة كبيرة في مجال مكافحة التصحر، مبديا اعجابه باسلوب مربعات القش الذي تستخدمه الصين في مجال مكافحة التصحر.
وأكد أن العراق الذي تعرضت حوالي 90 بالمائة من اراضيه للتصحر، يمكنه القضاء على هذه المشكلة الكبيرة من خلال نقل التجربة الصينية في زيادة نسبة الاشجار المزروعة في المناطق الصحراوية وتوفير الغطاء النباتي، وزيادة المراعي، وتوفر الاخشاب وبالتالي يتم القضاء على التصحر فضلا عن تحقيق موارد مالية تساهم في تطوير تلك المنطقة ماديا كما حصل في الصين.
يشار إلى أن الصين حققت تقدما تقنيا كبيرا في مكافحة التصحر والوقاية منه في السنوات الأخيرة اذ حولت العديد من المناطق الصحراوية إلى مناطق خضراء، وقامت بالتعاون مع جامعة الدول العربية بتنظيم دورات للمتخصصين العرب في هذا المجال في الصين والتعلم من التجارب الناجحة للصين وتبادل الخبرات معها.
وأفاد الامين بأن الحكومة الصينية شرعت القوانين الخاصة في مجال مكافحة التصحر وشجعت المواطن الصيني لكي يكون عنصرا مهما في عملية مكافحة التصحر، لافتا إلى أن هذه الأمور شبه مفقودة في معظم البلدان العربية، التي تعاني من مشكلة التصحر، وخاصة العراق.
ويواجه العراق أكبر مشكلة بيئية في تاريخه الحديث تتمثل بالتصحر الشديد والتي تعرض أمنه الغذائي للخطر حيث تعود اسباب التصحر في العراق إلى عوامل طبيعية وبشرية منها قلة الامطار وانحسار وانخفاض منسوب المياه في الانهار ما أدى إلى انتشار الملوحة في الاراضي الزراعية وتحرك الكثبان الرملية وهبوب العواصف الرملية والترابية الشديدة.
وخلص الامين إلى القول "حلمي ان تطبق التجربة الصينية في العراق ونتمكن من القضاء على مشكلة التصحر ونحول الصحراء القاحلة إلى غابات ومناطق خضراء، كما فعلت الصين ذلك" لكنه يستدرك "لا اعتقد ان يتحقق حلمي حاليا بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها العراق من النواحي الامنية والاقتصادية والازمة المالية التي قضت على اغلب المشاريع في مكافحة التصحر".
ويتوقع الخبراء ارتفاع التصحر في العراق بسبب قلة الامطار وتخفيض دول الجوار لكميات المياه الداخلة عبر نهري دجلة الفرات، الامر الذي أدى إلى انخفاض نسبة المساحات المزروعة في البلاد إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، وهذا سوف يؤدي إلى تفاقم التصحر لان هذه الاراضي ستبقى بدون زراعة الامر الذي ينعكس بصورة سلبية على قلة الغطاء النباتي.