ترجمة وتحرير / د. فايزة سعيد كاب
افتتحت الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني -العربي صباح يوم 10 يوليو في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بكين، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية وممثلي 21 دولة عربية عضو بجامعة الدول العربية باستثناء ممثل سوريا لأسباب خاصة، ويعتبر المنتدى من أهم الاحداث الدبلوماسية في العالم العربي. وحضر مراسم الافتتاح الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي القى خطابا مهما بعنوان "يدا بيد لدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية في العصر الجديد". كما تم بعد الظهر توقيع عدد من الوثائق بين الصين والدول العربية.
مستقبل العلاقات الصينية ـ العربية يستحق التطلع اليه!
تعتبر العلاقات الصينية ـ العربية نموذجا للتبادلات متعددة الاطراف على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والتفاهم والدعم المتبادل. ومنتدى التعاون الصيني ـ العربي شاهدا على ذلك. وقد تأسس المنتدى عام 2004 قبل انتهاء حرب العراق بالكامل، وخلال 14 سنة، تناوبت بعض الدول العربية على الاضطرابات وما يسمى " الربيع العربي"، ومع ذلك فإن زخم العلاقات الصينية ـ العربية لم يتوقف ولم يؤثر عليه لا الحروب ولا الاضطرابات.
بلغ التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في عام 2004 حوالي 36.4 مليار دولار أمريكي، ليرتفع العام الماضي الى ما يقرب 200مليار دولار أمريكي. وأعلن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط عن أن حجم التبادل التجاري الثنائي سيصل الى 600 مليار دولار أمريكي في إطار مبادرة " الحزام والطريق"، مما سيفوق حجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة اليوم. وبالطبع، لا تزال الصين والدول العربية تواجهان صعوبات عملية كثير ينبغي التغلب عليها لتحقيق هذا التطلع.
العالم العربي يهتم ويعتز بالعلاقات الودية مع الصين بالرغم من التناقضات والصراعات والمشاكل الداخلية.وعندما كانت قضية التحكيم في بحر الصين الجنوبي أكثر القضايا الساخنة في السنوات القليلة الماضية، اصدرت جامعة الدول العربية بيانا مشتركا لدعم موقف الصين بوضوح بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، ويمكن القول إن ذلك نقطة تحول في " الحرب الدبلوماسية في بحر الصين الجنوبي " الصينية. وتشهد الصين والدول العربية الكثير من الامور المتشابهة التي تدعم بعضها البعض فيها في ظل العالم المتغير، وكلها راسخة في ذاكرة الشعب الصيني.
اليوم، تقف العلاقات الصينية ـ العربية أمام عقدة تاريخية جديدة. وتلخص الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني –العربي الإنجازات الماضية وتعبئة لرحلة جديدة.
يعتبر كيفية زيادة تعميق وتطوير التعاون بين الجانبين لتحقيق التطلعات والاحتياجات أهم ما يهتم به الجانب العربي. وأن الصين والدول العربية ضحية للتنمر الأمريكي، حيث أن الصين أول من يتحمل عبء عصى التجارة الكبيرة التي تلوح بها أمريكا في كل مكان لتدمير النظام العالمي، وإصرار ترامب على نقل السفارة الامريكية من إسرائيل الى القدس بمثابة ازدراء للعالم العربي. وفي هذا السياق، بات تعزيز التعاون الصيني ـ العربي ضرورة وأهمية جديدة.
يتمتع التعاون الصيني ـ العربي بإمكانات كبيرة، وستكون مبادرة " الحزام والطريق" حافظا قويا لتفعيل هذه الامكانات. وموقف العالم العربي تجاه مبادرة " الحزام والطريق " ايجابي للغاية، وانجزت العديد من المشاريع الجيدة. وقد أصبحت مصر ثالث أكبر منتج للألياف الزجاجية في العالم في عام 2017، وتم تصدير منتجاتها إلى أوروبا بمساعدة الشركات الصينية.
لقد كانت منطقة الشرق الاوسط التي تعيش فيها الدول العربية مركز اهتمام القوى العظمى على مدى العقود الماضية، ما أدى الى تكثيف التناقضات الداخلية والخارجية للعالم العربي، وتحت التأثير المشترك، أصبح الشرق الاوسط أكبر مصدر للاضطرابات في العالم. وتلك القوى العظمى ينبغي عليها تحمل المسؤولية الرئيسية. وقد جلبت الصين كقوة هادئة وبناءة آمال تنمية قيمة على هذه الارض التي مزقتها الحرب. حيث أن " التنمية" هي وحدها التي تعمل على حل الوضع الفوضوي في الشرق الاوسط لسنوات عديدة.
قبل انعقاد الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي، عقد الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الصين ودول أمريكا اللاتينية في بداية هذا العام، وستعقد في سبتمبر المقبل قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني ـ الافريقي. وتغطى المنتديات الثلاث معظم الدول النامية في العالم، وهي حدث دبلوماسي كبير بالسنة للصين، واعتراف شامل بالنمط والمبادئ الدبلوماسية الصينية من قبل الدول غير الغربية.
واجه العالم تغيرات كبيرة خلال المائة عام الماضية. وتواجه البلدان النامية فرصا غير مسبوقة فضلا عن تحديات غير مسبوقة. وفي الماضي، عاشت الصين و22 دولة عربية مثل الاخوة والاشقاء. وفي المستقبل، ستعمل الصين والدول العربي لبناء مجتمع مصير مشترك أيضا.