ترجمة وتحرير/ د. فايزة سعيد كاب
شهدت منطقة الشرق الأوسط هذا العام استمرار الأوضاع المتأججة من خلال تطور التناقضات وتكثيف اللعبة والصراعات المتكررة، وتعديل الهيكل الجيوسياسية الأصلي بشكل أكبر ونمو وإعادة تنظيم نقاط القوة المختلفة. من بينها، أصبحت التشابكات الشرسة بين إيران وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وتركيا وغيرها من الدول الكبرى على نحو متزايد، ما لا شك فيه أنه سيكون له تأثير عميق على نمط الشرق الأوسط في المستقبل.
يعتقد لى تشن، محلل صحفي بوكالة انباء الشينخوا أن الصراع والمنافسة بين إيران وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وتركيا وغيرها من الدول الكبرى له تأثير كبير على الشرق الأوسط، باعتبارهم دول أساسية وكبرى في المنطقة.
ايران .. ضغط مزدوج
ازداد الضغط الخارجي ضد إيران وتدهورت البيئة الدولية بشكل ملحوظ منذ إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاقية النووية الإيرانية. وأشار المحلل إلى أن إيران طلبت من الموقعين الآخرين "ضمان المصالح الإيرانية" بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية، لكن في الواقع، تحقيق هذا الطلب ليس سهلا. من جهة، تسعى إيران الى الحصول على استثمارات اوروبية وزيادة صادرات النفط والغاز الى اوروبا، لكن ارتباط مصالح الشركات الاوروبية الكبرى ارتباطا وثيقا بالولايات المتحدة يجعل التعاون مع إيران صعب الاستمرار في ظل خطر العقوبات الامريكية. كما لا توجد استجابة فعالة من قبل الحكومات الاوروبية بالرغم من اهتمامها الكبير بالحفاظ على مصالح شركاتها. ومن ناحية اخرى، تعتمد إيران بشكل كبير على الدولار الامريكي لتجارتها الخارجية وحساب صادراتها النفطية والغازية، ما يجعل من المؤكد تعرض الاقتصاد الايراني للتأثيرات السلبية من العقوبات المالية الامريكية، ولا تستطيع الدول الاخرى تعويض هذا التأثير بشكل كامل. وفي مواجهة الضغوط الأمريكية، قد يصبح لدى المتشددين الإيرانيين ضد الولايات المتحدة اليد العليا مرة أخرى. وقد اعلنت إيران في وقت سابق من هذا الشهر، انها ستزيد قدرتها على تخصيب اليورانيوم والاستعداد لصنع جهاز طرد مركزي جديد. ولا تزال الاشارات الصادرة مثيرة للتفكير بالرغم من تأكيد إيران على أن هذه الانشطة لا تزال ضمن أطار الاتفاق النووي الايراني.
إسرائيل .. تغتنم الفرصة
الصراعات الداخلية المعقدة في العالم العربي خففت الضغط على إسرائيل من ناحية، ومنحت إيران التي تعتبرها إسرائيل أكبر منافس لها مساحة أكبر للأنشطة من ناحية أخرى، ما ادى الى شدة الصراع بين إسرائيل وإيران، وتراجع الصراع الاسرائيلي مع الدول العربية إلى موقع ثانوي.
كما عزز انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الايرانية ونقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس ثقة إسرائيل. ما جعل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة يحاول إقناعهم بالتخلي عن الاتفاق النووي الإيراني.
يعتقد اوفي اسلاي خبير بمعهد السياسات والاستراتيجيات بمركز هرتسيليا متعدد المجالات الإسرائيلي، أنه في الوقت الحاضر، إسرائيل ليس من مصلحتها خلق صراع مباشر مع إيران، ولا تريد تصعيد الوضع في قطاع غزة، لكنها ستنتهز الفرصة لمواصلة قمع قوة إيران في سوريا.
المملكة العربية السعودية .. موقف قاس وقوي
سعت المملكة العربية السعودية باعتبارها القوة الاقتصادية الرائدة في العالم العربي الى تعزيز نفوذها لمواجهة الفوضى التي تشهدها المنطقة في السنوات الاخيرة. كما شهدت المنطقة بداية لعبة شرسة بين المملكة ممثل القوى السنية وإيران ممثل الشيعة في اليمن وسوريا ولبنان.
يعتبر التعاون بين قطر وإيران أحد اسباب ازمة قطع العلاقات بين دول الخليج تمثلها المملكة العربية السعودية وقطر والتي لا تزال بوادر حلها بعيدة.وصرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ذات مرة بأن المملكة مستعدة ل " العداء" مع قطر في العقود المقبلة. وبسبب إيران ايضا، بدأت المملكة العربية السعودية الاقتراب من اسرائيل التي لم تكن تربطهما علاقة اصلا سابقا.
وفيما يتعلق بقضية اليمن، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن المملكة لن تسمح للحوثيين المشاركة في العملية السياسية اليمنية إذا لم يسلم أسلحتهم. ولكن، جماعة الحوثيين المسلحة رفضت ذلك.
والجدير بالذكر أن المملكة السعودية قد لا تكون غير مبالية إذا انسحبت إيران من الاتفاقية النووية الايرانية. وفي شهر مارس هذا العام، قال ولي العهد عشية زيارته للولايات المتحدة أن المملكة ستتبع ايران في أقرب وقت ممكن إذا ما نجحت في صناعة الأسلحة النووية.
تركيا .. اخذ زمام مبادرة الهجوم
يعد تنامي القوات الكردية في سوريا والعراق من بين أهم مخاوف تركيا. كما أعطت الخلافات بين إيران وإسرائيل والمملكة العربية السعودية واللعبة بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط فرصة لتركيا ثني قدمها.
وأشار المحلل إلى أن تحقيق بعض الإنجازات من العمليات العسكرية ضد الاكراد سيعزز بلا شك موقف أردوغان في البلاد، ومن الممكن تعزيز طموحات الاخير الاقليمية إذا استمرت الولايات المتحدة والبعض الاخر في التنازلات من شأن الاكراد، وقد تمارس تركيا في ظل حكم اردوغان نفوذا أكبر على مسرح الشرق الاوسط.