بكين 14 مايو 2018 /وسط التوترات المتصاعدة بين إيران واسرائيل في الشهر الماضي، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة شملت الصين وروسيا ودول أوروبية، ما يظهر نية إيران الخالصة لضبط النفس في إطار التحركات العسكرية مع إسرائيل، ويؤكد أن الاتفاق النووي الإيراني هو محور الاهتمام لدى طهران وليس النزاع مع إسرائيل.
أجرى عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثات يوم الأحد مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في بكين، وأكد وانغ أن الاتفاق النووي الإيراني قد تحقق بصعوبة، وساعد في حماية النظام الدولي من الانتشار النووي وحافظ كذلك على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وكطرف مهم، بذلت الصين الكثير من الجهود في عملية التوصل إلى الاتفاق وتنفيذه، حسبما أوضح وانغ، مؤكدا أن "الصين ستتخذ موقفا موضوعيا وعادلا ومسؤولا، وستحافظ على التواصل والتعاون مع جميع الأطراف المعنية. كما ستواصل العمل للحفاظ على الاتفاق."
وقال ظريف من جانبه، إن من مسؤولية وواجب جميع الأطراف ضمان تنفيذ الاتفاق النووي بشكل مستدام وشامل وفعّال، وإن إيران مستعدة للقيام بجهودها.
يشكل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، عنصرا خطيرا لدفع تفاقم الصراع في الشرق الأوسط. فبعد يوم واحد، اندلعت أعمال عدائية بين إيران وإسرائيل في سوريا، حيث اتهمت إسرائيل إيران بتنفيذ "هجمات صاروخية" على مواقع عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان، وردا على ذلك قامت إسرائيل بـ"انتقامات مثل الفيضانات" على عشرات من الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا.
ووصفت مجلة ((أتلانتك)) الأمريكية هذه الجولة من الهجمات الجوية على أنه أكبر عملية عسكرية شنتها إسرائيل ضد أهداف داخل الأراضي السورية في السنوات الأخيرة، كما أنها ضربة قوية نادرة للغاية تنفذها إيران ضد أهداف إسرائيلية.
وقال ناتا ساس، مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في الولايات المتحدة، إن الصراع "ليس مفاجأة أو حركة مندفعة، ولكنه جزء من الصراع الهيكلي بين إسرائيل وإيران في المنطقة."
بالنسبة لإسرائيل، يعد وجود القوات الإيرانية في الأراضي السورية، وخاصة في المناطق القريبة من الجانب الإسرائيلي، مثل نشر قوات إيرانية وبناء مراكز عسكرية ومرافق لها، خطا أحمر لها، ويستحق الاهتمام وإطلاق الهجمات عليه. ومع تأييد إدارة ترامب، عززت إسرائيل هجماتها على الأهداف الإيرانية داخل سوريا.
ومنذ عام 2012، شنت إسرائيل أكثر من 100 هجمة جوية على "أهداف متعلقة بإيران في داخل أراضي سوريا"، حتى أن بعض المحللين الصينيين قد وصفوا العلاقات المتوترة بين إيران وإسرائيل بأنها مثل "سيارة فيها دواسة تسريع ولكن بدون فرامل"، محذرين من خروج الاشتباكات عن نطاق سيطرة الأطراف المعنية.
ولكن فيلاديكمير فيجين، رئيس مركز الشرق الأدنى والمتوسط للمعهد الروسي للإستراتيجية، استبعد إمكانية تصاعد الاشتباكات بين البلدين إلى حرب شاملة، قائلا إن "إسرائيل أرسلت إشارة تحذير فقط،" لأن البلدين يدركان النتائج الفادحة المحتملة لحرب مباشرة بين قوتين كبيرتين في المنطقة، وما هي إلا "لمنع زيادة الوجود الإيراني بالمناطق القريبة من إسرائيل."
أما بالنسبة إلى إيران، فإن التحديات الأكبر لها هي العلاقات مع الولايات المتحدة وخاصة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، "وتحتاج كل من إيران وإسرائيل إلى إعادة تقييم الوضع الجديد،" وفقا لما قاله خبير الشؤون الإيرانية آليداد باردو وهو أستاذ في الجامعة العبرية في القدس.
وقال ليو تشونغ مين، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة شانغهاي للغات الأجنبية، في مقالة نشرها يوم الأحد، إن الصراع "سيبقى على الأغلب بوتيرته الحالية، ولن يتصاعد إلى حرب إقليمية، مضيفا بقوله أن "إسرائيل تعتقد أنها تستطيع شن ضربات جراحية دقيقة بدلا من إثارة صراع أوسع النطاق".
وأوضح ليو في المقالة، في صدد هذا الأمر، "علينا ألا ننسى الدور الذي تلعبه روسيا نظرا لما تملكه من المصالح الإستراتيجية الكبيرة في سوريا ووجودها العسكري القوي في المنطقة" .