دمشق 8 مايو 2018 / أكد عدد من المحللين السياسيين في سوريا يوم الثلاثاء أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يهدد الأمن والسلم الدوليين، وسيكون له نتائج إيجابية لجهة زيادة دعم ايران لسوريا، مشيرين إلى أن أمريكا تريد أن تضغط على ايران لتقديم المزيد من التنازلات، فيما يخص وجودها في سوريا لصالح إسرائيل.
وبين المحللون السياسيون أن إيران لا ترغب في فتح جبهات في الوقت الراهن، وأنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق بالرغم من انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه، مؤكدين أن الدول الخمس الأخرى أبدت التزامها بالاتفاق النووي.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوري حميدي العبدلله أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لن يكون يؤثر بالسلب على الأزمة السورية، مؤكدا أنه "سيزيد التزام إيران تجاه سوريا"، مشيرا إلى أن الانسحاب الأمريكي سيهدد السلم والأمن الدوليين.
وقال العبدلله في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "الوضع في سوريا سيكون أحد الأوراق التي تمتلكها إيران للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا".
وأوضح العبدلله أن الحرب التي شنت على سوريا منذ البداية هي "تصفية حسابات بمعنى أنهم فجروا الحرب في سوريا لأنها تعاونت مع إيران ورفضت الخضوع للضغوط الأمريكية"، مشيرا إلى أن سوريا دفعت ثمن ذلك، واليوم سوريا بحاجة لكل دعم إيراني لمواجهة هذه الحرب التي شنت عليها.
وأكد المحلل السياسي أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد معاقبة إيران للحد من نفوذها وتدخلها العسكري في سوريا وفي بعض دول المنطقة.
ومن جانبه أكد المحلل السياسي عصام هلالي، وهو باحث مهتم بالشأن الإيراني، أن إيران أعلنت موقفها مسبقا بأنها لا علاقة لها بما يتخذه الرئيس الأمريكي ترامب من موقف من الاتفاق النووي الذي حصل بين إيران والدول الكبرى الست، مبينا أن الخاسر الأول والأخير هو الغرب والولايات المتحدة.
وأضاف هلالي في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) "بالنسبة للسياسة الخارجية أي السياسية الإقليمية سواء إن كانت في سوريا أو في مناطق أخرى، فإن السياسة الإيرانية لن تتغير وسوف تستمر في دعمها المطلوب، وستكون الداعم الأكبر للشعب والحكومة السورية في حربها ضد الإرهاب ".
وبين المحلل السياسي أن إيران ليست في وارد الدخول في حرب مع أمريكا، وفتح جبهات أخرى لا طائل من وراءها ، مشيرا إلى أن الحكومة الإيرانية تميل للسلم واستتباب السلام العالمي، مؤكدا أن ما تريده إيران في سوريا هو دعم الشرعية في البلد وأن ينعم هذا الشعب بالسلام والأمان .
وأشار هلالي إلى أن "إسرائيل مرعوبة مما يحصل في سوريا لاسيما أن إسرائيل عولت كثيرا على هذه الأزمة لخدمة لمصالحها"، مؤكدا أنه "كلما اقتربت المقاومة من حدود إسرائيل، فهي تحاول أن تخلق ذرائع كثيرة كي تضرب المواقع التي يتواجد بها المستشارون العسكريون الإيرانيون في سوريا".
واستبعد هلالي وجود صدام بين إسرائيل وإيران على المدى المنظور على الأرض السورية، مبينا وجود تصعيد وهجوم إسرائيلي على مواقع عسكرية سورية بزعم أنها مراكز للمقاومة وإيران.
وبدوره، قال هيثم حسون، وهو محلل سياسي سوري آخر، إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني يأتي في إطار السيناريوهات المتوقعة في الفترة الماضية.
وأضاف حسون أن الرد من الجانب الإيراني سيكون هادئا نوعا ما وعيا منها بأن الأطراف تريد استدراجها إلى ردة فعل يمكن أن تؤدي إلى ضربة عسكرية لها، مؤكدا أن "هذا الأمر مستبعد".
وأشار إلى أن إسرائيل ومن خلال التحضيرات السابقة أوحت بتوجيه ضربة عسكرية ضد مواقع عسكرية يقال إنها إيرانية داخل الأراضي السورية.
ولفت حسون إلى أن ايران ستواصل دعم سوريا في حربها ضد الإرهاب ، مبينا أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق يأتي في إطار ممارسة الضغوط على إيران.
وتتعرض إيران في الفترة الماضية لضغوط سياسية متزايدة من قبل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، التي تتهمها بأنها "أكبر جهة دولية داعمة للإرهاب ومزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط".
وتم إبرام الاتفاق النووي، المعنون رسميا بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، في 14 يوليو من العام 2015، بين إيران من جهة، ومجموعة "5 + 1"، التي تضم جميع الدول الـ5 دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي روسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا، من جهة أخرى، في إطار الجهود الدولية لتسوية قضية ملف طهران النووي التي استمرت سنوات طويلة.
وأعلنت الدول، التي وقعت على الوثيقة، في 16 يناير 2016، إطلاق تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة، التي تقضي برفع العقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية السابقة، مقابل قيام طهران بالحد من نطاق برنامجها النووي ووضعه تحت المراقبة الشاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة مرارا أن الحكومة الإيرانية تلتزم بالصفقة، وحذرتا الإدارة الأمريكية من التداعيات الخطيرة لانسحابها من الاتفاق النووي، فيما دعت الدول الأخرى المشاركة في الصفقة مرارا الولايات المتحدة إلى البقاء في الاتفاق.