كشف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز بوزارة الدفاع الإسرائيلية مؤخرا خطة إيران السرية لإخفاء تطوير الأسلحة النووية من اعين المجتمع الدولي، مما تسبب في قلق واسع النطاق في المجتمع الدولي.
الضغط يولد المواجهة
"إيران تكذب". جملة استهل بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابه المتلفزة حول خطط تطوير أسلحة نووية في إيران. وقد لاحظت رويترز أن نتنياهو القى خطابه باللغة الإنجليزية أولا ثم العبرية، ما يدل على أن الخطاب القى امام جمهور بالخارج، رغم بثه على الهواء مباشرة من قبل محطات تلفزيونية إسرائيلية.
في الواقع، اسرائيل لم تدخر اي جهد للضغط على ايران في المسالة النووية الايرانية طيلة الفترة الماضية، ولم تقف المواجهة بين البلدين على مستوى التصريحات والانتقادات المتبادلة ،وأنما تجاوزت إلى تجارب واقعية بدأت تظهر منذ عام 2018.
وفقًا لتقارير اعلامية لوزارة الدفاع الامريكية، ذكرت وزارة الدفاع الاسرائيلية أنها اسقطت في يوم 10 فبراير طائرة ايرانية دون طيار كانت قد دخلت المجال الجوي الاسرائيلي. وان اسرائيل قامت بعد ذلك بشن هجوم على قوات إيرانية في قاعدة " T4" الجوية السورية، أدى الى مقتل مسؤول كبير في مشروع طائرة دون طيار الإيراني. وخلال الغارة الجوية، اسقطت مقاتلة إسرائيلية من طراز إف-I16 بعد تعرضها “لنيران مضادة للطائرات” من قبل القوات السورية.
ومنذ ذلك الحين، هاجمت اسرائيل اهداف إيرانية عدة في سوريا. في ابريل هذا العام، أطلقت اسرائيل الصواريخ على المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا مرتين بعد ما يسمى بحادث الضربات الكيميائية السورية.
"إيران واسرائيل في مواجهة مباشرة وهادئة في الساحة السورية". أكد توماس فريدمان كاتب عمود في جريدة «نيويورك تايمز» في مقاله أن خطر الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل خطير للغاية.
معارضو حيازة الأسلحة النووية يثيرون قلقا واسعا
قال تشين تيان، باحث مساعد في معهد دراسات الشرق الأوسط بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة في مقابلة صحفية مع صحيفة الشعب اليومية:" استراتيجية إسرائيل الوطنية تهدف الى تحقيق التفوق المطلق في الشرق الأوسط بالاعتماد على القوات النووية." مضيفا:” إسرائيل تمتلك تكنولوجيا نووية متقدمة بالفعل ، ويعتقد المجتمع الدولي انها دولة دخلت "العتبة النووية".
كقوة إقليمية تنافسية في المنطقة، طالما اعتبرت اسرائيل إيران أكبر منافس لها في الشرق الاوسط، ما يجعل قرب إيران من " العتبة النووية" يزعج اسرائيل بشدة، حيث لا يمكن لإسرائيل قبول وجود قوى اخرى تنافسها في الشرق الأوسط. ويعتقد تشين تيان أن كشف اسرائيل البرنامج النووي الايراني بكل هذه الدقة واختيار التوقيت يظهر قلقها الشديد بشأن هذه المسألة.
وفقا لتقرير صحيفة " إسرائيل تايمز"، فإنه في وقت مبكر من عشية التوصل الى اتفاق إيران النووي عام 2015، قال نتنياهو:" إسرائيل لن تقبل الاتفاق الذي يسمح لدولة تريد القضاء علينا بتطوير اسلحتها النووية."
كما أن الأيديولوجية السياسية والمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط ساهم في خلق تعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل للحد من إيران: من ناحية، تنياهو بات يلعب علنا بوضع الزيت على النار، ومن ناحية اخرى، ترامب سعيد بدفع الوضع نحو المزيد من الارباك.
سحب السيوف في اللعبة الاقليمية
تعتقد “سي إن إن" الأمريكية أن إيران وإسرائيل أقرب الى الحرب من أي وقت مضى. وفي الواقع، وفقا لما ذكرته قناة الجزيرة القطرية يوم 2 مايو، قامت اسرائيل مؤخرا بتجميع قواتها في منطقة الحدود الشمالية وأغلقت جزءا من المجال الجوي فوق الحدود السورية الاسرائيلية. وأقرّ الكنيست الاسرائيلي يوم 1 مايو قانونا يسمح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع ان يتخذا سويا قرار شنّ عملية عسكرية أو حتى خوض الحرب في حالة الطوارئ.
ومع ذلك، يبدو أن تناقض موقف ترامب الذي ينوي الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني مع الموقف الموحد لثلاث دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد لا يؤدي الى ابطال الاتفاقية الايرانية النووية، في المقابل، ذكرت روسيا الداعمة لإيران انه لا مجال لأي تغيير في الاتفاقية النووية الايرانية.
لقد اصبحت القضية النووية الايرانية والمواجهة الايرانية الاسرائيلية والفوضى في سوريا صورة مصغرة لصراع الدول الكبرى في الشرق الاوسط. ويعتقد سونغ تشونغ بينغ معلق بتلفزيون فينيكس حول تطور الوضع في الشرق الاوسط، أن اللعبة الجديدة سوف تدور حول أيران والمملكة العربية السعودية، وتتكشف مشكلة التحالف الاسرائيلي، ولا يستبعد صعود روسيا وإيران وسوريا وحزب الله في لبنان في اللعبة بين مجموعتين سياسيين رئيسيتين، والتي تشكل تحالفات مع الولايات المتحدة واسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول ناتو.
اصبحت منطقة الشرق الاوسط التي تعيش فوضي عارمة مشغولة بالقضايا العرقية والدينية ومصالح الدول ولعبة الدول الكبرى وغيرها.